أي تغيير تنتظرون ، لا خير يرتجى من أمريكا؟

علاء كرم الله

في أمثالنا الدارجة هناك مثل يقول ( اللي يكره العام ميحب السنة!) ، ومعنى المثل مفهوم ، ووجدت فيه ما ينطبق على أمريكا وعلى وجودها بالعراق وعلاقتها به وما تريد وما تضمر له! ، وأنا لا أكتب مقالي كرها بها كغالبية العراقيين ، لأنها دمرت العراق وحطمته فحسب ، بل ولكونها عنوان الشر في هذا العالم ، وأيضا نا لا أكتب مقالي هذا من باب التشاؤم ، بل لأنه الواقع الذي نعرفه عن أمريكا وتاريخها! ، فأمريكا لا يهما أن هي فقدت محبة وأحترام العراقيين وصداقتهم لها ، منذ خدعة وكذبة أسقاط النظام السابق وبأنها جاءت لتحرير العراق وأقامة عراق حر ومزدهر ينعم بالرفاهية والخير والسعادة والأستقرار! ، كما وأن أمريكا لا يهمها أن كذبت على كل شعوب العالم وخدعتهم ولا يهمها كره الشعوب لها ، ولا يهمها حتى دمارهم! ، الذي يهمها في الأول والآخر هو مصالحها القومية العليا! . فأمريكا لم يوجعها ضميرها عندما أنهت ومحت بلد كامل عمره أكثر من 7000 سنة بحجج واهية لا أساس لها من الصحة وحتى مجلس الأمن والأمم المتحدة لم يجدوا أي مبرر لغزو العراق وأحتلاله ! ، وهي لم تكتف بذلك ، بل أباحت للعالم كله أن ينهب ويسرق كل ما في هذا البلد من خيرات وثروات منذ الأحتلال الغاشم ولحد الآن! ، بعد أن قصّت هي بيدها الآثمة الملوثة بدماء الشعوب شريط السرقة والنهب ، كما وبصمت ووقعت وشجعت كل دول العالم على أستباحة هذا البلد ونشر الفوضى فيه وزرع الفتن والحروب الأهلية والأقتتال الطائفي ، وقصص دمار العراق وتخريبه كثيرة والعالم كله يعرف ذلك ، ناهيك عن موت أكثر من مليون ونصف عراقي بسبب الأحتلال وقبلها بسبب حصارها الظالم للعراق الذي أستمر 13 سنة والذي يعتبر أقسى حصار بالعالم! ، هذا هو تاريخ أمريكا مع العراق في العقود الثلاثة الماضية! ، ولا أريد أن أقلب الأوجاع والمواجع أكثر وأعود الى عام 1963 عندما رتبت ومكرت وخططت مع حليفتها الخبيثة بريطانيا كل الأمور للأطاحة بالنظام الوطني في العراق ( نظام الزعيم الوطني الراحل الشهيد عبد الكريم قاسم عام 1963 ) ، ولا يمكن أن ننسى مقولة الرئيس الأمريكي أنذاك (روبرت كينيدي) الذي قال ( لو لم ينجح أنقلاب 1963 لكنا قد حرقنا بغداد!!) ، هذا هو تاريخ أمريكا مع العراق ، لبعض السذج الذين ينتظرون التغيير والخير من قبل أمريكا! . وليس ببعيد عن ذلك لا بد أن نذكر هنا ما نقله السفير الروسي وهو في طريقه الى دمشق ( رسالة من أمريكا) للحكومة العراقية أثناء المعارك الطاحنة التي جرت أثناء الغزو الأمريكي للعراق بأنه في حال عدم أستسلام الجيش العراقي خلال 48 ساعة! ، (( فأن أمريكا ستقصف بغداد بنفس القنبلة النيترونية التي قصفت بها القوات العراقية في معركة المطار!!))،// فهذه القنبلة تولد حرارة مقدارها 10000 درجة مئوية! قادرة على أذابة الأجساد البشرية على بعد عشرات الكيلومترات دون المساس بالممتلكات!! وهو ما حدث بالفعل للجنود العراقيين الذين دافعوا في معركة المطار!! حيث لم يستدل على أجسادهم التي ذابت ، فقط كان هناك بقايا ساعاتهم وهوياتهم ومحابسهم وبساطيلهم!!