علاء كرم الله
على الرغم من أن الأمريكان هم من زجوا بغالبية قيادات حزب البعث ( مجموعة ال55 أسم الذين درجت أسمائهم في كارتات اللعب / البوكر) في السجون وأعدموا صدام الذي كان يمثل الرمز الأعلى للحزب وزعيمه، أما الذين بقوا من البعثيين من القيادات العسكرية والأمنية والمخابراتية والكوادر الوسطية الحزبية ) أعضاء الشعب وأعضاء الفروع) والموظفين الكبار، فأختفى من أختفى منهم وهرب الأخرين بجلودهم قسم الى أوربا وقسم الى دول الجوار ، خوفا من غضبة الناس وأنتقامهم من جهة وخوفا من ملاحقة الأمريكان لهم! من جهة أخرى ، ألا ان كل ذلك لا يلغي التاريخ السياسي والصداقة القديمة بين الأمريكان والبعثيين! ، فالامريكان هم من مكنّوا حزب البعث من أستلام السلطة في العراق لمرتين!! ( عام 1963 ، 1968 ) . يلاحظ الكثيرين أنه ومنذ فترة ليست بالقصيرة ، هناك تسويق أعلامي واضح وراء ظهور بعض القيادات البعثية عبر مواقع التوصل الأجتماعي والسوشيال ميديا وكذلك اللقاءات التي تجريها بعض القنوات الفضائية مع عدد من القيادات المخابراتية والأمنية بين وفترة وأخرى للتحدث عن تاريخ الحزب وعن عملهم السابق والمهمات التي أوكلوا أليها والواجبات التي نفذوها! ، ولكن الأهم في كل ذلك التسويق الأعلامي للبعثيين هو ظهور أبنة الرئيس السابق السيدة رغد على ( فضائية العربية) في أحد اللقاءات وهي تجيب على أسئلة مقدم البرنامج وتتحدث عن ذكريات الغزو والعائلة وكيف تصرفت وو و و أمور أخرى ، وهنا لا بد من الأشارة أن أبنة الرئيس السابق ظهرت وبشكل رسمي على الأعلام لمرتين! وفي آخر لقاء لها قبل أشهر ذكرت ، بأنها ستأتي للعراق وتعيد جثمان أبيها ! ليدفن في العراق!! وكذلك تحدثت عن أحتمال مشاركتها بالأنتخابات! ، وغيرها من أحاديث ( قريبة الى الفنطازيا والخيال منه الى الحقيقة!!) . أرى ومن وجهة نظري كمراقب للأحداث أن الأمريكان هم من يقفون وراء هذا التسويق الأعلامي للبعثين ولظهور أبنة الرئيس عبر الفضائيات! ، وأن الغاية من هذا الظهور الأعلامي ، هو أستفزاز الطبقة السياسية الحاكمة المنغمسة بالفساد فقط وتخويفها من جهة! ، ومن جهة أخرى هو دغدغة مشاعر العراقيين الذين ذهبوا في مخيالهم الفكري! ، فباتوا يجدون في حزب البعث وزعيمه المعدوم!! ، صورة البطل الهمام المخّلص لهم ولعذاباتهم وليست صورة ذلك الديكتاتور الجلاد المجنون الذي قتل أكثر من مليوني عراقي في حروب عبثية مجنونة أدت في النهاية الى أعدامه وضياع العراق! ، وفي الحقيقة أن هتاف العراقيين لصدام ورفع صوره في أية مظاهرة وتجمع وأعتصام وخاصة في مدن الجنوب العراقي!، فهو بقدر ما يمثل نوع من أنواع الجنون والهوس الذي أصاب العراقيين في العشرين سنة الأخيرة ورغم أنهم كانوا ضحايا سياسته الهوجاء التي أوصلت العراق الى ما وصل أليه ، فهي من الجانب النفسي والفلسفي تعبير لحنين الضحية الى جلادها!! ، بقي أنه لا ندري هل أن مشاعر العراقيين هي حقا مشاعر حب حقيقية وصادقة لصدام وللبعث أم نكاية بالطبقة السياسية الحاكمة وكرها لها!؟. وعلى ضوء كل ذلك بات يدور سؤال في أذهان العراقيين؟، هل الأمريكان سيعيدون عقارب الساعة الى ما قبل 2003 ويحنون الى الماضي !! ويمكنون حزب البعث من أستلام السلطة للمرة الثالثة؟ أم ماذا وراء هذا التكثيف الأعلامي للظهور البعثي عبر مواقع التواصل الأجتماعي والسوشيال ميديا؟. لنترك الأجابة على هذا السؤال الآن ، ونتكلم عن صورة المشهد العراقي بكل تفاصيل الفوضى والأرباك الذي تسوده ، حيث لازالت لعبة أحتلال العراق من قبل الأمريكان لم تنتهي بعد!؟ ولازالت سياسة الفوضى الخلاقة وخلق الصراعات والفتن بين المكونات السياسية والمذهبية والقومية التي أنتهجتها أمريكا بالعراق منذ أحتلالها له عام 2003 هي السلاح الماضي والقوي بيدها ولحد الآن! ، لتزيد من أحكام قبضتها على المشهد العراقي التي تحركه كيفما تشاء وكيفما تريد! ، وهنا لا بد من الأشارة بأن سياسة ( فرق تسد) الأستعمارية ، تعتبر أحد أسلحة الدمار الشامل القوية! بيد الدول الأستعمارية لتدمير الشعوب وخلق الفرقة والفتن بينها على مر الزمان والتاريخ وأستعمارها وخاصة تلك الشعوب التي تعاني من التخلف والجهل والتي لديها الأستعداد الكافي لتقبل ذلك من حيث لا تدري ولا تفهم مثلما حدث بالعراق!. وحقيقة لا أحد يدري ويعرف ماذا سيحدث بالمنطقة وتحديدا بالعراق! ، سوى المزيد من التكهنات والأعتقادات البعيدة عن التحليل المنطقي الصحيح! والتي تزدحم بها مواقع التواصل الأجتماعي وعلى السوشيال ميديا ، من أن العراق ينتظره حدث كبير سيقلب الأمور راسا على عقب!؟ ، لا سيما وأن المنطقة العربية كلها تعيش على صفيح ساخن، من كثرة التداخلات وتشابك المصالح وتضاربها في هذه المنطقة وتلك عربيا وأقليميا ودوليا ، خاصة بعد تجاوز الصين للخطوط الحمراء الأمريكية في المنطقة! ، ودخولها لعمق المنطقة العربية والى قلبها والمحرك النابض لها ورأس حربتها ألا وهي السعودية ، (زيارة الرئيس الصيني للسعودية)! ، والذي أعقبه أجراء مصالحة بين السعودية وأيران بعد أنقطاع اكثر من عقد من الزمن من العلاقات المتشنجة والحرب الباردة بينهم! حيث أستطاعت طاولة الرئيس الصيني أن تجمع الطرفين في بكين وتعيد المياه الى مجاريها!؟ ، ثم تأتي أحداث السودان المتسارعة الرهيبة والمؤسفة والتي يتوقع لها أن تجر ورائها كوارث ومصائب كبيرة على بقية دول المنطقة وتحديدا الدول الأفريقية! ، هذا ناهيك عن الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني وبلا حسم واضح ! ، والتي لربما ستشعل حرب عالمية ثالثة كما يتوقع بعض المحللين السياسيين ، حيث أن ( أوكرانيا تحارب روسيا نيابة عن أمريكا وبقية دول الغرب وحلف النيتو!!) . نعود الى ما يهمنا من شأننا العراقي وسط هذه الأجواء العربية والأقليمية والدولية المتشابكة والملتهبة التي تجري وما تأثيرها عليه؟! ، في الحقيقة أن العراق لازال يدور في نفس مشاكله وأزماته وأن العناونين الكبيرة التي تمثل عقدة مشاكله لازالت موجودة وقائمة ، حيث لازال الفساد وأنفلات السلاح وفوضى الحياة الأجتماعية وأستمرار الأزمات والحلول الترقيعية لهذه الأزمة هنا وتلك الأزمة هناك ، تمثل واقع الحياة بالعراق! ، كما أن أمريكا باتت أكثر سيطرة على صورة المشهد العراقي خاصة بعد المصالحة مابين السعودية وأيران ! وبعدما تم ضبط أيقاع أيران وتهدأة مزاجها الثوري! . أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ فترة ليست بالقصيرة تعمل على أستفزاز الطبقة السياسية الحاكمة ( الشيعية ، السنية ، الكردية) ، من خلال الترويج من أحتمالية عودة حزب البعث المنحل! للسلطة بالعراق وذلك ، عبر مواقع التواصل الأجتماعي والسوشيال ميديا كما تطرقنا الى ذلك آنفا، وعقد المقارنات بين