اشارات عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في سورة المائدة من القرآن الكريم (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في موقع سماحة آية الله السيد علي الحسيني الميلاني حفظه الله: قوله جل جلاله “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِم ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم” (المائدة 54). روى البحراني باسناده عن أبي هريرة أنه كان يحدث (أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب اصحابي فيقال إنك لا علم لك بما احدثوا، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى). وروى عن الثعلبي في تفسير قوله تعالى: “فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ” (المائدة 54) قال: (هو علي بن أبي طالب). روى السيد البحراني باسناده عن الباقر والصادق عليهما السّلام ان هذه الآية نزلت في علي عليه السّلام. وقال العلامة الحلي في منهاج الكرامة: وهذا يدل على أنه أفضل فيكون هو الإمام واستدل بالآية ورواية الثعلبي في كشف الحق ونهج الصدق على امامته عليه السّلام.

روى الخوارزمي باسناده عن علي بن أبي طالب، قال (نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” (المائدة 55) فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ودخل المسجد، والناس يصلّون ما بين راكع وساجد. وإذا سائل. قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا سائل اعطاك احد شيئاً، قال: لا الاّ هذا الراكع اعطاني خاتماً واشار الى علي عليه السّلام، فكبّر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: الحمدلله الذي أنزل الآيات البينات في أبي الحسن والحسين). قال العلامة الحلي: (اجمعوا على نزولها في علي عليه السّلام وهو مذكور في الصحاح الستة لما تصدّق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة، والولي هو المتصرف، وقد أثبت الله تعالى الولاية لنفسه وشرك معه الرسول وأمير المؤمنين عليه السّلام، وولاية الله تعالى عامة فكذا النبي والولي). وقال في منهاج الكرامة: (قد أثبت له الولاية في الآية كما اثبتها الله لنفسه ولرسوله صلّى الله عليه وآله). قال الآلوسي: وغالب الاخباريين على أنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه، فقد أخرج الحاكم وابن مردويه وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد متّصل قال: أقبل ابن سلام ونفر من قومه آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس، وان قومنا لما رأونا آمنا بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وصدقناه رفضونا وآلوا على نفوسهم ان لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا، فشق ذلك علينا. فقال لهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ” (المائدة 55) ثم انه صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج الى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً فقال: نعم خاتم من فضة، فقال من اعطاكه؟ فقال ذلك القائم وأومأ الى علي كرم الله تعالى وجهه، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: على اي حال اعطاك؟ فقال: وهو راكع، فكبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم تلا هذه الآية.

جاء في موقع سماحة آية الله السيد علي الحسيني الميلاني حفظه الله: وروى باسناده عن البراء قال: (لما أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حجة الوداع كنا بغدير خم، فنادى انّ الصلاة جامعة، وكسح للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب اصبحت وامسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة). وروى السيد شهاب الدين أحمد باسناده عن أبي الجارود وأبي حمزة، قال: “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ” (المائدة 67): نزلت في شأن الولاية. قال ابن البطريق: اعلم انّ الله سبحانه وتعالى قد أبان في هذه الآية عن فضل مولانا أميرالمؤمنين سلام الله عليه ابانة تؤذن بانّ ولايته افضل من كل فرض افترضه الله تعالى، وتؤذن انّه افضل من رتب المتقدمين والمتأخرين من الأنبياء والصديقين بعد النبي صلّى الله عليهم اجمعين. فامّا ما يدّل على انّ ولايته صلوات الله عليه وآله اعظم من سائر الفروض وآكد من جميع الواجبات بدليل قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ” (المائدة 67) فولايته قامت مقام النبوّة، لانّ بصحة تبليغها عن الله ينفع شهادة ان لا اله الاّ الله، وعدم تبليغها يبطل تبليغ الرسالة، فإذا حصلت صحّ تبليغ الرسالة، ومتى عدم التبليغ بهذا الأمر لا يجدي تبليغ الرسالة، وما كان شرطاً في صحة وجود أمر من الأمور ما صحّ وجوده الاّ بوجوده ووجب كوجوبه. يوضح ذلك ويزيده بياناً ان ولايته عليه السّلام قامت مقام ولاية رسول الله صلّى الله عليه وآله، قوله سبحانه: “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” (المائدة 55) وقد تقدّم اختصاصها به عليه السّلام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here