الحرب بالسودان فرصة لانتشار فيروس شلل الأطفال المتحور


حملة تطعيم سابقة ضد شلل الأطفال في السودان حقوق الصورة:UNICEF
نقاط للقراءة السريعة
الاحتراب في السودان يعطل برنامجًا للقضاء على سلالة خطيرة من شلل الأطفال
ثمة خطورة على البلدان المجاورة التي تستقبل نازحين من السودان
هناك فرصة قائمة لانتشار فاشيات أخرى بسبب الحرب

كتب: حازم بدر
[القاهرة] أوقف برنامج استئصال شلل الأطفال حملة تطعيم ضد سلالة ’الفيروس الدائر المشتق من اللقاح من النمط 2‘، في السودان.

البرنامج، التابع لمنظمة الصحة العالمية، علَّق تنفيذ ثاني جولاته لمواجهة ما يعرف إعلاميًّا باسم فيروس شلل الأطفال المتحور بسبب احتراب الجيش السوداني و’قوات الدعم السريع‘، منذ منتصف أبريل الجاري.

تعليق الحملة، التي كان مقررًا بدؤها في 8 مايو الجاري، يثير مخاوف، لا من تفشي هذه السلالة في السودان فحسب، بل في دول الجوار، لا سيما تلك التي تشهد موجات نزوح جماعية إليها هربًا من الاقتتال الدائر.

قبل ستة أشهر، واستجابة لاكتشاف حالة شلل أطفال من النمط 2 في غرب دارفور بالسودان، يجري تكثيف ترصد الفيروس، وتنفيذ حملة تطعيم شاملة على مستوى البلاد.

يُفرز الفيروس المضعف المستخدم في إنتاج لقاح شلل الأطفال الفموي في البراز، وفي المجتمعات ذات الصرف الصحي منخفض الجودة، يمكن أن ينتشر من شخصٍ إلى آخر، وفي حال كانت معدلات التحصين منخفضة، يمكن أن ينتشر الفيروس من طفلٍ غير محصن إلى آخر على مدى فترة طويلة من الزمن (غالبًا على مدار حوالي 12-18 شهرًا)، ويمكن أن يتحور ويتخذ شكلًا يمكن أن يسبب الشلل مثل فيروس شلل الأطفال البري، وكانت أحد هذه التحورات السلالة المعروفة باسم (cVDPV2).

يقول حامد جعفري -مدير برنامج استئصال شلل الأطفال في إقليم شرق المتوسط- لشبكة SciDev.Net: ”على الرغم من عدم العثور على إصابة بالسلالة الجديدة منذ ما يقرب من ستة أشهر بعد اكتشاف أول حالة، إلا أن خطر استمرارها وانتشارها لا يزال قائمًا في السودان، لذلك كان من المهم أن يكمل السودان تنفيذ الاستجابة المخطط لها للفاشية، بما في ذلك جولة ثانية من التطعيم على مستوى البلاد، ولكن الأحداث الجارية في السودان تحول دون تنفيذ تلك الجولة الآن“.

وكانت المنظمة قد خصصت للجولة الثانية من حملة التطعيم بالسودان (10.7) ملايين جرعة من اللقاح (nOPV2)، الذي يتعامل مع السلالة الجديدة، ووصلت بالفعل إلى السودان 6.5 ملايين جرعة، أما الجرعات المتبقية فهي موجودة في مخزن المنظمة اللوجستي في دبي بدولة الإمارات.

ويوضح جعفري أن ”الجرعات الموجودة في دبي يتم الاحتفاظ بها في ظل الظروف المُثلى، ولكن المشكلة الآن في الجرعات الموجودة بالسودان، والتي أصبحت صلاحيتها مهددة بسبب نقص الوقود، إذ يحتاج الحفاظ عليها إلى إمدادات ثابتة من الوقود لتشغيل المولدات للحفاظ على عمل الثلاجات اللازمة للتبريد“.

وخطورة هذا الوضع لا تقتصر على السودان فحسب، بل تشمل أيضًا بلدان الإقليم المجاورة التي تستقبل موجات نزوح من السودانيين، يقول جعفري: ”قطعًا، ينتقل فيروس شلل الأطفال مع الناس ولا يتوقف عند الحدود، علاوةً على ذلك، فإن النزوح الجماعي، لا سيما في سياق النزاع وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، لا يمكِّن الأطفال في كثير من الأحيان من الحصول على اللقاحات التي يحتاجون إليها، مما يزيد من تعرُّضهم للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات“.

ويضيف: ”في السودان، نعلم أن التحصين قد توقف في المناطق المتأثرة بالنزاع الأخير، وكلما بقي الأطفال فترة أطول دون التطعيمات الأساسية (ما نسميه التحصين الروتيني)، ازدادت خطورة تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات“.

ولفت جعفري إلى أن هناك تنسيقًا مستمرًّا عبر الحدود لضمان عدم تفشِّي الفيروس، مشيرًا إلى أن تشاد -التي كانت مصدرًا لسلالة فيروس شلل الأطفال التي تم اكتشافها في السودان- تستعد لحملة تطعيم في مايو الجاري، وتجري ترصدًا مكثفًا للسلالة الجديدة في المناطق الحدودية.

وكان مدير عام المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا، حيدر السائح، قد أعلن في فبراير الماضي عن حملة تطعيمات استثنائية ضد أمراض شلل الأطفال والحصبة والحميراء يتم تنفيذها منتصف العام الجاري، وقال: ”التقلبات التي يشهدها العالم خاصةً في هذه الأمراض شيء مريب“، مشيرًا إلى أن الهجرة والحروب وعدم الانتظام في أخذ التطعيمات الروتينية، يجعل هناك فرصةً لتفشِّي الأوبئة من الأمراض السارية.

ويعتبر نبيل الببلاوي -رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات بمصر سابقًا- أن الترصد المنتظم والمكثف هو السبيل الوحيدة لمواجهة خطر انتقال سلالة فيروس شلل الأطفال من النوع 2.

ويشير الببلاوي إلى أن مصر -وهي أكثر البلدان تأهيلًا لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين- لديها برنامج متميز لاستئصال شلل الأطفال يعتمد على أخذ عينات بشكل منتظم من مياه الصرف الصحي من كل المدن والقرى المصرية، لتتبُّع ظهور الفيروس، إذ إن انتقاله من ’البراز‘ إلى الطعام أو الشراب، هو السبيل الوحيدة لتفشِّيه.

يوضح الببلاوي لشبكة SciDev.Net أن المعمل الذي يتم فيه إجراء هذا التحليل بالشركة، هو معمل مرجعي لكل دول إقليم شرق المتوسط، ويتم بداخله تحليل كل العينات التي ترِد من دول الإقليم، لذلك فإن لديه بيانات كافية بكل السلالات والتحورات، وهو ما يساعد على اكتشاف أي سلالة غريبة.

ويضيف: ”سبق أن اكتشفنا سلالةً كانت منتشرةً في باكستان، وأخرى في سوريا، وتم توجيه حملات التطعيم إلى مناطق الاكتشاف، وهذه الخبرة ستساعدنا في التعامل مع الوضع الذي ستفرضه الأزمة السودانية“.

وإلى جانب هذه الخبرة السابقة في ترصُّد الفيروس، يشير الببلاوي إلى أن فرص انتشار الفيروس تكون مرتبطةً ببنية تحتية هشة، بما يسمح بتسرُّبه من مياه الصرف الصحي، ”قد تكون مصر بعيدةً عن هذا الخطر“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here