استثمار الغاز بالعراق واجب وطني

استثمار الغاز بالعراق واجب وطني، نعيم الهاشمي الخفاجي

بعد قرن من اكتشاف وتصدير البترول من الدول العربية المصدرة للبترول ومنها العراق، بدأت الدول العربية المصدرة للبترول ومنها العراق التخطيط والبدا في استثمار الثروة الغازية المصاحبة للبترول والتي كانت ولازالت تحرق بدون الاستفادة منها.

رغم أن الجميع كان يعلم انه يمكن الاستفادة من الغاز بدل ان يتم حرقه، أتذكر كنا طلاب في المرحلة المتوسطة ودرسنا في مادة الجغرافية وجود المعادن والثروات الطبيعية بالعراق، ومدرس المادة المرحوم السيد شاكر نوير، والذي توفي قبل عدة سنوات من اهالي قضاء الحي، قال الغاز الذي يحرق لا يقل أهمية عن البترول، هذا الكلام في عام ١٩٧٧، بعد سقوط نظام البعث ذهبت في إحدى زياراتي للعراق واصطحبت معي اولادي، ذهبت للبصرة لزيارة بيت جدهم الداعية المرحوم الحاج ابو صاحب التميمي، وصلنا الزبير رأينا النيران مشتعلة، سألوني قلت لهم هذه حقول بترول، سألوني عن النيران، قلت لهم يتم حرق غاز مصاحب للبترول، قالوا لي ولماذا لايتم بيعه، قلت لهم الكثير من ثروات العرب تذهب هدرا بدون الاستفادة منها.

بعد مايقارب من قرن من الزمان صدر العراق مليارات من براميل البترول هاهو العراق بدأ استغلال جزء من الغاز المصاحب للبترول، وقد صدرت وزارة النفط العراقية عدة شحنات من الغاز المسال للبيع للدول الاجنبية، بل الحكومة العراقية باتت تخطط ووقعت عقود للتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي.

تفكير الحكومة العراقية في استثمار الغاز المصاحب، وكذالك استخراج البترول من الحقول الغازية، هذا التوجه الحكومي العراقي، جاء نتيجة طبيعية لزيادة الطلب في السوق العالمية على الغاز، والذي يدخل في إنتاج الكهرباء وفي التدفئة والطبخ، وفي تشغيل العجلات، لدينا في الدنمارك أجور الكهرباء جدا غالية، وتوجد شركات سكن تستعمل الغاز في تزويد مجمعات السكن للمطابخ والتدفئة في الشقق السكنية، فاتورة الدفع السنوية للطبخ والتدفئة بالغاز لا تتجاوز ٣٠٠ دولار في أعلى استعمال، الكثير من الناس يدفعون مبالغ أقل، رغم أن الدنمارك تستورد الغاز من روسيا والنرويج، وليس إنتاج محلي.

العالم اتجه نحو الطاقة النظيفة بدل استعمال البترول، الكثير من الدول باشرت في استعمال الطاقة البديلة المستدامة المستخرجة من الطاقة الشمسية والرياح، وكذلك غالبية دول العالم اتجهت نحو استخدام الغاز في الطبخ والتدفئة وفي تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، لذلك بالعقد المقبل سوف تنتهي أهمية البترول وتبقى دول العالم بحاجة إلى الغاز خلال العقود الزمنية القادمة، لذلك شاهدنا تهافت الكثير من الدول العربية مثل السعودية والكويت والإمارات في الاتجاه نحو الاستفادة من الثروة الغازية، لذلك بات أمر طبيعي الدول تستفيد من الغاز وعملت تعاقد مع شركات إلى استثمار الغاز المصاحب لاستخراج البترول.

توجه الحكومة العراقية الحالية في دعم استثمارات الغاز، الغاية جعل العراق منتج ومصدر مهم للطاقة الاقل ضررا للطبيعة مع توقيع التزامات دولية بخفض انبعاثات الكربون الناتج من عمليات الحرق للغاز، لاستعمالات الديزل في تشغيل الكثير من محطات توليد الكهرباء في دول العالم، الغاز هو الخيار الأفضل لإنتاج الطاقة الكهربائية والتدفئة والطبخ وتشغيل المصانع، استخدام الغاز افضل بكثير من استخدام المشتقات البترولية.

حسب التصريحات الحكومية العراقية ووزارة الكهرباء ووزارة النفط العراقية هناك توجه حكومي عراقي في استخدام الغاز لإنتاج كل الطاقة الكهرباء في العراق، مع تحرك حكومي عراقي في اتجاه آخر وهو التعاقد مع شركات ألمانية وصينية في استخدام الطاقة المتجددة المستخرجة من ضوء أشعة الشمس. برامج الحكومة العراقية متجهة نحو استخدام الغاز المصاحب في محطة عكاز في الانبار قبل شهر تقريبا، ويقع حقل عكاز الغازي الذي تم اكتشافه عام ١٩٩٢شمال غربي الأنبار، ٢٥كم جنوب غرب قضاء القائم على نهر الفرات، بالقرب من الحدود السورية، ويبلغ طول الحقل ٥٠كم ويبلغ وعرضه ١٨كم، وتوجد فيه ستة آبار محفورة، فيما يبلغ المخزون الغازي المثبت فيه ٦ تريليون متر مكعب قياسي.

