الصراع في سوريا دولي

الصراع في سوريا دولي، نعيم الهاشمي الخفاجي

‏لا شك أن ماحدث في سوريا كان نتيجة طبيعية لتدخل القوى الكبرى في شؤون دول الشرق الأوسط بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، أن من رسم حدود الدول العربية ليس أبناء الشعوب العربية، بل من رسم تلك الحدود قوى الاستعمار المنتصرة بالحرب العالمية الاولى، دائما العرب مضحوك عليهم، بريطانيا أعطت وعد شفوي إلى زعيم العالم العربي السني مفتي مكة شريف علي، في حال إسقاط الدولة العثمانية يعطون العرب مملكة ويكون شريف مكة ملك على العرب.

شريف مكة اصدر فتوى إلى أبناء العالم العربي الإسلامي السني بالشرق الأوسط بترك الجيش العثماني والوقوف إلى جانب القوات البريطانية والفرنسية المحتلة، وانفرد الشيعة العرب في مقاتلة القوات الغازية، شريف مكة أرسل نجله الخائن فيصل الأول إلى احتلال دمشق وقتل الضباط والجنود العثمانيين الأتراك وتسليم دمشق للقوات الفرنسية الغازية، كل ميليشيات فيصل الأول هم ضباط وجنود عرب سنة كانوا في الجيش العثماني، أثناء الحرب العالمية الأولى قام الانكليز بدعم عبدالعزيز سعود والبدو من الوهابية الذين بذروا بذرتها بالدولة الوهابية الأولى للسيطرة على نجد ومن ثم الحجاز ومن ثم تم طرد العميل شريف مكة وإقامة الدولة السعودية.

لنكون منصفين في النقل، العرب السنة بالجزيرة العربية والعراق والشام وقفوا إلى جانب القوات البريطانية والفرنسية الغازية، واعني بالفترة مابين ١٩١٤ إلى ١٩١٧ اي فترة الحرب العالمية الاولى، على عكس العرب السنة في المغرب العربي فقد وقفوا ضد القوات الفرنسية والبريطانية والايطالية الغازية، بالشرق العربي انفرد العرب الشيعة وحدهم في الوقوف إلى جانب الدولة العثمانية، رهناك فرق مابين مقاومة فئات سنية ضد الوجود البريطاني بعد تقسيم حدود الدول العربية اي بعد الحرب العالمية الأولى فهؤلاء قاوموا لأجل أن تسلم لهم حكومات الدول العربية الجديدة وليس إلى طرد القوات المحتلة، الفلسطينيين قاوموا القوات الغازية بسبب وعد بلفور في إعطاء فلسطين لليهود.

من رسم حدود العراق وسوريا وبقية الدول العربية هي دول الاستعمار، دمجوا مكونات غير متجانسة مع بعض ونصبوا عملائهم ليكونوا ملوك وحكام على شعوب العرب، ولم يقوموا في عمل دساتير تكون هي الحاكمة لضمان مساواة جميع المكونات في المشاركة السياسية، لتبقى دولنا فاشلة تعاني من صراعات قومية ومذهبية يسهل السيطرة عليها في أي وقت يريد المستعمرين.

لذلك سوريا تعاني من صراعات قومية ومذهبية ولولا هذا الصراع لما تم حرق الشعب السوري في أحداث الربيع، ليس لنشر الديمقراطية وإنما انتقاما من مواقف سوريا الداعمة إلى حقوق الشعب الفلسطيني، ولو كانت القيادة السورية مثل مواقف دول الرجعية العربية لما تم دعم العصابات الإرهابية لقتل الشعب السوري.

لذلك كل الشرفاء من السوريين ومن العرب، وجمع المتابعين من دول الغرب والشرق والهند والسند يعرفون أن سبب الصراع في سوريا والعراق وليبيا واليمن والجزائر والسودان يعود بالدرجة الأولى لمصالح دولية استعمارية مرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

جميع المتابعين يعرفون أن لا حل دائماً في سوريا من دون توافق كامل بين كل الأطراف الدولية واعني القوى العظمى الخمسة النووية، العالم يشهد صراع دولي لرسم نظام عالمي.

ولو نظرنا إلى القضايا الشائكة التي تم حلها بالدول العربية ومنها الحرب الإرهابية التي استهدفت الشعب الجزائري بسبب مواقفه الداعمة إلى قضية الشعب الفلسطيني، وشهادة رئيس وزراء الجزائر السابق ابو فليس قال اجتمع معي السفير الأمريكي قال لي هل تريدون تعيشون بسلام وتنتهي مظاهر القتل، يقول قلت له نعم، قال لي ضعوا أموال البترول في بنوكنا وأموال الغاز في البنوك الفرنسية، واذهب إلى السعودية واجتمع مع الملك السعودي فهد وتحدث معه سوف ينتهي الصراع، يقول يحيى بن فليس اجتمعت مع الرئيس بوتفليقة وابلغنته بكلام السفير الأمريكي، قال لي وماعلاقة السعودية في وضعنا، يقول قال لي اذهب للسعودية، يقول ذهبت اجتمعت مع الملك السعودي، وابلغته بقول السفير، لم يعير لي أي أهمية، يقول بعد الاجتماع بالملك فهد اتصلت بالسفير، أبلغته، يقول قال لي ابقى انا اتصل، بالليل جاءني مدير تشريفات الديوان الملكي قال لي بسرعة الملك يبيك، ذهبت للملك قال لي ابشر، تم اعطائي ملف كامل في أسماء ضباط الدرك والجيش المتعاونين مع المجاميع الارهابية، الذين يدخلون السلاح والتمويل، وتم اعطاء احداثيات مقر القيادة للمجاميع الارهابية، في اليوم الثاني الطيران الجزائري قصف مقرات الإرهابيين وتم قتل غالبية القادة، و اعتقلنا الضباط المتعاونين وانتهت الحرب الأهلية.

