الإنتخابات أفيون الأحزاب

محمد جواد الميالي

مع اقتراب إنتخابات مجالس المحافظات، تستعد الأحزاب والحركات السياسية في تحالف إدارة الدولة، التيار الصدري والمستقلين من تشرين، للتنافس على مقاعدها، وكما يعلم الجميع فأن كل الطرق المشروعة، ستكون متاحة أمام الجميع للظفر بأصوات الناخبين، وسيكون التنافس على ثلاث محاور.
يتمثل المحور الأول بتحالف الإطار الشيعي، بقيادة شخصيات سياسية بارزة وبدعم من الأحزاب المنطوية تحت تحالف إدارة الدولة، فرصة قوية لكسب مقاعد في الإنتخابات القادمة، حيث أن شبكته الإنتخابية القوية وخبرة ماكناتهم في التجارب السابقة، ستلعب دور مهم في حسم جزء من المعركة، كذلك الإستفادة من إنجازاته على المستوى الوطني، وما تقدمه الحكومة الآن من إنجازات حتى وإن كانت بسيطة لكنها تعتبر خطوة فاعلة لكسب الدعم من الناخبين، كل هذا يعتبر نقاط قوة لتعزيز فرصهم في النجاح.
سيواجه هذا التحالف تحديات كبيرة، أهمها تكمن في الحفاظ على الوحدة بين أحزابه، وأن لا يتزعزعوا في الفترة قبيل الإنتخابات، حيث يجب عليهم تحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة على المناصب الحكومية، وضمان وجود برنامج لحملتهم لا يتعدى خطوط أتفاقاتهم الداخلية, هذا سيكون أمراً صعباً، لأنه يؤدي إلى تشتيت أصوات الناخبين، علاوة على ذلك، يجب على التحالف معالجة المخاوف العامة من قبل الجماهير بشأن مكافحة الفساد، وعدم الكفاءة في شغل المناصب وتقديم الخدمات، والتي كانت قضايا طويلة الأمد في العديد من المناطق على مدار الحكومات المتعاقبة.
لذلك فأن لتحقيق أقصى قدر من النجاح الإنتخابي، يحتاج تحالف الإطار إلى إعطاء الأولوية للقضايا الرئيسية التي تشغل رأي الشارع العراقي، ويشمل ذلك تنفيذ ممارسات الحوكمة الشفافة، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز التنمية الإقتصادية، ومعالجة المخاوف الأمنية، من خلال معالجة هذه الأولويات بشكل فعال، يمكن للتحالف غرس الثقة في الناخبين وكسب دعمهم، للخروج من وصمة ما بعد أحتجاجات 2018.
أما المحور الثاني فيقوده التيار الصدري، بقيادة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر، لما له من عدداً كبيراً من الأتباع و ما يمتلكه من دعم شعبي منظم، تتحرك هذه الشعبية حسب التصريحات التي تصدر من قياداتهم السياسية، ودائما ما ينشط حراكهم قبيل الإنتخابات وتكون خطاباتهم مناهضة للمؤسسة الحكومية! رغم أشتراكهم في كافة مفاصل الدولة، وتأكيدهم على المطالبة بحقوق الجياع، حيث إن مناشدتهم للفئات المهمشة في المجتمع، تعتبر ورقتهم القوية التي يستخدمونها دائماً لتأمين مقاعد في كل إنتخابات.
رغم تمتع التيار الصدري بقواعد كبيرة إلا أنه يواجه أيضاً تحديات تحتاج إلى دراسة متأنية، حيث سيكون الحفاظ على التماسك الداخلي في ظل نجاح حكومة الإطار النسبي رسالة واضحة وأمراً بالغ الأهمية، بالإضافة إلى ذلك، يجب على أنصار التيار أن يتغلبوا على تصورات الرأي العام التي تدعي أن أستقرار الوسط السياسي حالياً هو بسبب إنسحابهم من قبة البرلمان، كل ذلك سيكون تحدياً قوياً أمام حملتهم الإنتخابية، التي تهدف إلى إستقطاب مجموعة واسعة من الناخبين من خارج قواعدهم التنظيمية.
إن محور المستقلون من تشرين هو الأصعب في المرحلة الحالية، لأنهم يمثلون مختلف شراح المجتمع المدني والناشطين المحليين، لأنهم يقدمون البديل المختلف شكلياً.. عن الأحزاب القائمة، حيث أن البعض يراهم فرصة لوجوه وأصوات جديدة، تدخول الساحة السياسية وتخلق منافسة وقوى ضغط لدفع الحكومات القادمة على تقديم أفضل الخدمات.
إن الترشح كمستقلين لها تحديات فريدة لمناصري تشرين، أهمها أن نتاج قبة البرلمان قد بين أن العديد من المستقلين قد تنازلوا عن مبادئهم من أجل المال والسلطة، مما خلق ضبابية تجاه المرشحين المستقلين وشتت قواعدهم البسيطة التي تشكلت بعد 2019، كذلك فإن الموارد والبنية التحتية للأحزاب القائمة، بدأت تكافح للوصول إلى جمهور أوسع، عن طريق إستثمار شكوك الناخبين بالمرشحين السابقين عن عضوية البرلمان.
كل ذلك سيرسم خارطة توزيع المقاعد وحصص المحاور المشاركة فيها، الواضح أن الإطار سيكون صاحب حصة الأسد فيها ويليه قوى التيار الصدري الذي يلعب القانون بصالح تنظيمهم المنضبط، أما تشرين فستكون الحلقة الأضعف بسبب تشتتهم وعدم وجود قائد فعلي يستطيع أن يجمعهم داخل بودقه واحدة، وستكون المعركة على صفيح ساخن، للظفر بأصوات الناخبين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here