العدالة في عالم الحيوان، عقول الحيوانات وما يدور بداخلها !

العدالة في عالم الحيوان، عقول الحيوانات وما يدور بداخلها ! (*)

د. رضا العطار

من المحتمل جدا ان يكون هناك عدد كبير من الاشخاص الذين لا يدركون ان للحيوانات شريعة اخلاقية يعيشون بموجبها ويتقيدون بها، افضل من تقيد البشر بشريعتهم، وان لديها ضرب من الذكاء الاخلاقي، هذا ما يصرح به البروفيسور )دومينيك لاكابرا( المؤرخ في جامعة كورنيل في الولايات المتحدة : ان القرن الحادي والعشرين هو قرن (الكشف الحيواني) فقد بدأت ابحاث الذكاء والمشاعر الحيوانية تمثل مكانة على اجندة عدد من الاختصاصات العلمية من علم الاحياء التطوري وعلم السلوك الحيواني الادراكي الى علم النفس وعلم الانسان والفلسفة والتاريخ والدراسات العقائدية.

ان حياة الحيوان الاجتماعية تتأثر بانماطها السلوكية ويؤدي الى ما هم مفترض وما هو واجب فيما يتعلق بالصواب والخطأ دورا مهما في تفاعلاتها الاجتماعية، كما هو الحال بالضبط في تفاعلاتنا. واذا كنت تشعر ببعض الريبة فاننا ندعوك لان تطلق العنان لعقلك تنظر الى الحيوان من منظور مختلف.

تعتمد حجتنا تفاعل المعلومات التي تم جمعها من عدد كبير من البحوث العلمية علاوة على العلوم الانسانية. بيد اننا نعود في المقام الاول على الابحاث التي اجريت في علم الاخلاق الادراكي والسلوك الحيواني بما في ذلك انماط التواصل والعدوان والتعليم والعواطف والسلوك الجنسي . . . ومصطلح علم الاخلاق مشتق من الكلمة اليونانية (ettos) التي تعني (عادة). وهنا يريد بعض الباحثين معرفة السبب وراء تطور المهارات الفكرية والعاطفية والاخلاقية للحيوانات وكيفيته وسلوك الجماعات الاجتماعية والتباينات بين الانواع.

يتبع علماء الاخلاق عادة الاطار المنهجي الذي بيًنه Nico tinbergin في مجال السلوك الحيواني اهمية كبيرة حتى انه مُنح جائزة نوبل في عام 1973 بالاشتراك مع زميله في البحث Conrad lornis الذي كتب ايضا في العديد من جوانب السلوك الحيواني، بما في ذلك التعلم بالتطبع وكذلك Karl von frish الذي اكتشف لغة النحل. والف كتابه الممتع (لغة الرقص وتوجيه النحل).

لقد حدد Tinbergin الجوانب التي يجب ان ينصب تركيز الابحاث الاخلاقية بها سواء أكان الباحث في هذا العلم مهتما بمعرفة كيف تتجب طيور النورس افتراس الثعالب الحمراء لها، او كيف تعثر الدبابير على اعشاشها بعد رحلات القنص الطويلة التي تقوم بها، او كيف يخطب الاوز ود بعضه بعضا، او كيف تلعب الكلاب مع صغارها، او كيف تواسي الأفيال بعضها بعضا . . . كل ذلك يفسر كيف ينشأ سلوك ما ويتطور على مدى حياة الفرد وما يؤدي الى ظهور اختلافات فردية، او كيف يسمح اداء فعل ما للفرد بان يتلائم مع بيئته ويتيح له التكاثر في نهاية المطاف.

ان الابحاث التي اجريت في اطار علم الاعصاب والمعنية بأستكشاف الاساس البيولوجي للسلوك الاجتماعي وخاصة حول كيفية سلوك المخ والجهاز العصبي على السلوكيات الاجتماعية مثل الانتماء والثقة او التقمص الوجداني تضيف بعدا جديدا الى اكتشاف سر علم الاخلاق حول الحياة الاجتماعية والعاطفية للحيوانات .

Georg Shalal هو احد ابرز علماء الاحياء على مستوى العالم، عندما سُئل عن شعوره عند التحديق في عين الغوريلا، أجاب :

( اني اشعر بصلة مميزة بها، فها انا انظر الى كائن آخر يشبهني في بنيته، وادرك ان صلة قرابة تربطني به، ويمكنني ان ارى التعبيرات المرتسمة على وجهه وافسرها بعبارة اخرى. فأنني اتعاطف مع ما يفعله، اما محاولة الكشف عما يدور بخلده فأمر مستحيل، لكنني استطيع تفسير ردود افعاله بناء على ردود افعالي انا، انها مخلوقات جميلة وفريدة، بل واني استطيع التعرف اليها من ملامح وجهها )

* مقتبس بتصرف من كتاب العدالة في عالم الحيوان لمؤلفه مارك بيكوف وجيسيكا بيرس ترجمة فاطمة غانم، ط 1 2010 هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث والكلمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here