المُندٍدون الجُدد!!

د.شكري الهزَّيل

القافلة تسير والحمولة اخذة بالتلاشي بين مسافة محطة زمنية واخرى وبين قمة وقمة اخرى وبين تنقل الاحداث من نقلة الى نقلة عبر زمن تزمن زمانه وتصنمَّ في مكان ما على الارض نفسها والطريق نفسها فيما ابوزيدان مازال يتمكن مكانة يتابع محطات مذياعة العتيق وهو” الترانزيستور” نفسة الذي بث الخطابات والبيانات وتربع على عرش صندوق العجب الذي سبقه في اذاعة كم هائل من بيانات الحروب والاحداث العربية والعالمية,وكلما نكشت ذاكرته وجدته يتحدث عن ” احمد سعيد” وحرب الايام الستة وما سبقها وما تلاها لكنه لم ينسى اخر كلمات ذاك السعيد التعيس الذي قال” لكم الله ياعرب” ومن ثم ترك المذياع وهرب وذهب بلا عودة وعاش قبل وفاته طويلا بعيدا عن الاضواء الاعلامية بعد ان كان نجم ” المعلقين” في خضم معركة خاسرة حاول فيها ان يرفع معنويات ” العربان” رغم ادراكه ومعرفته ان “قواتنا لم تضرب لا تل ابيب ولم تدك بئر السبع ولم تحرر القدس” والعدو يحتل مناطق شاسعة على جبهات عدة من دول الطوق اللتي تطوق فلسطين…
تنَّهد ابوزيدان تنهيدة عميقة وتذكر بكاءه بحرقة في زمان النكسة وعاد بعد عقود ليبكى ذاكرة اليمة المت به منذ ذاك الزمن البعيد والقريب حين سمع كذبة ان “دباباتنا” بلغت مشارف ” تل ابيب” فيما الحقيقة ان دبابات تل ابيب كانت ترسي وتاخذ مواقعها على شواطئ غزة و قناة السويس وسيناء وما بعد بعد بحيرة طبريا وما بعد بعد الغور وفلسطين المحتلة حين تلاشت حماسة اغنية “مرحا لمدرعاتنا” الاردنية حتى جاءت وحلت محلها اخبار جديدة تسمى” الاراضي العربية المحتلة ومناطق ال67 وال48″ وهي اخبار ما زالت قائمة حتى يومنا هذا وزد عليها ان الكيان الغاصب قد تحول في الاعلام العربي الى دولة ” اسرائيل” والفتات اطلق عليه” الاراضي الفلسطينية المحتلة” وما ادراك ما المحتلة في تعاريف قواميس الهزيمة العربية والانظمة العربية المهزومة..!!
يتذكر ويذكرابوزيدان الكثير من العمليات الفدائية وحرب رمضان” اكتوبر”1973″ وكامل الانتفاضات الفلسطينية ومعركة الكرامة وحرب لبنان لكنه يركز في ذاكرتة على حرب” الايام السته”1967 وهو العام الذي فقد فيه والده الكهل برصاصة طائشة على مشارف القدس لكن اللافت ان ابوزيدان لم يستعيد جثمان والده ولم يتم دفنه حتى يومنا هذا الذي تقدم فيه ابوزيدان في العمر وصار راسة ” ابيض غطيس” وعكازة المعكوف لا يفارقه ينكش الارض ويدعو لوالدة بالرحمة ويأمل لقاءه في جنة الاخرة…الساعة صارت الرابعة عصرا وحان موعد اخبار ابوزيدان الذي يجهل اسم محطة البث ويسميها صوت ” العرب” رغم انها ليست هذا ولا تبدو هكذا لكن ابوزيدان يطق الزربنصف دورة يد ويصنت لمقدمة عناوين الاخبار ومن ثم لتفاصيلها: كان زمان يقولون جاءنا” الان ما يلي” والان يتحدثون عن فلسطين وكأنها ” الصين” ولا تعنيهم وحتى عدد شهداء المجزرة لا يهمهم حيث اصبحت مجرد خبر من الاخبار”قامت القوات الاسرائيلية بقتل عدد من الفلسطينيين ” المتمردين”؟..معقول صرنا ” متمردين”؟..كيف صار هذا يا خال؟..كانوا يقولوا في الاخبار” استشهد اليوم اربعة فلسطينيون في عملية فدائية بطوليه” على حدود القطاع واليوم “بيقولوا” يقولون “ندين بشدة العملية الارهابية” في نابلس وتل ابيب ويجتمعون في العقبة وشرم الشيخ لخنق ” المقاومة” وبعدين ياخال هذا الزلمة زمان ما شفتوا؟ مين هو يا خال؟ هذا شو اسموا ” الله مصلي ع النبي”بتاع الجامعة العربية؟..اااه هساع تذكرتوا مدير عام اعمال الجامعة العربية؟… الله لا يجبر له خاطر مقصوف العمر : لا تصريح ولا ادانه ولا خطاب؟؟…يمكن مات وانا ما معي خبر؟…بقولوا شايفينوا”شاهدوة” على تلفزيون الصين بيحكي عن استعادة تايوان؟؟ ويدين غلاء الاسعار في دولة خازستان؟؟؟ ناسي اين تقع فلسطين..اطلب ” العلم” ولو في الصين…تطنيشة خيانية غير شكل..اخبار غير شكل…مشقلبة؟!
