أردوغان فائز لامحالة

أردوغان فائز لامحالة، نعيم الهاشمي الخفاجي

انا لست اردوغاني، لا ألتقي معه لا حزبيا ولا قوميا ولا مذهبيا، لكن هذا الرجل، استطاع استعمال أساليب الخداع بذكاء، اتمنى خسارته لكن الواقع على الأرض مختلف تماما، تركيا في الأيام القليلة القادمة ستجري بها الانتخابات العامة، سوف تجرى في يوم الرابع عشر من هذا الشهر، مهما كتب الكتاب والمحللين حول حظوظ الفائزين، لكن الواقع العملي على الأرض يؤكد ان الفائز طيب أردوغان، ربما تستطيع المعارضة التركية كسب مقاعد بالبرلمان لإيجاد معارضة حقيقية تربك عمل أردوغان، لكن يفوزون عليه فهذا مستحيل.

نشاطات اردوغان وتجواله بالمدن التركية أظهرت وجود جماهير قوية مساندة لحزب اردوغان، شيء طبيعي أجهزة الأمن والشرطة والجيش وموظفي الدولة غالبيتهم مع اردوغان، خطابات أردوغان كانت حماسية لرفع همم الناخبون الأتراك من انصاره للمشاركة والذهاب إلى مراكز الاقتراع الانتخابية لاختيار ممثليهم من نواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي، الدلائل تشير إلى فوز حزب أردوغان، وسوف يتم التجديد إلى اردوغان في زعامة الحزب والتجديد بمنحه فترة رئاسية أخرى لمدة خمسة أعوام، تضاف إلى السنوات العشرين، التي قضاها على رأس الهرم السياسي في تركيا.

عشرين عاما قضاها اردوغان في عمل متواصل استطاع اسلمة الدولة التركية من خلال اتباعه كل وسائل التقية المنافية الى الشرع الإسلامي السني، تقية في أبشع صورها، المتطرفين من أتباع المدرسة السنية كانوا يتهمون الشيعة في استعمال التقية، رغم أن علماء الشيعة تطرقوا كثيرا وقالوا إن التقية لدى الشيعة وفق القرآن الكريم، لها ضوابط ولاتقية عندما يكون المساس بالقرآن أو المساس في الله عز وجل أو قتل النفس البريئة المحترمة.

الوهابية كانوا يتهمون الشيعة بالكذب والنفاق بسبب استعمالهم التقية المزعومة، ياسبحان الله عندما قام ولي العهد السعودي بن سلمان في التضييق على رجال الدين الوهابية رأينا غالبيتهم العظمى استخدموا التقية بطريقة نفاق تناقض مع قيم القرآن وشرع الله عز وجل لاتقاء محاسبة ولي العهد السعودي لهم، خلال وجودنا رأيت في حياتي أشخاص كثيرون سنة يكذبون ويدعون أنهم شيعة لكي يعملوا لدى تجار ورجال أعمال شيعة في دول المهجر، حتى ذات يوم مسكت واحد منهم وقلت له لماذا تستخدم التقية مقابل أن يشغلك صاحب العمل الشيعي، صاحب العمل قال له يا أخي أنت تعمل عندي مقابل أجر فلا داعي لكي تتعب نفسك وتتظاهر بأنك شيعي، الروابط التي تجمع الشيعة والسنة كثيرة وانت مخطىء عندما تعتقد نرفض اعطاء شغل لكم عندنا لكونك سني.

اردوغان استعمل أسلوب ذكي في كسب ساسة الغرب، فتنهم بسحره، وصل للسلطة وكان العسكر يترصدوه، للاطاحة به، لكنه تعامل معهم بذكاء حتى اخذ منصب رئاسة الجمهورية وضافها إلى منصب رئاسة الوزراء، سطع نجم اردوغان، بدأت دول غربية تخشاه، تبرعت دول الخليج بالمال ومن خلال الفكر الوهابي والذي هو وصل إلى حزب اردوغان نفسه، ومن خلال فتح الله غولن دبر العسكر الانقلاب لضرب الاثنين معا، لكن فشل الانقلاب من خلال بيان مقطع فيديو في الفيس بوك، وجه دعوة للجماهير في سحق الانقلاب، وكانت فرصته في تصفية قادة الجيش واستطاع أسلمة وأخونة الجيش التركي، واستطاع السيطرة على السلطة في تركيا وإلى الأبد.

