بمناسبة المؤتمر العراقي الثالث للمياه: التبذير والاسراف في القرآن والحديث (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في صفحة جعفر مرتضى العاملي عن تفسير سورة الفاتحة: وقوله تعالى: “مالك يوم الدين” (الفاتحة 4) قد أشار إلى أصل مهم جداً من أصول الدين. وهو المعاد، والقيامة، حيث الحساب والجزاء، والثواب والعقاب. وهذا هو الأصل الأكثر حساسية، والذي كان يثير حفيظة المشركين، ويحرجهم، ويخرجهم عن أدنى حالات التوازن. وأما لماذا قال تعالى: “مالك يوم الدين” (الفاتحة 4). ولم يقل : المحاسب أو المجازي يوم الدين. فالجواب هو: أننا نجد أن المالكية على أنواع: المالكية الاعتبارية: وهي التي تنشأ من تصميم العقلاء الذي لهم صلاحية إنشاء اعتبار كهذا، فوجود هذا النوع من المالكية قائم بوجود الاعتبار والقرار. وينشأ عنه إطلاق التصرف للمالك في مورد اعتبار الملكية، وهذه التصرفات يمكن تحديدها بحدود وتقييدها بقيود، كمنع الإسراف، أو الإتلاف. أقول ان اسراف وتبذير المياه ليس من العقل بشيء لأنها ملكية الجميع التي يحددها ويقيدها العدل في توزيع المياه واستخدام الطرق التي تؤدي الى ترشيدها. وكما جاء كذلك في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: فإن للقرآن في أنظمته وتعاليمه مسلكا يتمشى مع البراهين الواضحة، وحكم العقل السليم، فقد سلك سبيل العدل، وتجنب عن طرفي الافراط والتفريط. نهى الله سبحانه عن الاسراف والتبذير ودل الناس على مفاسدهما: “وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الانعام 141)، و “إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ” (الاسراء 27)، و “وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا” (الاسراء 29).

تكملة للحلقة السابقة جاء في موقع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في المملكة المغربية عن كيف أمر الإسلام بالمحافظة على الثروة المائية بشكرها وترشيد استغلالها من خلال القرآن والحديث والفقه للكاتب محمد بن أحمد الأمراني: هذا وقد وردت كلمة صيب بمعنى المطر الكثير في سورة البقرة. قال تعالى: “أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق” (البقرة 19). كما وردت كلمة وابل وهو المطر الشديد ثلاث مرات في سورة البقرة قال تعالى: “فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا” (البقرة 263)، وقال: “كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل” (البقرة 265)، كما وردت كلمة «الودق» بمعنى المطر مرتين في سورة النور الآية 43، وفي سورة الروم الآية 48 حيث يقول الحق سبحانه في السورتين: “فترى الودق يخرج من خلاله” (النور 43) (الروم 48) أي فترى المطر يخرج من بين ذلك السحاب. ومن الآيات التي تعرضت لنزول المطر وهي مذكورة في سورة النحل قوله تعالى: “هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب فيه تسيمون ينبت لكم من الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” (النحل 10). قال ابن كثير: لما ذكر الله تعالى ما أنعم به عليهم من الأنعام والدواب، شرع في ذكر نعمته عليهم بإنزال المطر من السماء وهو العلو بما لهم فيه بلغة ومتاع لهم ولأنعامهم فقال: “لكم منه شراب” (النحل 10) أي جعله عذبا زلالا يسوغ لكم شرابه، ولم يجعله عذبا زلالا يسوغ لكم شرابه، ولم يجعله ملحا أجاجا. “ومنه شجر فيه تسيمون” (النحل 10) أي وأخرج لكم منه شجرا ترعون فيه أنعامكم، “وينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات” (النحل 10) أن يخرجها لكم من الأرض بهذا الماء الواحد على اختلاف وطعومها وألوانها وروائحها وأشكالها، ولهذا قال: “إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” (النحل 10) أي دلالة وحجة على أنه لا إله إلا هو، كما في آية أخرى: “أمن خلق السموات والأرض به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله مع الله بل هم قوم يعدلون” (النمل 60) أي أن الله تعالى هو الذي خلق السموات في ارتفاعها وصفائها، وما جعل فيها من الكواكب النيرة والنجوم الزاهرة والأفلاك الدائرة، وخلق الأرض وما فيها من الجبال والسهول والأوعار، والفيافي والقفار، والزروع والأشجار والثمار، والحيوانات والبحار، وأنزل لكم من السماء ماء رزقا للعباد، فأنبت فيها حدائق ذات منظر جميل وشكل بهي، ما كان لكم أيها العباد أن تقدروا على إنبات أشجارها، وإنما يقدر على ذلك الخالق الرازق وحده لا شريك له. ويقول الله تعالى في سورة المؤمنون: “وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون” (المؤمنون 18). في هذه الآيات كما قال ابن كثير (يذكر الله تعالى بنعمة على العباد في إنزاله المطر من السماء بقدر أي بحسب الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به وقوله تعالى: “فأسكناه في الأرض” (المؤمنون 18) أي أن الله تعالى جعل الماء إذا نزل من السماء يخلد في الأرض، وجعل فيها قابلية إليه، تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى، وقوله: “إنا على ذهاب به لقادرون” (المؤمنون 18) أي لو شاء الله إلا تمطر لفعل، ولو شاء لصرفه عنا إلى القفار لفعل، ولو شاء لجعله أجاجا لا ينتفع به لشرب ولا لسقى لفعل، ولو شاء لجعله إذا نزل فيها يغور إلى مدى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعل، كما جاء في سورة الملك حيث قال الله تعالى: “قل أرأيتم إن أصبح مائكم غورا فمن يأتيكم بماء معين” (الملك 30). أي نابع جار على وجه الأرض، أي لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل، ولكن بلطفه ورحمته ينزل عليكم المطر من السحاب عذبا فراتا زلالا، فيسكنه في الأرض فيسلكه ينابيع فيها، فيفتح العيون والأنهار، ويسقي به الزروع والثمار، وتشرب منه دوابكم وأنعامكم، وتغسلون منه وتتطهرون وتتنظفون، فلله الحمد والمنة).

