لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الإتجاه , قانون فيزيائي معروف , وهو قانون سلوكي بقائي , تجعل بعض القِوى المتمكنة رد الفعل يفوقه بالمقدار ويعاكسه بالإتجاه , أما الضعيف فيجعل رد الفعل دونه بالمقدار وربما لا يعاكسه بالإتجاه , وإنما يرسخه ويهرب منه إلى حالة الشكوى والتنفيس والمناجاة.
وفي واقع المجتمعات الضعيفة المغلوبة على أمرها صار التفاعل مع التحديات هروبيا وقوليا , بمعنى التعبير عن الرد بالشعر الذي يستحضر المتخيلات الفنتازية التي لا تتصل بالواقع المعاش , كالذي يجلس في رزاءة أحواله ويتخيل أنه يعيش في نعيم وثراء مقيم , وعندما يستفيق يرى واقعا يسحقه ويصادر وجوده الإنساني.
تصلني ردود من الأصدقاء مقاطع لردود بالشعر على مواقف وحالات , تشترك بهروبيتها ومخادعتها للنفس ومحاولتها إرضاء رغبات وأمنيات لا وجود لها في الواقع , فكلما فغر جرحنا هربنا إلى ما لا يشافيه ونتصوره غير موجود , وعلينا أن نرفع رايات “كنا” بوجه من أنتأه.
هذه ليست الوسيلة الطبيعية للتفاعل مع المواقف والتحديات , بل المواجهة وإعمال العقل ورص الصفوف والتفاعل الجماعي الواعي لإعادة الأمور إلى أحسن مما كانت عليه.
وقد مرت مجتمعات بمصائب ومرارات أقسى مما مرت بها مجتمعاتنا , لكنها تجاوزتها وإستعادت قدراتها الحضارية والسيادية , والثقة والعزيمة الوطنية التي أسعدت الأجيال.
وتجربة مدينة (وارسو) في الحرب العالمية الثانية وما آلت إليه , وكيف إستعاد أبناؤها بناءها وترميمها , وجعلها أجمل وابهى مما كانت عليه قبل الحرب المدمرة لها.
فعلينا أن نستحيب بالجد والإجتهاد , ولنبتعد عن الردود الكلامية , والتي يأتي في مقدمتها الشعر الهروبي الشاكي التظلمي الواهن اليائس الباكي النواحي الحزين!!
د-صادق السامرائي
5\12\2020
Read our Privacy Policy by clicking here