يصمت ابوزيدان لوهلة بعد نهاية الاخبار ويغلق المذياع ثم يواصل الحديث: شفت وسمعت كيف يا خال الاخبار؟: صاروا زي الامريكان والانجليز والفرنج: نازلين طالعين ادانات وبيانات شجب ويا دوب يذكروا اسم فلسطين..هيك على حياء؟..طيب احكيلي : بقولوا ” اسرائيل” ودولة ” عزرايين” ومتظاهرين و” سلطة ومعارضة” ودنيا وشعلانه والقضية قضية “قضاء وقدر”..لا..لا خالو ابوزيدان ” القضاء” يعني قوانين وعدالة وديموقراطية دولة” اسرائيل” التي تحتل كامل فلسطين؟..ايه عشنا وشفنا؟..قال قضاء.. قال ..وعدالة ومحتلين فلسطين…طابق مفضوح.. خالو..الجماعة قراصنة ولصوص اختلفوا على تقاسم ” حمولة” السفينة المخطوفة والله ما الهم لا علاقة بالقضاء ولا العدالة..هادول قراصنه ” سلطة ومعارضة”:: كذب في كذب واعلام عربي كذاب..قال ” الحكومة الاسرائيليه والمعارضة” قال..بيتقاتلوا ع الديموقراطية والعدالة؟!…لا .. لا..الجهتين لصوص واعداء فلسطين والشعب الفلسطيني..في رقابهم واعناقهم ارواح فلسطينية كثيرة؟؟!..مجازر: من دير ياسين وكفر قاسم ومرورا بصبرا وشاتيلا وقانا والحرم والاقصى وحتى نابلس وجنين وقائمة طويلة من المجازر لا تعد ولا تحصى ولا تنسى حيفا ويافا واحتلال بلاد البرتقال السعيد وعشرات المساجد اللتي حولوها الى زرائب وخمارات..غيض من فيض..!!
هه دنيا وشعلانه.. سمعت في الاخبار ” دولة الامارات العربية الديموقراطية”تنوي ارسال وفد عماراتي لتقريب وجهات النظر بين السلطة والمعارضة ” الاسرائيليه” لدر خطر الحرب الاهلية وخراب الديانة ” الابراهيمية”…نوايا عماراتيه حسنه لحفظ الامن القومي في دولة” العمارات” الديموقراطية ودولة امريكا…عصفورين بحجر؟؟؟…قلق كبير يساور سلطة اوسلو والانظمة العربية الحاكمة على مصير ومستقبل دولة المستوطنين في فلسطين وفي هذا القلق تشارك امريكا حلفاءها ووكلاءها في المشرق العربي التي حولته امريكا الى خراب ودمار من اجل ضمان بقاء دولة الاستيطان الصهيوني من جهة وضمان تفوقها العسكري من جهة ثانية وبالتالي يبدي نظام واشنطن قلقه على جهوزية وقوة جيش الاحتلال في ظل استمرار الصراع بين قبائل”يهودا” على السلطة …
لاحظوا بان واشنطن قلقة على امكانية تأكل قوة ردع جيش الاحتلال المعادي لفلسطين والعرب بشكل عام وواشنطن هذة عبرت دوما فقط عن استياءها” المزعوم” لقتل جيش الاحتلال ابناء وبنات وشباب وشابات وشيوخ واطفال الشعب الفلسطيني وماهو جديد هو انضمام نادي حكام ” العرب” الى امريكا والغرب في اطار ثقافة وسياسة التنديد والشجب الخاوي على عروش اهلة…مفارقة ان تشاهد بعض الضاله من فلسطينيي الداخل يشاركون في افطار جماعي في وكر التطبيع “العماراتي” في تل ابيب في نفس يوم ذكرى يوم الارض 30.3.023..مفارقة هذا الرخص الذي يرمي نفسه في احضان التطبيع من اجل التقاط صورة مشوهة لهذا اللقيط”السياسي” او ذاك من من يتبوأون مناصب ” اسرائيلية” من رئاسة احزاب اسلاموجية وبلديات في الداخل الفلسطيني…مخزيات جنوبية وشمالية؟؟؟