//)) . هذا هو تاريخ محبة الأمريكان للعراق وشعبه!؟ . فمنذ فترة ليست بالقصيرة تسوق أمريكا من خلال أعلامها الشرير الكاذب والمخادع وعلى لسان بعض المطبلين لها! ، بأنها غير راضية على الوضع في العراق وتوحي بأنها عازمة على تغيير ذلك!!؟ ، ولا أدري كيف نصدق ذلك ؟ ، بل من هو الساذج الذي سيصدقها؟ هل هو أستخفاف بحياة وعقول العراقيين؟ أم هو أستغلال لذاكرة العراقيين التي أصابها الكثير من النسيان والتعب والأرهاق من كثرة المصائب وصور المرار والضيم التي مرت عليها وشاهدتها ، فماذا تتذكر حتى تتذكر! ، ولا أدري هل نست أمريكا أم تناست عن قصد بأنها هي من خلقت هذا الوضع بالعراق بكل قصد وخبث وتدبير وتآمر منذ 2003 ولحد الآن! ، فهي جاءت لتدمير العراق وتخريبه ونهبه وتقسيمه (نقطىة راس سطر كما يقال)! ، ولا يمكن أن يتغير هذا الهدف الستراتيجي لها مهما حدث من ظروف دولية أو أقليمية فهي ماضية بهذا النهج! . نعود الى صلب المقال ، ولنفترض جدلا وهذا من وجهة نظري كمراقب للأحداث وما يجري بالعراق منذ 2003 ولحد الان ، لا أنحياز لهذا ومحبة به ولا كرها لذاك وبغضا به ، سوى محبة العراق ورفعته، بأن أمريكا تريد فعلا تغيير العراق؟ وهنا نسأل : لماذا الآن وبعد 20 سنة؟؟ هل هو من اجل مصالحها؟ ، أم عطفا وحبا وحزنا على العراقيين وما وصل أليه حالهم وحال عراقهم؟ ، فأذا كان أمر التغيير من أجل عيون العراقيين فهذه كذبة أخرى وجديدة حيث سبق لها أن فقأت! عيون العراقيين بوعودها السابقة عندما أسقطت النظام السابق من أجل عيون العراقيين !!! ، أما أذا كان التغيير هو من أجل مصالحها القومية العليا ، فهذا قابل للتصديق فعلا ، فمصلحة أمريكا فوق كل الأعتبارات . ودعونا نعود الى الوراء الى عام 1998 عندما أتخذ الكونغرس الأمريكي قرار تحرير العراق! ، ما الذي حدث وراء قرار الشر هذا؟ هل حررت أمريكا العراق من دكتاتورية النظام السابق لينعم بالحرية والديمقراطية والأستقرار؟ ، أم أحتلته وغيرته نحو الأسوء؟! ، الجواب واضح جدا ويعرفه القاصي والداني ، فهي حطمت العراق ودمرته وشجعت كل دول الجوار ودول الأقليم على نهب العراق وتخريبه ، وأعطت الضوء الأخضر للعالم أجمع بأنها جعلت من العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول!، ألم تكن هذه سياسة أمريكا في العراق منذ 2003 ولحد الان؟! . مثال آخر الى الذين لا يزالون يضنون خيرا بأمريكا ويطربهم صوت المطبلين لها! ، هذه أفغانستان مثال ليس ببعيد بل قريبة جدا أحداثها وصورها ومآسيها ، لنتذكر ماذا جرى لأهلها وناسها ، فبعد أن وجدت أمريكا أن من مصلحتها ترك أفغانستان تركتها! ، بعد سنوات من الوعود والعهود بأنها ستعيد وتبني أفغانستان الحرة الديمقراطية! ، فجأة تركت أهلها تحت رحمة (مقاتلي طلبان) ، وعصاباتها وتخلفهم وتشددهم الديني؟! . أخيرا نقول: علينا أن نعرف أن أمريكا أذا أرادت أن تبدل السيء وتغيره فتبدله وتغيره بأسوء منه لا بأحسن منه!! ، فلا تنتظروا خيرا من أمريكا ، بل أنتظروا ماهو أسوء!! ، فتاريخ أمريكا الأسود هو من يقول ذلك ، اللهم أحفظ العراق وشعبه ورد كيد من يريد به السوء ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here