تكملة للحلقة السابقة جاء في موقع المنتدى العراقي للنخب والكفاءات عن المشروع الوطني لتطوير تقنيات الري في العراق، المبررات والنتائج للدكتور خضير زين ضاحي الجنابي: مشروع تطوير تقانات الري في العراق: تم إنشاء هذه المشروع بعد فرض الحصار على العراق في عام 1991 وتبنت وزارة الزراعة مهام تنفيذه في عام 2000 وبإشراف مباشر من قبل القيادة العليا في البلاد آنذاك. مبررات المشروع: بعد عام 1991 وبسبب ظروف الحصار الذي فرض على العراق تعرض العراق الى نقص شديد في توفر المواد الغذائية وفي مقدمتها محصول الحنطة الذي يعتبر الأساس في توفر رغيف الخبز وبات على العراق زيادة إنتاج الحبوب والحنطة على وجه التحديد من خلال: 1-زيادة المساحة المزروعة بمحاصيل الحبوب. 2-زيادة إنتاجية الدونم من هذه المحاصيل. وبما إن الموارد المائية المتاحة للزراعة محدودة بات من الضروري في التفكير بإستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة لزيادة المساحة المزروعة وزيادة الإنتاجية بنفس كمية المياه المستخدمة بطرق الري التقليدية وهو ما توفره طرق الري بالرش وقد تم التفكير بشكل جدي في هذا المشروع بعد تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء على العراق حيث توفرت فرص استيراد منظومات الري بالرش والتنقيط بعد تطبيق هذا البرنامج. تم نشر وثيقة تأسيس هذا البرنامج في نهاية عام 1999 وبوشر بتنفيذ البرنامج بشكل فعلي في بداية عام 2000 وعلى أساس ثلاث مراحل. وتمت المباشرة بإستيراد أجهزة الري بالرش المحوري والثابت والتنقيط وملحقاتها في بداية عام 2000. الري بالرش Sprinkler Irrigation: يعرف الري بالرش بأنه طريقة الري التي يتم فيها ضخ المياه في شبكة من الانابيب مختلفة الأقطار تنتهي بفتحات ثابتة او رشاشات دوارة تخرج منها المياه الى الهواء على هيئة قطرات تتساقط على الأرض والنبات تشابه المطر. تم ابتكار الري بالرش خلال عقد الخمسينات حيث استخدمت الانابيب المثقبة لري الحقول ومنها يضخ الماء بضغط فيخرج من الثقوب المنتشرة على طول الأنبوب بشكل يشبه النافورات. وكتطور لهذه الطريقة استخدمت أنابيب ذات فتحات بمسافات محددة يركب عليها أنابيب اصغر قطراً تحمل في نهايتها الرشاشات وهو ما يعرف اليوم بنظام الرش الثابت Solid system او نصف الثابت . Semi- solid system . في عام 1952 استخدم نظام الري المحوري Center pivot irrigation system لأول مرة وهو نظام ذاتي الحركة ثم اصبح النظام الأكثر قبولاً من قبل الفلاحين في عقد الستينات من القرن الماضي. ثم تم تطوير نظام الري الخطي linear system لتغطية زوايا الحقول ذات الشكل المربع او المستطيل والتي لا يمكن تغطيتها عن استخدام نظام الري المحوري. ميزات الري بالرش: تقليص ضائعات المياه بشكل كبير مقارنة بطرق الري السطحي التقليدية (الالواح والأحواض و المروز). كفاءة النقل تصل الى 100% بسبب استخدام الأنابيب في نقل المياه من المصدر الى الحقل في حين تصل ضائعات النقل بطرق الري السطحي الى أكثر من 40% (قنوات مفتوحة ترابية أو مبطنة) يحدث فقد للماء بالتبخر والنضح أو الطفح من الاكتاف بالإضافة الى مفقودات المياه الممتصة من قبل نباتات الأدغال التي تنمو في هذه القنوات وما تسببه من مشاكل في إعاقة حركة المياه. كفاءة إضافة المياه بطريقة الري بالرش تتراوح بين 90-70% في حين لا تزيد كفاءة الري السطحي على 50-30% وذلك بسبب التحكم في كمية المياه المعطاة بطريقة الرش ومنع فقدان المياه بالتسرب العميق (Deep percolation) خارج حدود المنطقة الجذرية للنبات. إمكانية استخدام الري بالرش في الأراضي المتموجة دون الحاجة الى عمليات التسوية والتعديل المستخدمة في الري السطحي وما يرافقها من أضرار على سطح التربة بالإضافة الى التكاليف المادية المترتبة على إجراء هذه العمليات. إمكانية استخدام الري بالرش كوسيلة للري التكميلي في المناطق غير مضمونة الامطار (مثل الأراضي المتموجة في محافظتي التأميم ونينوى والتي تزرع ديماً بمحاصيل الحبوب) من خلال استخدام مياه الآبار في تلك المناطق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here