وتوجد بيانات حول توقيع عقود لاستثمار حقول غازية في ديالى والبصرة والناصرية، بالعراق توجد معامل لإنتاج الغاز منذ زمن ليس بالقصير، حسب بيانات وزارة النفط العراقية توجد حقول غازية عملاقة بالعراق.

البريطانية أعلنت، في عام ٢٠٢١أن العراق احتل المرتبة الرابعة عربياً والثاني عشر عالمياً بأكبر احتياطيات الغاز المؤكدة خلال عام ٢٠٢٠بواقع١٢٤،٦ تريليون قدم مكعب، تمثل ١.٩% من احتياطيات العالم من الغاز.

بظل صراع الغرب مع روسيا ارتفعت اسعار البترول والغاز، لكن حال التوصل الى اتفاق وقف الحرب في أوكرانيا تنخفض اسعار البترول إلى درجات قياسية بل سوف نشاهد خلال عقد من الزمان تنتهي أهمية البترول مثل ما انتهت أهمية الفحم عندما كان مصدر الطاقة الأول قيل اكتشاف البترول قبل قرن من الزمان.

دخول العراق سوق بيع الغاز الطبيعي في الخارج، تختلف عن بيع البترول الذي يباع بالمزاد، بينما الغاز يباع بطريقة توقيع عقود ويتم التصدير عبر أنابيب، أردوغان فكر أن يجعل تركيا مركز لبيع الغاز والبترول لكسب أموال من الدول المصدرة للبترول والغاز من خلال إقامة مركز بيع الطاقة المزمع إقامته في تركيا، توقيع عقود الغاز تكون طويلة الأجل مع الدول التي تشتري الغاز، استخدام الغاز بالعراق في إنتاج الطاقة الكهربائية وفي تشغيل المعامل والمصانع والسيارات يسهم بشكل كبير في تقليل الانبعاثات للغازات المضرة، بل نفسه الغاز أيضا يمكن استخدامه من خلال تحويله إلى هيدروجين وايضا اسعاره تكون جدا غالية، العراق يمتلك ثروات نفطية وغازية ومعادن وأرض خصبة تصلح لزراعة كل أنواع الحبوب والفواكه التي تزرع في الطقس الحار في أفريقيا والهند وأمريكا الجنوبية، لدينا بالعراق نهرين، لدينا ثروة سمكية، لدينا طاقات بشرية تضم آلاف المهندسين والفنيين المتخصصين بكل المجالات، يحتاج دولة تدعم شركات ومصانع ومعامل القطاع الخاص للنهوض بالبلد.

اليوم تناقلت الاخبار إعادة فتح معمل إنتاج التجهيزات العسكرية بأمر من الحكومة العراقية الحالية، حيث قام وزير الدفاع في إعادة العمل بمعمل الالبسه العسكرية الذي اغلقه وعطله من سبقوه والذي يضم أحدث الأجهزة ويشغل العشرات من العراقيين وهو مخصص لتجهيز القطعات العسكرية والحشد والشرطة السؤال كم كان يقبض وزراء الدفاع وادارتهم الفاسدة من اجل ايقاف بوابة انتاج وطنية تجهز وتشغل وتحفظ اموال البلد.

واين كان رؤساء الحكومات وأجهزة الرقابة وقادة الأحزاب لماذا لم ينتبهوا إلى قضية إعادة تشغيل المعمل.

خلال زياراتي المتكررة بالعراق، رأيت العجب، لدينا الكثير من الأصدقاء والأقارب يسكنون في مناطق ريفية ولديهم كل واحد عشرين دونم زراعي ويشترون تمور من الاسواق، حتى انا تكلمت معهم، قلت لهم لماذا لاتزرعون نخيل في ارضكم، قالوا لانعرف كيف نزرع، ولانملك أموال لشراء فسائل جيدة، قلت لهم التمر الذي تشترونه عندما تاكلون التمر ضعوا النواة او الفصم بالتراب راح يخضر وخلال اربع سنوات يصبح نخيل، نسبة ٦٠% يكون نخيل مثمر ونسبة ٤٠% يكون فحل، انتم استفيدوا من النخيل المثمر، والنخيل الفحول تستطيعون تقلعونه وتاكلون الجمار، هناك تقصير في القنوات الفضائية العراقية، يفترض عرض مقاطع الفيديو الموجودة في اليوتوب لتعليم الناس كيف يزرعون، امس وجدت مهندس زراعي جزائري يعلم الناس كيف زراعة اللوز من البذور وان أشجار اللوز تعيش في درجات الحرارة الجدا عالية تصل إلى خمسين درجة او اكثر، هذا يعني زراعة اللوز ناجحة في وسط وجنوب العراق، وأشجار اللوز لا تستهلك كميات مياه كثيرة، نطالب الحكومة العراقية في الطلب من هيئة الإعلام العراقي في تخصيص ساعات من البث التلفزيوني لتعليم المواطن العراقي كيف يزرع وكيف ينتج.

العراق بلد غني بثرواته النفطية والغازية والمعدنية والزراعية، يحتاج دولة تدعم القطاع الحكومي والقطاع الخاص مع بعض للنهوض بالواقع الاقتصادي العراقي نحو الأفضل، يمكن إعطاء الأراضي الصحراوية والتابعة للدولة إلى الجيش والحشد لزراعتها وانا على يقين تكون الأرباح كافية لتمويل وزارة الدفاع والحشد بل وتكون زيادة أموال بالمليارات تعطى لميزانية الدولة العراقية.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

6/5/2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here