الأورومتوسطي: لا جديد في ملف العدالة بعد 150 يومًا على تولي حكومة “السوداني” السلطة في العراق


جنيف – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ أبرز الملفات التي ينتظر فيها الضحايا تحقيق العدالة ما تزال تراوح مكانها رغم مرور 150 يومًا على بدء عمل الحكومة العراقية برئاسة وزير حقوق الإنسان الأسبق “محمد شيّاع السوداني”.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الثلاثاء أنّ “السوداني” تعهّد في المنهاج الوزاري لحكومته بحماية وتعزيز حقوق الإنسان ومراجعة عدة ملفات مرتبطة بالشأن الحقوقي مثل “الظواهر السلبية في مراكز الاعتقال” و”ضمان عدم الإفلات من العقاب” في جرائم قتل المتظاهرين، لكنّ تلك التعهدات لم تترجم بإجراءات عملية جادة بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على عمل الحكومة.

ولفت إلى أنّ مجلس الوزراء العراقي لم يناقش خلال أكثر من عشرين اجتماعًا عقدها منذ بدء أعماله أي آليات لتفعيل وتطوير منظومة المساءلة، ولم يتخذ قرارات دقيقة ومحددة لإنصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن جرائم التعذيب في السجون، وجرائم قتل متظاهري احتجاجات أكتوبر/ تشرين أول 2019، فضلًا عن تجاهل المتابعة الجادة لعشرات حالات الإخفاء القسري لناشطين مدنيين خلال السنوات الماضية.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ مراكز الاحتجاز والسجون العراقية ما تزال تشهد انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان تصل في كثير من الأحيان إلى القتل، إذ توفي خلال الأعوام الماضية مئات المحتجزين بسبب التعذيب وظروف الاحتجاز السيئة، كان آخرهم المعتقل “محمد مزعل جاسب”، والذي توفي قبل أيام بسبب التعذيب –وفق عائلته- بعد نحو أربعة أيام من احتجازه على ذمة قضية مدنية في مركز شرطة “المعقل” بالبصرة.

وأشار إلى أنّ الحكومة العراقية لم تحرز أي تقدم باتجاه إنهاء التجاوزات القانونية الجارية في المحاكم، بدءًا بتوجيه التهم بناء على المعلومات التي يقدمها “المخبر السري”، ومرورًا بإرغام الموقوفين على الاعتراف تحت التعذيب، وانتهاء بتوجيه عقوبات مجحفة وخصوصًا للناشطين المدنيين والصحافيين.

ووثّق المرصد الأورومتوسطي خلال السنوات الماضية انتهاكات خطيرة لحقوق النزلاء والموقوفين في العراق، مثل مقتل عدد من النزلاء في البصرة بعضهم اعتُقل عن طريق الخطأ، وتعذيب محتجزين داخل مقرّات أمنية ، وخاطب السلطات مرارًا لإنهاء هذه الممارسات غير الإنسانية.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنه على الرغم من تخصيص المكتب الإعلامي لـ”السوداني” في نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2022 عنوان بريد إلكتروني لاستقبال شكاوى من تعرضوا للتعذيب أو انتزاع اعترافات بالإكراه، ووصول عدد الشكاوى إلى 5 آلاف شكوى، إلا أنّ الحكومة وأجهزتها المختصة لم تعلن عن اتخاذ أي إجراءات لمحاسبة المتورطين بالجرائم المرتكبة في السجون ومراكز التوقيف.

ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الحكومة العراقية لم تعلن حتى الآن عن أي قرارات أو إجراءات عملية تتعلق بمحاسبة المتورطين في الجرائم التي رافقت احتجاجات أكتوبر/ تشرين أول 2019، إذ قتلت القوات الأمنية والميليشيات المسلحة نحو 730 عراقيًا، وجرحت أكثر من 25 ألفًا آخرين، وأخفت قسرًا عشرات المتظاهرين السلميين خلال نحو ستة أشهر.

ولفت إلى أنّ استمرار الجمود في ملف محاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم يثير قلقًا عميقًا بشأن جدّية التعهدات التي أطلقتها الحكومة العراقية، إذ كان ينبغي أن تعطي هذا الملف أولوية قصوى بالنظر إلى خطورة الجرائم التي ارتُكبت خلال تلك المدة.

وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني” إنّ “الاكتفاء بإطلاق الوعود واستقبال الشكاوى لا يسهم بأي حال بتحسين حالة حقوق الإنسان المتردية في العراق، إذ ينبغي المباشرة باتخاذ خطوات عملية لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وعدم التذرع بالأوضاع السياسية للتنصل من هذه المسؤوليات.

وأضاف أنّ المادة (2) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1984)، والتي انضم إليها العراق عام 2011 تنصّ على وجوب أن تتخذ الدول إجراءات فعالة لمنع أعمال التعذيب، وعدم جواز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت كمبرر للتعذيب.

ودعا المرصد الأورومتوسطي رئيس الوزراء العراقي “محمد شياع السوداني” إلى إنهاء تأخير مناقشة الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان وتحقيق العدالة، واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الممكنة لإنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وضمان عدم إفلات مرتكبي جرائم التعذيب والقتل والإخفاء القسري وغيرها من الجرائم الخطيرة من العقاب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here