عادات ومأكولات رمضانية عراقية: رمضان والصوم في القرآن الكريم (ح 1)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب الصوم للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم أو كان حرجا ومشقة فيجوز لهما الافطار، لا إشكال كما لا خلاف في سقوط الصوم عمن كان حرجا ومشقة عليه وكلفة لا تتحمل عادة وإن كان قادرا عليه كالشيخ والشيخة. ويدل عليه بعد عموم دليل نفي الحرج الكتاب العزيز المعتضد بالروايات الخاصة الواردة في المقام الناطقة بأن وظيفته الفداء. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة 183-183) تضمنت الآية المباركة تقسيم المكلفين إلى أقسام ثلاثة. فمنهم من يتعين عليهم الصيام اداءا وهم الأفراد العاديون من الحاضرين الاصحاء. حيث أن التعبير ب‌ “كُتِبَ” وكذا التعبير ب‌ “فَلْيَصُمْهُ” (البقرة 185) في ذيل الآية اللاحقة ظاهر في الوجوب التعييني. ومنهم من يتعين عليه القضاء: وهو المريض والمسافر. “أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة 184).

روي عن عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: إن أبي سأل جدك عليه السلام عن ختم القرآن في كل ليلة، فقال له: في شهر رمضان قال: افعل فيه ما استطعت، فكان أبي يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان، ثم ختمته بعد أبي فربما زدت وربما نقصت، وإنما يكون ذلك على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي، فإذا كان يوم الفطر جعلت لرسول الله صلى الله عليه وآله ختمة ولفاطمة عليها السلام ختمة وللأئمة عليهم السلام ختمة حتى انتهيت إليه فصيرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحالي فأي شئ لي بذلك ؟ قال: لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة، قلت: الله أكبر فلي بذلك ؟ قال: نعم ثلاث مرات.الكافي: 2 ،821.

جاء في موقع الجزيرة عن رمضان زمان في العراق والتكافل الاجتماعي بأبهى صوره: لهذا يتمسك العراقيون بهذه العادات والتقاليد الرمضانية: يتسابق العراقيون لإحياء بعض العادات والتقاليد الرمضانية التي ورثتها الأجيال خلال أيام الشهر الفضيل، إذ تتشابه بعضها مع الموجود في بعض الدول العربية والإسلامية وتختلف في بعضها الآخر. صلة الرحم: تعتبر زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء من أبرز العادات والتقاليد المتوارثة خلال شهر رمضان المبارك لدى العراقيين، حيث تزداد خلال أيام الشهر الفضيل وتعتبر صلة رحم خاصة وأنها تمارس كطقس رمضاني، ويقضي غالبيتهم ساعات ما بعد الإفطار في منازل بعضهم بعضا، وتصل أحيانا إلى أوقات السحور وتتخللها جلسات نقاشية في شتى المجالات وأبرز الأحداث التي يمر بها العراقيون. تبادل الأطباق: ما يميز شهر رمضان المبارك في العراق أنك ستجد على سفرة أي دار تدخلها أطباقا مختلفة من المأكولات الرمضانية ليس من صنع أصحاب الدار فقط، وإنما بعضها يكون من صنع الجيران والأهل. وجرت العادة في العراق أن يتبادل الجيران والأقارب أشهى المأكولات الرمضانية فيما بينهم، ويبادر بعض الأشخاص بإرسال أفضل طبق في فطورهم إلى جيرانهم أو أقاربهم والعكس أيضا، حيث يستبدلونه ويضعون مكانه طبقا آخر يكون مميزا على سفرتهم الرمضانية. تكافل اجتماعي: يقول المواطن العراقي مصطفى وجيه “لرمضان نكهة خاصة، لديَ فريق تطوعي نشعر بوجوب مساعدة بعضنا بعضا ونساعد من هم بحاجة لذلك، لذا نقوم بنشاطات إنسانية خلال الشهر الفضيل ونعمل على شراء مواد غذائية (أرز، زيت، عدس، فاصوليا، شاي، معجون، حليب ودجاج وغيرها) وتوزيعها على شكل سلات غذائية على الفقراء والمحتاجين لسد احتياجاتهم في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة وارتفاع الأسعار سنويا. ويضيف (نقوم بذلك مع فريقي التطوعي الذي يجمع التبرعات، وما يتبقى من الأموال نجهز به ملابس للأطفال الأيتام ونوزعها قبل العيد لافراحهم. دورنا مساعدة من هم أقل منا حظا ومالا وضمن مسؤوليتنا اتجاه المجتمع مع زيادة أعداد الفقراء والمحتاجين وعجز الجهات المعنية عن الحد من الأزمة الاقتصادية). طقوس السحور: تتشابه مظاهر طقوس السحور مع الدول العربية والإسلامية، حيث تستعد المرأة العراقية لتحضير السحور قبل وقت الإمساك بفترة قليلة لتقديم أشهى المأكولات لوجبة السحور التي تفضلها العوائل لمقاومة ساعات الصيام الطويلة. المحيبس: ما يميز رمضان العراق عن باقي الدول العربية والإسلامية، وجود لعبة المحيبس (الخاتم) التي تتوارث من جيل إلى آخر ومستمرة ليومنا هذا، واليوم ورغم وجود جائحة كورونا وتفشيها في العراق وإلغاء أبرز البطولات التي تنظم في الشهر الفضيل والتي كان تتنافس فيها فُرق من مختلف مناطق بغداد ومحافظات العراق، فإن ذلك لم يمنع أن تمارس بين الأهل والأصدقاء على شكل مجموعات صغيرة في المنازل أو الأزقة أو الحدائق العامة. وتلعب على طريقة إخفاء المحيبس في يد أحد الفريقين المتنافسين فيما بينهما، وينبغي على الفريق الثاني (الخصم) محاولة اكتشافه واستخراجه، الأمر الذي يتطلب استخدام كلمات وأهازيج مشجعة تزيد من إثارة اللعبة، إضافة إلى ذلك أدب الجلوس وحسن التعامل مع الخصم، وعندما يفوز أحد الفريقين سيكون من نصيبه أشهى الحلويات البغدادية لاسيما زنود الست و البقلاوة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here