كل الصراعات بالشرق الأوسط صراعات دولية في أدوات محلية، رأينا الحرب الأهلية في لبنان انتهت من خلال توافق عام بين كل الأطراف المتشابكة والمشتبكة في تلك الحرب التي فرضت على الشعب اللبناني والهدف طرد عرفات وقواته من لبنان إلى تونس، لذلك كل الحلول تأتي كتسويات وانفراج في العلاقات والنزاعات بين القوى المتصارعة، الآن في لبنان هناك توجه نحو تنصيب فرنجيه رئيس إلى لبنان وانتهى الصراخ والتهديد في فرض رئيس معادي إلى جزء كبير من الشعب اللبناني.

اليوم على الأرض السورية هناك صراع أمريكي روسي يزداد حدة بعد أحداث أوكرانيا، الروس دخلوا سوريا وبشهادة غورباتشوف بمقال كتبه قبل وفاته في سنتين، قال فككت المعسكر الشرقي والسوفيت مقابل عدم تمدد الناتو نحو الشرق ودول الرابطة السوفياتية وعدم إسقاط الأنظمة العربية الموالين إلينا بالشرق الاوسط، لكن تم نقض الاتفاق وتمددوا نحو الشرق واسقطوا الأنظمة العربية الموالين الينا بالشرق الاوسط، لذلك بوتين تدخل في سوريا للدفاع عن آخر قاعدة روسية بالشرق الاوسط.

التوتر بين روسيا وأمريكا سواء في حرب أوكرانيا أو في سوريا سوف ينتهي بالاخير إلى عقد تفاهمات تنتهي في حلول سلمية.

هناك بعض الأبالسة من الإعلاميين العربان، يكذبون وبكل وقاحة يقولون الوجود الروسي في سوريا لحماية اسرائيل، على اساس العرب جيوشهم تهدد دخول تل أبيب، الكل شاهد قادة الخليج طبعوا بشكل مجاني وبتهديد من ترامب بعد أن حلبهم بشكل علني وسخر منهم وجعلهم أضحوكة.

في الوضع السوري توجد حاجة ماسة لتوافق غربي روسي قبل الحديث عن أي حل، والتوافق قادم لامحالة ، الصراع التركي السوري بطريقه إلى التسوية بظل خوف تركيا من الفصائل الكردية التي تهدد الأمن القومي التركي من سوريا.

هناك مصلحة تركية في إيجاد حل في سوريا، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان جعلت أردوغان يعرف أن القوى الغربية تتحين الفرصة لاسقاطه لذلك اتجه نحو الشرق، الانتخابات القادمة في تركيا والتي تجرى بعد أيام سوف يفوز أردوغان بالانتخابات وبشكل سهل وسوف تخسر المعارضة التركية، انا شخصيا أعتقد أن فوز أردوغان لايمكنه بالفوز الساحق وإنما فوز بفارق ليس كبير، تمكن من وجود معارضة تركية قوية داخل البرلمان.

من مصلحة الدول العربية إنهاء الوضع في سوريا وإيقاف النفوذ التركي من خلال منظمة حركة الإخوان المسلمين وفروعها المنتشرة بالدول العربية التي تشكل تهديد للدول العربية، لذلك مانراه من التقارب العربي مع دمشق الغاية إيقاف الصراعات وتدخل أردوغان لإيقاف نفوذه في سوريا لمنع تمدد نفوذه في بقية الدول العربية مثل ليبيا والسودان.

موقف قطر تتوافق مع تركيا بخصوص الحل السوري، بينما بقية الأطراف العربية تعارض المخططات التركية في سوريا.

وقد شاهدنا كيف رفض الرئيس السوري اللقاء بالرئيس التركي قبل الانسحاب من الأراضي السورية في الشمال، فخرج وزير الخارجية التركي في الاعلان بشكل رسمي وواضح ، فقال: «لن ننسحب من الأراضي السورية قبل تسوية مشكلة قسد وبقية الميليشيات الكردية التي تهدد الأمن القومي التركي من سوريا»، ثم أضاف الوزير التركي بالقول أن التوافق التركي السوري ليس مصلحة أمريكية، لأنه سيتصدى للمشروع الكردي المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً في سوريا.

هذا كلام وزير خارجية تركيا وليس كلامي وانا لم ولن افتري بل ناقل إلى تصريحات وزير الخارجية التركي.

