من أجل : هذه النوعية المتجوهرة القليلة الرائعة نبلا و سموا ! ..

من أجل : هذه النوعية المتجوهرة القليلة الرائعة نبلا و سموا ! ..

بقلم مهدي قاسم

إنه لشيء عبثي حقا وبلا طائل تماما ، أن يتواجد المرء بين أناس غير مكترثين به إطلاقا ، لا يقدرون جهوده ، في الوقت الذي هو يستنزف طاقته لحدها الأقصى ، لكي يخلق لهم شيئا لطيفا ، شيئا طيبا ومرحا قد يجعل يومهم جميلا ، مرحا ، أو أقل تعبا و ضيقا وتكدرا..

ليس هذا فقط إنما ، إن أناسا غير مبالين كهؤلاء ، قد يشكّلون عامل إحباط وجزع و تكدر، بل وحالة سلبية مدمرة تمتص الطاقة الإيجابية عند المرء و تنزفه لحد اليباس أن لم يكن متيقظا ، حذرا ، ربما إن هذه اللامبالاة والتجاهل قد تدفعه إلى شعور بلا جدوى ما يفعله ، وأن ما يقدمه من جهد وطاقة و بمثابرة حثيثية ، ليس إلا عديم القيمة و الأهمية ، مع إن المرء على ثقة ويقين بأن الأمر ليس كذلك لأن ما يقدمه هو مزيج من عرق جبينه ونورعينه و عصارة أفكاره و باقة ورود أحلامه التي يتمنى أن يراها يانعة ، نضرة على طاولة كل صباح جديد ..

فمن هنا ضرورة الحذر من مخاطر التواجد في هذا الوسط السقيم والمُعدي بأنفاس الانتكاسة و النكوص والإحباط النفسي، نعم المُعدي والمسموم بخبث متجذر ولؤم الجمعي مزمن ، هؤلاء العجزة أو العاجزين عن خلق أبسط فرح للآخرين ، حتى لو كان ذلك لا يكلفهم شيئا ماديا مباشرا ، إنما مجرد فرح معنوي فحسب ..

فلماذا إذن يهدر المرء طاقته وعواطفه ومحبته على أناس ليس فقط لا يقيمّونها إنما حتى ليسوا جديرين بها قطعا ؟..

الافضل والاريح الابتعاد عنهم بعيدا ، بعيدا ، أولا : لكي يحافظ المرء على سلامة وجدوى طاقته ،على نبل مشاعره ، على سمو أحاسيسه ، وثانيا حتى لا يمنحهم فرصة لكي يجعلوه مثلهم ..

و خاصة إذا أخذ المرء يشعر بأنه محاط ـ بكميات ضخمة وجوفاء طافحة ، من كل حدب و صوب ، و التي أخذت تتزايد نسبتها الضاغطة ، الخانقة متسعة يوما بعد يوم ، مثل تصحر زاحف في حقل الروح ، طبعا على حساب انحسار النوعية المميزة والرائعة وقلتها المحزنة والمؤسفة ..

ولكن مهما كانت هذه النوعية الرائعة ، الفاخرة ، المتجوهرة بأصالتها البشرية النبيلة والمخلصة قليلة ، بالأحرى تقَّل يوما بعد يوم ، فتبقى هي الوحيدة التي جديرة بتواجد و ازدهار في وسطها البهي وبذل الطاقة من أجلها ، إذ أنها مثل حقل حقل قمح وخضار ، مثل بستان فواكه وينابيع ريحان فواحة ، كلما قام المرء بسقيه ، بإروائه تدفقا ، بينبوع طاقته ومحبته ، كلما غمره بثماره الطيبة واللذيذة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here