مناسبة اليوم العالمي للأرض : الإنسان هو عدو الطبيعة وليس الحيوان

مناسبة اليوم العالمي للأرض : الإنسان هو عدو الطبيعة وليس الحيوان

بقلم مهدي قاسم

يصادف اليوم : ــ

اليوم العالمي للأرض ، هذه الأرض المعطاءة الكريمة الخيرة الواهبة بسخاء كل ما يحتاجه الإنسان من أطعمة لذيذة و فواكه وخضروات طيبة ونباتات مفيدة وأعشاب طبية نافعة ، لتُغذي أجسادنا وتعالج أمراضنا ، تسر أنظارنا بمناظر أزهار وورود زاهية ، وحقول خضراء نضرة وأشجار شامخة تمنحنا هواء عذبا ونقيا ، حتى تسطيب نفوسنا و تريح قلوبنا و ترُق أمزجتنا ، لكي نشعر براحة و غبطة في حياتنا اليومية ..

وعندما ينتهي مشوارنا القصير سننتهي بنا المطاف حتما إلى أحضان الأرض الدافئة لنستقر هناك ونحن نتفتت و نذوب ، شيئا فشيئا ، بين أنفاسها و ذراتها ، زوالا سريعا و فناء بطيئا ، و حتى في أثناء ذلك وهي ستُسترنا ، لتغطينا في عُرينا وروائح جثثنا الكريهة ..

هذا ما قدمته لنا الأرض أجيالا بعد أجيال ومنذ ملايين السنين ، مثل أم حنونة وكريمة و طيبة لا تبخل على أبنائها بأي شيء تستطيع تقديمه لهم ليبتهجوا ويمرحوا ..

أما البشر فماذا قدموا للأرض مقابل كل هذه العطايا والهبات العظيمة والسخية الطيبة ،التي بفضلها بقي البشر على قيد الحياة ؟ ،غير مليارات أطنان من نفايات و كميات كثيرة من مواد كيماوية تخنق مسامات وتضاريس الأرض ، فضلا عن سحابات أدخنة وسموم و سخام تلوث الهواء وتنعكس سلبا هي الأخرى على رئة الأرض وتصيبها بالقفار واليباب ..

و إذا عرفنا إن علبة واحدة لمشروبات غازية أو كحولية فارغة تُرمى على الأرض بشكل عشوائي غير مسؤول فإن عملية تذويبها ومن ثم ” هضمها ” تستغرق مائة عاما من جهود الطبيعة لكي للتخلص منها !..

فكيف الأمر بملايين أطنان من علب كهذه يستهلكها البشر سنويا و يرمونها على أديم الأرض ؟..

هذا دون أن نذكر سلسلة مجازر لا متناهية التي تُرتكب ضد الغابات من خلال قطع الأشجار أما بهدف التجارة بها أو تحويل جزء من الغابة إلى مناطق سكنية جديدة و حديدة ..

و بسبب هذه المجازر المتواصلة و الظالمة ضد الطبيعة انقرضت أعداد مختلفة من حيوانات و طيور و حشرات و زواحف ، كان وجودها مهما وضروريا لديمومة و تعمير الطبيعة ببذور النبات والأشجار المختلفة ..

بل و حتى انقراض أنواع من أسماك القرش والحيتان والدلافين وغيرها من مخلوقات وكائنات البحر الأخرى المتنوعة ، بسبب رمي ملايين أطنان من نفايات سامة و علب وأكياس في قلب البحار والمحيطات..

ولكن في مقابل انقراض هذه الحيوانات و الطيور و الأسماك والحشرات المهمة والضرورية لخلق التوازن في الطبيعة ، تكاثرت نسبة البشر بشكل هائل وغير معقول ، ومعهم زادت حدة الصراع والطمع بين البشر للفوز بما يشّبع جشعهم غير المحدود ..

لكون الحيوان عندما يشبع فإنه لا يفكر في البحث عن فريسة جديدة إلى أن يجوع مجددا ، بينما الإنسان حتى لو شبع فإنه يفكر في إكثار ماله وممتلكاته إلى أقصى حد ممكن ..

لذا فثمة سؤال يطرح نفسه بشكل مشروع إلا وهو :

ــ أين هو العدل الإلهي في هذا اللاتناسب غير العادل بين انقراض حيوانات و طيور و أسماك وزواحف وحشرات مفيدة للطبيعة من حيث كونها تحافظ على توازنها وديمومة ازدهارها ، بينما تكاثر بشرمؤذين للطبيعة من حيث يتكاثرون بسرعة خطيرة ، بل خطورة حتى على البشر أنفسهم هم بالذات ، لأن مئات ملايين منهم يعانون من جوع بسبب فاقة وحرمان ؟..

أما المحصلة النهائية فالمرء لا يحتاج هنا إلى فطنة كبيرة ليكتشف بأن البشر ــ مع الاحترام للاستثناءات ــ أناس جاحدون لنعمة الطبيعة ، وليس هذا فقط ، بل هم الذين يشكّلون أشد وأكبر خطر على الطبيعة ، وليس الحيوانات والطيور والحشرات التي على عكس من البشر أنها من خلال روثها و انتقالها تنثر البذور والحبوب في الأرض فتنبت من جرائها أشجار و نباتات وأعشاب جديدة..

رب سائل يسأل : والحل ؟

أحد الحلول العملية ــ حسب تصورنا ــ يكمن في تعليم أطفالنا و أجيالنا الناشئة في البيوت و المدارس والجامعات على عدم رمي العلب والأكياس البلاستيكية وغيرها من المواد المضرة على الأرض وعدم الإفراط في استهلاكها ، بل و تعليهم وتعويدهم على حب الطبيعة ومحبة و مصادقة مخلوقاتها من حيوانات وطيور وحشرات وزواحف وعلى نحو ترتيب لهم زيارات دائمة إلى حقول وغابات وبرار وعلى شواطئ و أنهار و سواحل بحار ، ليشعروا بقربهم من الطبيعة ، و ليعقدوا معها علاقة صداقة ودية تجسد احترام الطبيعة وحماية مخلوقاتها جميعا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here