بعد هزيمة المجاميع الاخوانية الوهابية التكفيرية، المطلوب إيجاد حل دائمي للصراع القومي والمذهبي الموجود في داخل سوريا، المطلوب تشريع قوانين تضمن المساواة بين المواطنين وضمان مشاركتهم في الحياة السياسية وعدم تهميش اي مكون، ودعم القطاع الخاص لتوفير فرص عمل لكل المواطنين السوريين وتوفير عيش كريم ورفاهية لابناء الشعب، توصل الدول الكبرى إلى تفاهمات واتفاقات ينعكس ذلك بشكل ايجابي على الوضع السوري الداخلي، وسيؤدي بشكل مؤكد الى تسوية بين الدولة السورية وقوى المعارضة السورية، على اعتبار أن هناك حقيقة ان المعارضة السورية المسلحة بغالبيتهم مجاميع تكفيرية مثل النصرة ومشتقاته فهم ليسوا سوى أدوات رخيصة في أيدي أطراف خارجية استعمارية استعملتهم لتدمير وذبح الشعب السوري، وعندما تتفق تلك الأطراف الدولية الخارجية، تنتهي أهمية هذه المجاميع الارهابية المسلحة، هذا لايعني أننا ضد المعارضة السورية السلمية التي تطالب في الإصلاح والعدالة والمساواة.

بمنطقة الشرق الأوسط استعملت القوى الدولية المعارضات المسلحة في ابتزاز دول، لذلك حال توصل الدول الكبرى إلى اتفاقات فيما بينهم يتم التخلي عن الخونة والعملاء، ويتم اسماعهم كاسيت غنائي( يمسربتني بين النسوان) اغنية كانت موجودة ايام زمان في عصر الظلم والذل التي عشناه بحقبة نظام البعث بالعراق، حال التوصل الى تفاهمات سوف نشاهد عودة ملايين السوريين الذين هربوا إلى دول الجوار السوري، في تركيا والأردن ولبنان والعراق والهاربين في الدول العربية الأخرى والافريقية بشكل خاص، أما اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا فغالبيتهم يرفضون في القبول بالعودة إلى حضن الوطن، بل معظم اللاجئين العرب في أوروبا لايقبلون بالعودة للعيش في الدول العربية، عاشوا في وضع وولد أبنائهم في أوروبا ودرسوا وتعلموا على حياة مغايره للوضع الحياتي بدول الشرق الاوسط، قضية المباشرة في إعادة إعمار سوريا تكون بوابة للدول الكبرى لتحسين علاقتها مع الدولة السورية.

بعض الموتورين، من عملاء الاستعمار أمثال فيصل القاسم يقول في صفحته على تويتر( تقسيم البلاد على أساس مذهبي هو الحل الدائم

مع تقسيم البلاد سوف تقوم الطوائف بنزوح تلقائيًا كل الى مناطق طائفته).

هذا العميل العتل الزنيم كان الأجدر به أن يطالب في تشريع دستور وقوانين تضمن حقوق كل المواطنين في سوريا من خلال المساواة والعدالة الاجتماعية ودعم القطاع الخاص وتعزيز حرية الرأي وتعزيز سلطة القانون والسماح بالتعدد الحزبي والثقافي في المشاركة بالحياة السياسية.

بصفتي متابع جيد وعشت عقود طويلة من حياتي في مقارعة نظام البعث الجرذي الصدامي بالعراق، وحسب تجربتي العملية، أفضل حل في سوريا، يتم تحويل نظام الحكم في سوريا من نظام جمهوري إلى نظام ملكي دستوري، ويرشح الرئيس بشار الأسد نفسه كملك دستوري للشعب السوري، ويلغي حزب البعث، ويؤسس حزب جديد، ويسمح للشعب السوري في انتخاب رئيس وزراء من خلال الانتخاب الشعبي، ويكون الحكم للشعب، وليبقى الدكتور بشار الأسد ملك هو وابنائه واحفاده على الشعب السوري، لا يمكن نجاح الديمقراطيات بالشرق الأوسط إلا من خلال دعم تجربة الأنظمة الملكية الدستورية، لأن مشكلة الحكام العرب لم ولن يتركوا مناصبهم إلا من خلال الانقلابات العسكرية، والانقلابيين أيضا يطمعون بالسلطة، لذلك أنظمة الحكم الملكية الدستورية هي أفضل الخيارات لنجاح الديمقراطية في الدول العربية، الشعب السوري شعب طيب، سبق للسوريين قبلوا في تولي اللعين الضال يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الذي تسبب في قتل آل بيت رسول الله ص واستباح مدينة رسول الله ص وحرق الكعبة في مدفعية المنجنيق، اقلها بشار الأسد دكتور متخصص في العيون وشكله وسيم وجميل، أكيد أفضل مليون مرة من الفاسق يزيد ومن أبيه الملعون معاوية بن أبي سفيان.

في الختام نتمنى أن يعم الأمن والسلام في سوريا ويعيش جميع المواطنين السوريين في مساواة وعدالة بعيدا عن لغة الاقصاء والقتل والتهميش.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

3/5/2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here