يقول الظلامي المتطرف الكويتي عبدالله النفيسي، ذهبت إلى تركيا والتقيت مع أردوغان، وسألته عن مظاهر وجود عاريات في شوارع أنقرة واسطنبول، فهل هو هذا الحكم الإسلامي عندكم، يقول قال لي عندي هدف اهم من ذلك، اريد أسلمة الدولة، وإذا دخلت بصراع مع العاريات ادخل في نفق مظلم، فهو أيضا يستخدم التقية حتى مع عامة شعبه، الرجل يريد أسلمة المجتمع التركي على شكل مراحل.

التقارير الإعلامية الغربية متباينة، يمنون أنفسهم بخسارة اردوغان، لكن الواقع أن حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم، يتقدم على الأحزاب الأخرى في الانتخابات البرلمانية، ومن المؤكد أن يحافظ على أغلبية برلمانية بائتلافه مع أحزاب قومية ودينية متشددة.

انا شخصيا عندي يقين الحزب الشعب الجمهوري يستطيع الحصول على مقاعد معارضة برلمانية قوية لكن تبقى الغلبة إلى حزب أردوغان.

جيوش اردوغان الإلكترونية من فيالق الإخوان المسلمون العرب لعبت دور كبير في دعم أردوغان بمواقع التواصل المتعددة الفيس بوك وتويتر وتوك توك، اتبعوا أساليب طائفية ضد مرشح الحزب الجمهوري وتحالف الأمة السيد كمال كليتشدار أوغلو بالقول انه شيعي علوي، بكل الاحوال ربما حسم منصب الرئاسة يحتاج جولة ثانية تجرى في يوم الثامن والعشرين من الشهر الحالي وتكون محصورة بين اردوغان كمال كليتشدار.

عدد الناخبين في الانتخابات المقبلة يصل لقرابة ٦٠مليون ناخب، من مجموع ٨٥مليون نسمة وهو إجمالي عدد سكان تركيا. منهم ٥ ملايين ناخب يصوّتون للمرّة الأولى، ويمثلون الجيل الشاب الذي ولد في حقبة الرئيس طيب إردوغان.

وكذلك يوجد ملايين من العرب والهنود والفليبيين تم تجنيسهم خلال العشر سنوات الأخيرة من أعضاء منظمة حركة الإخوان المسلمون العالمية، فهم يصوتون إلى جانب طيب أردوغان، يشكل الأكراد مايقارب عشرين بالمائة من الشعب التركي ويمثلهم سياسياً حزب الشعب الديمقراطي، أردوغان اعتقال زعيم الحزب صلاح الدين ديمترش وراينا زيارة اردوغان قبل عدة أيام إلى المحافظات الكوردية ورأينا ملايين الأكراد استقبلوا أردوغان ومن المؤكد أن أصوات الكثير من الأكراد تذهب إلى أردوغان، بكل الاحوال اردوغان ضمن جزء من اصوات الاكراد الاتراك اليه، من خلال شراء الذمم وتقريبهم للسلطة وتعيين الكثير منهم كخطباء وموظفين في آلاف المساجد التي فتحها أردوغان في مناطق أكراد تركيا.

عدد مراكز الاقتراع الانتخابية يصل إلى اكثر من ٧٠٠ ألف مركز، يوجد ثلاثة ملايين تركي ناخب مسجلة أسماؤهم يقيمون خارج تركيا، غالبية هؤلاء يصوتون إلى اردوغان، جيراني ثلاث عوائل كوردية صوتوا الى اردوغان وهم من أبلغوني بذلك، الحكومة التركية فتحت ٤٠٠٠ مركز اقتراع في مختلف السفارات والقنصليات التركية، نعم في السفارات والقنصليات ولم يبدد الأتراك مئات ملايين الدولارات من خلال فتح مراكز انتخابات مثل ما فعلها العراقيين في انتخاباتهم السابقة، كان يفترض جعل مراكز الانتخابات في السفارات والقنصليات، بل اردوغان الزم المدارس في تركيا جعلها مراكز انتخابية، وأمر المعلمين والمدرسين والمتطوعين العمل على فرز الأصوات وبشكل مجاني وليس مثل مصيبتنا بالعراق دفع مئات ملايين الدولارات إلى المشرفين والموظفين والطعام بطريقة جنونية، أردوغان اذا يتفضل عليهم يحضر لهم طعام وجبة فطور وغداء وعشاء، والساعة ١٢ بمنتصف الليل تكون بيانات المراكز الانتخابية أكملت وأرسلت إلى المركز الرئيسي لجمع الأصوات.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

8/5/2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here