ما كان عليه العراق أيام حكم البعث وبين ما هو عليه الآن في زمن حكم القادة (الشيعة والسنة والكرد!؟) وقد ظهر ذلك واضحا من خلال اللقاءات التي تجريها الفضائيات الأعلامية مع المواطنين ، والتي أظهرت ميل واضح ورغبة وأماني كبيرة لذلك!! . وفي الحقيقة ومن وجهة نظري كمراقب لما تجري من أحداث ، أرى أن الأمريكان جعلوا من حزب البعث أشبه بفزاعة لتخويف الطبقة السياسية الحاكمة! بين فترة وأخرى وحسب متطلبات الموقف والأحداث السياسية التي تجري!، لا سيما وهي ترى قبول ذلك من قبل الشعب العراقي ، وتحديدا من قبل المحافضات الجنوبية! التي أنتفضت بالأمس على صدام وحكمه (الأنتفاضة الشعبانية / سنة 1991)! ، في موقف وتغير جذري غريب وعجيب وفي مشهد بثير السخرية أكثر من أي شيء آخر! ، حيث حنين الضحية لجلادها!! ، وكأن هذه الضحية تريد أن تنتقم من نفسها! بعد الذي جرى عليها خلال 20 سنة التي مرت عليها ، فباتت تحن الى أيام صدام وطغيانه وجبروته! ، ولسان حالهم يردد البيت الشعري الذي يقول ( ليت جور بنوا مروان عاد لنا وليت عدل بنوا العباس في النار!!) ، وحقيقة هذا ليس بغريب على طبيعة العراقيين فهم أصحاب بيعة وسرعان ما ينقلبون على صاحبهم ولا أمان لهم!! (وصف الملك فيصل الأول لأهل العراق)! . ومن جانب آخر يتحدث الكثير من العراقيين عن نزاهة الرئيس السابق صدام!! ، لأن النزاهة والشرف والحفاظ على الممتلكات العامة من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 صار أمرا من الصعب وجوده والعثور عليه! بسب تسونامي الفساد الذي ضرب ويضرب العراق بقوة منذ 2003 ولحد الآن ! لذا أصبحت النزاهة معيارا كبيرا للمقارنة بين المسؤول في زمن النظام السابق والمسؤول في هذا النظام! ، فصار العراقيين يتذكرون قصور صدام!! ، وهنا لا بد من الأشارة أن صدام (بنى 66 قصرا) فترة الحصار الظالم على العراق وعندما كان العراقيين يلوكون الصخر!! ( من شدة الجوع) ، ونسمع وفي أكثر من مرة وعلى لسان أكثر من مسؤول ومواطن عادي وهم يتحدثون وبقناعة! ( ومن كل عقلهم!!) ، بأن صدام لم يسجل بأسمه أية من تلك القصور!!؟؟ ويتحدى هؤلاء المطبلين لصدام أن كان هناك شيء مسجل بأسمه!!؟ ، وفي الحقيقة أن هذا كلام حق يراد به الباطل بل هو الباطل بعينه! فكل العراقيين يعرفون أن العراق من شماله لجنوبه هو كان ملكا وضيعة لصدام وعائلته وأقاربه وأنسابه وعشيرته ! ، وهل نسينا ذلك ؟؟ ، أما كذبة أن هذه القصور بأنها لم يسجلها بأسمه وأنها قصور الشعب!! فهذه هي النكتة الأكبر والسخرية والضحك على عقول الناس! وأسأل هنا سؤال لكل عراقي : من كان يتجرأ أن يقف بسيارته أو يبطأ في السير أذا مر من أمام قصر صدام في الأعظمية على سبيل المثال!؟ ، أما أذا صادف حظه العاثر وتعطلت سيارته أمام احد القصور ، فلا السيارة ولا صاحبها يستدل عليه فيما بعد!!؟، وهكذا بالنسبة لبقية القصور والدوائر والمؤوسسات المهمة التابعة للدولة ، والمقرات الحزبية ( شعب وفروع الحزب)! ، فأي قصور للشعب هذه التي يتكلم عنها منافقوا العراق!؟ . وتخرج لنا السيدة أبنة الرئيس وهي تقدم نفسها كأبنة بارة لهذا الشعب وتتكلم بكل كذب وصلافة بأنها كانت تعيش مع العراقيين وحياتهم وتفاصيلهم في الأسواق والمحلات والمستشفيات وتتحسس آلامهم ومعاناتهم! ، أي كذب هذا وأي نفاق!؟ هو أنت من يعرفك ومن شاهدك مرة واحد ولو صدفة؟ أقول ( أذا كانت الطبقة السياسية الحالية تعيش في المنطقة الخضراء المعزولة عن الشعب ، فأنتم أيضا كنتم تعيشون في قصور وأبراج عالية بعيدا عن الشعب!) مالفرق في ذلك؟ ، أما عدي المعروف بنزقه وطيشه وحبه الشاذ للنساء فحوادثه ومصائبه كثيرة وكبيرة فيها من العيب والخزي الشيء الكبير!، وهل نسوا العراقيين أم تناسوا كيف كان يطعم أحد النمور التي يمتلكها في أحد المطاعم بالمنصور (من شيش الكص) جهارا نهارا وأما العراقيين وفي زمن الحصار الظالم عندما كان العراقيين يتلوون جوعا ، ويشدون الصخر على بطونهم! ، وغيرها وغيرها من أحداث ومشاهدات وتصرفات مخزية! لبقية طغمة البعث ولياليهم الحمراء ، عندما كان بريد وزير الدفاع ( علي حسن المجيد) يوقع بين أفخاذ وراقصات الكاولية !! . نعم هم لم يسجلوا أي شيء بأسمهم لأن العراق كان ملكا عضوضا لهم! فلماذا يسجلون بأسمائهم هذا القصر وتلك البناية وتلك المزرعة! أليس كذلك؟. أنا انقل وأذكر الأحداث والمشاهد التي كانت تجري كمراقب لها ، لا حبا بهذا ولا كرها بذاك ، فقط حبا بالعراق وتذكرة للعراقيين!!؟ . أقول أية أقدار بائسة هذه التي كتبت على العراقيين ، بأن يكونوا أمام خيارين لا ثالث لهم وأحلاها أمر من العلقم !! ، أما العودة الى صدام والبعث واللغاوي والشعارات والعنتريات الفارغة التي لم تقتل ذبابة! ، أو القبول بهذه الطبقة السياسية الحاكمة هي وأحزابها وبكل تفاصيلها ، التي فشلت هي من نفسها وأمام الشعب بعدما أساءت لنفسها وللعراق وللكثير من القيم والمباديء الأنسانية والدينية . وٌقد أشرت في مقالات سابقة بأن حزب البعث ، أنتهى بأعدام زعيمه صدام وموت نائبه عزت الدوري ، والبقية من قياداته شاخت وكبرت وماتت في المعتقلات وفي السجون وهربت وأعتزلت وتركت كل شيء! ، فالبعث الذي يسوقه الأمريكان الآن والذي يطبل له نفاق العراقيين وغيرهم فهو سيكون نسخة باهته لا طعم ولا لون ولا رائحة فيه! ، ولا يحمل من ذلك الحزب الأ الأسم! . ومع كل ذلك أرى أن على الطبقة السياسية الحاكمة التي عرفنا زعاماتها وقادة أحزابها من بعد الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاشم ، أن لا تلوم العراقيين ولا أهل الجنوب تحديدا اللي هم أكثر الناس (( يصفكون للبعثيين ويهوسولهم) ، ومهما كان نوع هذا الحزب العائد باهت ماسخ ممجوج قاسي مسالم طيب ، فعليها أن تلوم نفسها!! ، نعم تلوم نفسها وعليها أن تمتلك الشجاعة بأن تنتقد وتحاسب نفسها ( اليس النقد الذاتي هو أحد المرتكزات التي تقوم عليها الأحزب) لانها قطعت كل جذور المحبة والثقة والأحترام والصدق مع الشعب طيلة ال20 سنة التي مضت وتلطخت أيادي الكثير منهم بالفساد وبدم العراقيين! فعليهم أن يراجعوا أنفسهم ويرجعوا الى عراقيتهم ووطنيتهم التي كنا نأملها فيهم قبل الأحتلال عندما كانوا معارضين للنظام السابق ، نعم على هذه الطبقة السياسية الحاكمة بكل أحزابها وقادتها وبكل توجهاتهم الفكرية والعقائدية والحزبية والقومية أن تراجع نفسها ألف مرة ومرة! ولتعرف بأنها هي السبب وراء كل ما جرى للعراق خلال ال20 سنة التي مضت! ، وذلك لأنها لم تكن على مستوى الطوح والأمل ، ولو كانت كذلك وعملت وسارت على نهج الأئمة الأطهار عليهم السلام قولا وفعلا لا ( لطما)!! ، لكان العراقيين يلعنون اليوم صدام وحزبه وراء كل صلاة!. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط