زيادة التعامل بالعملة الوطنية بمثابة تضييق على نفوذ الدولار في العالم

زيادة التعامل بالعملة الوطنية بمثابة تضييق على نفوذ الدولار في العالم

بقلم مهدي قاسم

كتبتُ قبل شهور مقالة عبرتُ من خلالها عن أمنيتي ــ و كانت بمثابة دعوة في الوقت نفسه ــ في إن تقوم دول و حكومات باعتماد العملة الوطنية في تعاملها التجاري سواء بين طرفين أو بين أطراف دولية أخرى ، بهدف التضييق على نفوذ الدولار في العالم و جعله على مدى بعيد دورا هامشيا أو عاديا أو شبيهة بأية عملة وطنية أخرى من حيث التعامل التجاري العام و بدون أية ميزة خاصة أو امتياز اقتصادي خاص بين عملات الدول الأخرى ..

و منذ ذلك التاريخ ــ تاريخ كتابة المقالة وحتى الان ــ أعلنت الحكومة السعودية عن نيتها في التعامل والتبادل التجاري مع الصين بالعملة المحلية في خطوة مهمة ستؤدي هي الأخرى إلى التحرر من سطوة الدولار، ومن نفوذها السياسي والاقتصادي في آن واحد ..

والآن نقرأ في الأخبار ( و على إثر زيارة الرئيس البرازيلي إلى الصين ) الإعلان عن رغبة الحكومتين البرازيلية والصينية في اعتماد عملتهما الوطنية في التعامل التجاري بين البلدين ..

وقد سبقتهما قبل ذلك ــ بشهور ــ عملية عقد اتفاق بين الهند وروسيا حول التعامل التجاري فيما بينهما بالعملة المحلية استجابة لرغبة روسيا الاتحادية التي كانت سباقة إلى اعتماد العملة الوطنية بديلا عن الدولار، بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية ضدها ..

و بما إن كل شيء يبدأ من خطوة أولى عبر خطوات و إجراءات تدريجية متواصلة ومستمرة لتكتسب واقعا وجوديا ملموسا ومؤثرا قائما ، فهكذا نتوقع إنه كلما تزداد ـ شهرا بعد آخر سنة بعد ثانية ــ أعداد الدول والحكومات التي تسعى إلى اعتماد العملة المحلية في التعامل التجاري العالمي ، فربما ستقوى وتنتشر عملية التضييق على نفوذ الدولار في العالم و السعي إلى تهميش دوره الاقتصادي السلبي على نحو أكبر و أوسع في المستقبل المنظور أو البعيد ..

وبالمناسبة إن عملية طبع الدولار بدون غطاء ذهبي *وبكميات هائلة متواصلة ودائمة ـ كحالة فريدة من نوعها في العالم ــ هي بحد ذاتها تعتبر ضربا من ميزة ظالمة أو أمتياز اقتصادي غير مشروع قطعا ، وفوق ذلك ، فأن الإدارات الأمريكية اعتادت أن تستخدم الدولار لتمويل حروب وانقلابات عسكرية و عملية غزو مباشرة، فضلا عن ابتزازات سياسية بحق دول وحكومات لا تتطيعها خضوعا في السير والاستجابة السريعة و بتناغم تام مع خططها وأساليبها التآمرية المختلفة من ناحية فرض هيمنتها السياسية والاقتصادية على دول العالم قاطبة ..

هامش ذات صلة :

( * في 15 أغسطس عام 1971 منع الرئيس الأمريكي نيكسون البنك الفيدرالي من استبدال الذهب بالدولار مما جعل الغطاء الذهبي لا قيمة له، وانفصلت قيمة الدولار عن الذهب مما أدي لارتفاع سعر الذهب بالسوق الحرة لمبالغ لم يصل إليها من قبل، وكانت تلك هي النهاية الرسمية لنظام قاعدة الذهب الذي استمر إلى قرابة القرنين ــ نقلا عن غوغل ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here