“لا اغلبية بلا أقليات”.. تقرير يرصد هواجس نازحين ومسيحيين في العراق


ذكرت صحيفة “ذا تابلت” الامريكية ان المسيحيين في العراق، برغم تقديرهم للأمن والاستقرار النسبيين، إلا أنهم لا يزالون يشعرون بالقلق من المستقبل، ويعانون بعد مرور 20 سنة على الغزو الامريكي و6 سنوات على إعلان الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي، محذرة من العراق سيصبح “بلا أغلبية” في حال خسر اقلياته الدينية والعرقية.

وبعدما أشار التقرير الأمريكي الى ان الاقليات الدينية في العراق لا تزال تحاول التغلب على التحديات، ذكّر بان مكتب الهجرة الدولي التابع للأمم المتحدة، يقول إن أكثر من 200 الف ايزيدي ممن نجوا من وحشية داعش، ما يزالون نازحين في المخيمات وخارجها في جميع انحاء اقليم كوردستان.

وأوضح التقرير انه فيما يقول المسيحيون أنهم رغم تقديرهم للاستقرار والأمن في العراق واقليم كوردستان، إلا أنهم ما يزالون يشعرون بالقلق من المستقبل بسبب العنف الذي شهده العراق مؤخرا والذي أجبرهم على الاقتلاع من جذورهم.

ونقل التقرير عن أرمني عراقي يدعى ارسين قوله إن “عائلتي كانت تعيش في السابق في العاصمة بغداد، ولكن مع تفجيرات الكنائس والهجمات الطائفية على المسيحيين والاقليات الاخرى بعد حرب 2003، كان علينا الانتقال شمالا الى دهوك”.

ولفت التقرير الى ان اقليم كوردستان يستضيف اشوريين ومسيحيين آخرين، بعضهم هرب من داعش التي هاجمت الموصل وبلدات سهل نينوى، مضيفا أن مخيمات النازحين الايزيديين تنتشر في الإقليم، منذ أن استهدفهم مسلحو داعش بالقتل والعبودية الجنسية.

والان، يشير التقرير إلى أن هذه المخيمات ستغلق مع حلول نهاية العام وهناك تساؤلات عن مصير النازحين الايزيديين الذين يشعرون ان حكومتهم قد خذلتهم بفشلها في حمايتهم من جرائم داعش.

ونقل التقرير عن كاهن كنيسة المشرق الاشورية الأب ايمانويل يوحنا التساؤل “كيف يمكن إغلاق المخيمات في حين أن آلاف العائلات تعيش هناك منذ فترة طويلة؟ انه مثل القائهم في الشوارع. لا بد أن يكون هناك بديل قابل للتطبيق”.

ولفت التقرير الى ان الايزيديين لا يستطيعون العودة الى سنجار ارض اجدادهم حيث كان العديد منهم يقيمون عندما وقعت هجمات داعش التي دمرت منازلهم وأعمالهم.

ونقل عن الاب يوحنا قوله “لا يوجد أمن أو قدرات معيشية هناك. وبدلا منها، هناك مجموعة متنوعة من القوى العسكرية في سنجار: سواء كان حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي، أو مقاتلو الوحدات الايزيدية، او الحشد الشعبي، او الجيش العراقي. كما ان هناك غارات جوية تركية وحدود مفتوحة مع سوريا. اشارك مخاوفهم هذه في سنجار”.

وذكّر التقرير بأن حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خصصت 38.5 مليون دولار لاعادة بناء سنجار والقرى في سهل نينوى في آذار/مارس الماضي.

اما الاب يوحنا فانه يدير “برنامج المساعدة المسيحية في شمال العراق” (CAPNI) الكاثوليكية لدعم النازحين العراقيين حول مدينة دهوك. كما تقوم هذه المنظمة باعادة اعمار المنازل وتساعد على استعادة وسائل الحياة في عدة بلدات في سهل نينوى بعد تدميرها.

وقال الأب يوحنا؛ “قيمنا المسيحية تحفزنا، لأننا مؤسسة مسيحية وأساس عملنا هو الحب. في حالة العراق، فان مشاركة الحب تعني أنه يتحتم عليك رعاية المحتاجين. ولذا، فإننا نعالج احتياجات هذه المجتمعات الهشة”.

واشار التقرير الى ان هذه المنظمة تساعد النازحين في أكثر من 25 قرية نائية في منطقة دهوك عبر توفير الفحوصات الصحية وعلاج الأمراض المزمنة. كما أنها تساهم في ترميم المنازل المتضررة، وهي قامت خلال الأعوام الـ5 الماضية، بإعادة تأهيل أكثر من 1450 منزلا و32 مدرسة و9 كنائس و 200 متجر في بلدات سهل نينوى.

والان تسعى المنظمة الى التركيز خلال السنوات ال3 المقبلة، على تشجيع التنمية المستدامة من خلال تأمين فرص كسب العيش للشباب العاطلين عن العمل والتدريب المهني للآخرين. واوضح الاب يوحنا “اننا نحاول مساعدة الناس على الحصول على دخل مستقر ومستدام”.

وبحسب التقرير، فإن هذه المشاريع تتطلب تمويلا قدره 3.3 مليون دولار سنويا، لكن أحد التحديات تتمثل بصعوبة التمويل في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا. ويتم تأمين قروض صغيرة لمن لديهم مهارات في العمل وخطة عمل سواء في الزراعة أو في البلدات حيث توجد حاجة لصيانة الهواتف المحمولة وتركيب مكيفات الهواء واصلاح السيارات. ككمما تتوفر المنح للنساء اللواتي يعملن من بيوتهن.

وبحسب الأب يوحنا تتناول المشاريع أيضا تعزيز زراعة الخضروات حتى خارج الموسم ، بما في ذلك خضار البروكلي التي تحقق مدخولا أكبر.

الى ذلك، فان المنظمة تساهم أيضا في جهود دعم الأقليات ببناء السلام. ونقل عن الاب يوحنا قوله إن “ما حدث بسبب غزو داعش لا يمكن نسيانه، ويجب أن يتم تناوله علانية للتعلم منه، لتجنب حدوثه في أي وقت”.

ولفت التقرير إلى أن الحكومة العراقية اعتمدت تاريخ 6 آذار/مارس كيوم وطني للتسامح وذلك تكريما لذكرى الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس في العام 2021 إلى العراق.

وقال التقرير ان الاب يوحنا طرح أفكاره أمام الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد عندما حذر من الاتجاه المثير للقلق بالنسبة للأقليات الدينية والعرقية في العراق لمغادرة البلد.

ونقل عن الاب يوحنا قوله إنه “بمجرد أن يخسر العراق اقلياته، لا تبقى الأغلبية هي الأغلبية”.

وختم التقرير بالإشارة إلى أن المنظمة تساهم أيضا في مراجعة مناهج المدارس العراقية لازالة أفكار التعصب وتشجيع الاحترام لجميع الأقليات العرقية والدينية الغنية في العراق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here