تنديد مع تشديد اللهجة والتاكيدعلى بقاء التطبيع والتتبيع مع الاحتلال..ملك الاردن يندد ومحمود عباس يندد والسيسي يندد وبن زايد يندد وال ثاني وسلمان ال سعود ينددون لكن الامر لا يخرج عن اطار وشكل التنديد و”ابداء القلق” الامريكي وهو تنديد وقلق مزعوم وكذب سمج على قاعدة” اقتل القتيل وامشي في جنازته وواسي اهلة وقدم له التعازي” فيما الشعب الفلسطيني يشيع الشهداء تلوى الشهداء ويخسر الارض تلوى الارض ومعها باحات الاقصى والقدس وكامل فلسطين المحتلة..عربان الردة تعلموا التنديد والادانه على دندنة الادانات الامريكية اللتي تعيد كذبها منذ عقود:تدعم الاحتلال الاستيطاني بالمال والعتاد والسلاح من جهة وتعبر كذبا وزورا عن ادانتها للاستيطان وتؤكد على حل الدولتين من جهة ثانية وماهو حاصل اليوم هو اتساع دائرة” التنديد” التضليلي عبر انضمام العرب” المنددون الجدد” لنادي الادانات التي لا تقدم ولا تؤخر في الشأن الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال الفاشي الصهيوني بالتنكيل بالشعب الفلسطيني…كان الهدف الرئيسي من توقيع اتفاقية اوسلو في واشنطن ليس السلام لابل التاكيد على حدود دولة الاحتلال من النهر الى البحر وما بعدهما من جهة وتجويف القضية الفلسطينية من داخلها وتخريبها عبر وجود سلطة” فلسطينية” عميلة تابعة لمنظومة الاحتلال ومدعومة من قبل واشنطن وحلفاءها في العالم العربي من جهة ثانية وبالتالي ماهو حاصل اليوم تنديد وادانه شكلية لممارسات الاحتلال وحديث مكرر عن “الشرعية الدولية” ومحافل ” العدالة”وهي كلها وجلها سراب متجدد منذ ما قبل عام 1948 وحتى يومنا هذا!!
كذب المنجمون ولو صدقوا وكذب المنددون ولم يصدقوا ولو مره واحدة ولم ينفذوا او يسعوا في مسعى تنفيذ قرار”اممي” واحد لنصرة الشعب الفلسطيني واليوم اصبح واضحا ان اتفاقية ” اوسلو”كانت مجرد وَهم وكذب وخداع هدفه خدمة مشروع الاحتلال الاستيطاني في فلسطين والجديد هو اتساع دائرة كذب “التنديديون والمنددون” وانضمام جماعة اوسلو” الفلسطينية وجماعة جامعة احمد ابوالغيط الى نادي ” التعبير عن القلق” الامريكي والغربي…المنددون”العرب” الجدد يمارسون دور التنديد والشجب لزيادة الخيانة والعجز جرعة اخرى والقادم اعظم…..الاحتلال لن يرحل لا ببيانات الشجب ولا التنديد ولا باكذوبة الشرعية الدولية …سيرحل فقط بالمقاومة الفلسطينية بكل اشكالها…”الدولة الفلسطينية” الفاسدة على حدود هيكل عمارة “مقاطعة”رام الله هي اول واخر انجازات ” اوسلو” وهي الضمانة الاولى لاستمرار عربدة الاحتلال الاستيطاني في فلسطين…لنا ولكم البقاء والنقاء والصمود والثبات, وما ضاع حق ووراءه مطالب…!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here