متلازمة السودان و احتمالات تكرارها في العراق !..

متلازمة السودان و احتمالات تكرارها في العراق !..

بقلم مهدي قاسم

لولا الجيش الموازي والمتجسد بقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال حميدتي لما حدث ما حدث الآن في السودان من حرب أهلية طاحنة وحامية وطيس حاليا ، و دائرة بين الجيشين النظامي و الميليشياوي ، والتي تلقائيا ستقود السودان إلى حافة هاوية أعمق ، والتي بدون ذلك كانت السودان على حافة هذه الهاوية منذ فترة طويلة ، بفضل انقلابات العسكر المتكررة بين فترة وأخرى، وقيادتهم لشؤون البلاد بعقلية عسكرية ضيقة متخشبة ، بعنجهية تقوم على تحقيق مصالح فردية أنانية ضيقة للعساكر والمليشيات ، على حساب خراب أحوال البلاد ..
وما دمنا عند الجيش الموازي المقابل للجيش المسلكي التقليدي ، في الوقت نحن في ذروة أحداث السودان الدامية ، فلا ضير من التفكير ــ على هذا الصعيد ــ باحتمالات حدوث حالة تصادم مشابهة في العراق ،عندما تحاول أحزاب الإطار وباقي المليشيات المتحالفة معها الاستعانة بالمليشيات و كذلك ب” قوات الحشد الشعبي ” المدجج بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والفتاكة ، في حالة شعوره ــ أي هذه الأحزاب آنفة الذكر ــ بفقدان السلطة ، بهدف زج هذه المليشيات و ” قوات الحشد الشعبي ” ، سواء بدافع ابتزاز وتهديد ، أو في المواجهة التصادمية المباشرة مع جيش الدولة النظامي ـ في أعنف تصادم دموي محتمل ، قد لا يعلم إلا الله نهايته أو حجم كارثته الوطنية الفادحة ..
مع العلم إن هذا التصادم الدموي قد حدث ، بشكل من الأشكال ، عندما دخل أتباع مقتدى الصدر الى موقع الحكومة المتحصنة في المنطقة الخضراء في تظاهرة غفيرة واسعة ، انتهى بسقوط عشرات من الضحايا القتلى والجرحى التابعين للتيار الصدري ..
ولولا تراجع مقتدى الصدر في اللحظة الأخيرة ، عند إصدار أوامره لأتباعه بالانسحاب من المنطقة الخضراء ، في الوقت نفسه العزوف عن زج ” سرايا السلام ” الصدرية المسلحة في ذلك التصادم ، لكان العراق قد دخل أتون حرب أهلية شبيهة بتلك الجارية في السودان في الوقت الراهن ..
فالمليشيات المسلحة و ” قوات الحشد الشعبي ” التي يتكون أغلب عناصرها ـ أصلا ــ من أنصار وأتباع الأحزاب الإسلامية الحاكمة والمتحكمة بمصير العراق ، فكل هذه القوات الكبيرة بأسلحتها الهائلة ، تُعتبر جيشا موازيا ، مستعدا ، جاهزا ، لاستخدامه في أية لحظة ممكنة وقادمة في تحقيق وخدمة مصالح الأحزاب على صعيد تكريس سلطتهم الفاسدة ومواقعهم السياسية المتنفذة إلى أطول فترة ممكنة ..
يبقى أن نقول : أنه طالما طالبنا مرارا و تكرارا ، في مقالاتنا العديدة السابقة بضرورة إنهاء الوجود المسلح للمليشيات الكثيرة من ناحية ، و ” تفريق ” عناصر قوات الحشد الشعبي ــ طبعا على شكل أفراد ــ موزعين بين عشرات وحدات ، و فصائل و ألوية ضمن مؤسسة الجيش العراقي النظامي ، ليكونوا جنودا عاديين فحسب ، وليس أعضاء أو أتباع أحزاب وميليشيات ..
بذلك ربما يمكن تجنب متلازمة السودان بهدف عدم تكراره في العراق مستقبلا .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here