قبل عشرين عاما من اليوم التاسع ! : مع سقوط نظام الطاغية تبخرت أحلام العراقيين أيضا !

قبل عشرين عاما من اليوم التاسع ! : مع سقوط نظام الطاغية تبخرت أحلام العراقيين أيضا !

بقلم مهدي قاسم

نادرا ما يحدث في التاريخ السياسي للشعوب أن يتحالف عدوان لدودان فيما بينهما في أقذر وأخبث تحالف شيطاني تخريبي رهيب ضد بلد ثالث ، بهدف تدميره لحد إنهائه ضعيفا ، واهنا ، منهكا مخنوقا بأزمات دائمة ومتزايدة يوما بعد يوم ، لجعله في حالة إكليكينية محتضرة ، حتى يبقى لا هو بحَّي ولا ميت ، مثلما تحالفت الحكومتان الأمريكية والإيرانية ضد العراق بعد سقوط النظام السابق في بغداد :

فاليانكي الأمريكي الذي غزا العراق في غضون أسابيع قليلة * بسبب حماقة ورعونة “القائد الضرورة ” وعنجهيته الفارغة ودمويته غير المحدودة وحروبه العديدة التي ما انتهت إلا بزواله ، ثم قيام الغازي اليانكي بتسليم مصير العراق إلى أزلام النظام الإيراني القادمين من إيران بعدتهم و معداتهم و ونوبات حقدهم المزمن و الدفين القاتل الكاسح ضد العراق ، لينالوا منه مقتلا ليس من خلال لصوصية ، ونهب ، وفرهدة منظمة ضد المال العام ، إنما تخريبا متعمدا لمرافق الدولة و مصانعها ومعاملها و شركاتها ومؤسساتها الخدمية الأخرى التي كانت ــ رغم خلخلتها وتضعضعها المهترئ ـ فقد كانت لا زالت تقدم بعضا من خدمات معقولة ودائمة إلى حد ما .

لتبدأ أحلام غالبية العراقيين في عمليات التغيير والإصلاح وخلق مستلزمات و شروط حياة أفضل ، تتبخر يوما بعد يوم ، شهرا بعد آخر وسنة بعد أخرى و حتى هذه اللحظة ، بعدما أخذوا يكتشفون ، شيئا فشيئا ، إن المسألة برمتها لا تكمن فقط في سيطرة حفنة من لصوص أنذال و خونة وطن على مصير العراق ، بل ولا مقتصرة على عمليات النهب المنظم للمال العام فقط ، إنما الأهداف الحقيقية الكامنة ــ كمهمات أساسية ــ وراء عمليات الغزو والاتفاق الإيراني ــ الأمريكي غير المباشر هي تخريب العراق بشكل متواصل وممنهج لكي ينتهي كبلد ، بلا مقومات دولة معتبرة أو عادية :

فإضافة إلى عمليات التخريب والإهمال آنفة الذكر ، فأن شرطي المرور بدأ يخاف من قيام بمساءلة المتجاوز على أنظمة المرور ، المعلم يخشى من تأنيب تلميذه إذا تكاسل في واجباته الدراسية أو تشاغب في داخل الصف بمشاجرة أو عراك ، والطبيب يتعرض لاعتداء أهل المريض إذا كان مرضه مستفحلا و غير مستجيبا لعمليات العلاج ومات بسبب ذلك ، هذا دون الإشارة إلى مظاهر الفساد والرشاوى شبه العلنية في معظم الأجهزة الإدارية ..

فضلا عن قيام دول عميقة متعددة الرؤوس والأشكال داخل الدولة الأصلية شبه المنهارة منها : دولة الأحزاب المتنفذة مباشرة ، دولة المليشيات المسلحة ، وكذلك دولة العشائر في مناطق الأرياف والقرى، إلى حد هي التي التي تقوم بدور جهاز القضاء في حل خلافات عشائرية ومشاجرات فردية أو حتى في مسألة حدوث سوء فهم غير مقصود، الذي يعدونه تجاوزا أو مناسبة وذريعة للحصول على المال بتهديدات مبطنة أو صريحة ، طبعا مقابل كذا مبلغ من المال لحل المشكلة !!، بغض النظر عن سلوك من كان ظالما أو مظلوما ..

بينما نحن كنا شهود عيان على تغيير أنظمة أنظمة حكم ، سواء في دول أوروبا الوسطى والشرقية أو في دول أمريكا اللاتينية ، ولم يصل مصير أية دولة من هذه الدول إلى ما وصل إليه مصير العراق من انهيار تام وشبه ضياع وخراب مطلق ..

لقد وصلت عمليات التخريب والتعطيل والتصفيات لممتلكات الدولة الأخرى حتى انعدم كل مصادر الدخل الأخرى لخزينة الدولة ، ما عدا مداخيل ثروات النفط التي لولاها لبات العراق الان يعاني من مجاعة دائمة أسوة ببعض الدول الإفريقية ..

علما أن أعداد الفقراء في العراق آخذة بتزايد وارتفاع بشكل ملحوظ محسوس ، ووجود جمهرة غفيرة من هؤلاء الفقراء في مكب النفايات بحثا عن ما يصلح للبيع من خردوات ، مقابل حصول على بضعة دنانير لسد المرق ، كدليل واضح على نسبة متزايدة يوما بعد يوما لعدد فقراء العراق في الوقت الراهن ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here