حتى لا تضيع الحقيقة بين وقائع عنيدة ملموسة و عواطف مهووسة

حتى لا تضيع الحقيقة بين وقائع عنيدة ملموسة و عواطف مهووسة

بقلم مهدي قاسم

أثارت المقالة التي كتبتها قبل خمسة أيام بعنوان ” لو كنتُ مواطنا تركيا لصوتتُ لأردوغان ــ صحيفة صوت العراق ” شيئا من استياء وزعل عند ” البعض ” المتعصبين والمتخندقين عقائديا وسياسيا ، ، بالرغم من إن المقالة تطرقت إلى مسألة ضرورة الفصل بين السياسة بوصفها وسيلة تحقيق مصالح فردية وجماعية ، وبين عاطفة حماسية فضفاضة منحازة لأسباب عقائدية أو عرقية ليس إلا . .

كما أشرنا في سياق دعم وجهة نظرنا في تلك المقالة، إلى الإنجازات وعمليات التحديث و التطوير التي حققها أردوغان منذ أن بدأ نشاطات حياته السياسية عندما كان عمدة مدينة اسطنبول ، من حيث حوّلها ــ فيما بعد ــ من مدينة شرقية متخلفة إلى مدينة أشبه بمدينة أوروبية متطورة بكل خدماتها النوعية الراقية ، استمرارا و صعودا في توسيع دائرة الإنجازات من جسور ومستشفيات ومطارات وشبكة طرق وسدود ، فضلا عن دعم قطاعات الصناعة والزراعة والتعليم ليس داخل المدن فقط وإنما حتى في الأرياف أيضا ، في نفس الوقت تصدى للثقافة الليبرالية ــالنيوــ الجديدة المنحطة ، المتسللة والساعية إلى هدم أركان العائلة التركية بالجندرية والمثلية والبودافيلية الدخيلة على الثقافة الشرقية المحافظة أصلا في أغلبيتها الساحقة..

و رجوعا إلى مسألة الإنجازات فأنه من “عادة ” غالبية المواطنين أن يكافئوا أولئك الساسة من قادة وزعماء و بناة دولة ( الذين يكونون مسكونين بهاجس البناء والتطوير والتجديد ، ليس نظريا فحسب ، إنما عمليا أي في التطبيق الفعلي أيضا ) أن يكافئونهم عبر صناديق التصويت والاقتراع بغية إعادتهم إلى مناصبهم بدلا من ساسة أو زعماء جدد مغامرين أو هواة ذات ولاءات خارجية *، الذين ربما يخرّبون ما هو موجود ونافع ومهم وضروري ، بدلا من عمليات بناء وتطوير جديدة ، ــ كما حدث عندنا في العراق على أيدي ساسة صدفة وسقط متاع من دعاة عقائد سقيمة و باطلة..

بينما تاريخ حزب الشعب الجمهوري التركي ــ محسوب على اليسار الوسط ــ أو الديمقراطي الاجتماعي !!ــ تاريخ حافل بمظاهر الفساد وكذلك بإهمال تطوير مرافق الدولة من بنى تحتية ضرورية ، علما إنه استمر في السلطة لعقود طويلة ، وكانت حكوماته المتعاقبة بمثابة كلب حراسة للمصالح الأمريكية في المنطقة بدلا من الدفاع عن المصالح التركية . لذا لو فاز كمال قلجدار أوغلي في انتخابات الرئاسة التركية، لربما رجعت تركيا ــ شيئا فشيئا ــ قهقرة إلى ما كانت عليها اثناء حكم الجمهوريين الأتراك قبل عهد أردوغان .أخيرا :

*حتى لم ينكر كمال قليجدار أنه في حالة فوز تحالفه الخليط والعجيب من أحزاب ذات اتجاهات متنافرة أنه سيطاوع سياسات حكومته لتتلائم مع سياسات أمريكا والاتحاد الأوروبي على صعيد القبول بشروط الاتحاد الأوروبي المتجسدة بالسماح لنشاطات المثليين والبودافليين ، فضلا عن تحالفات دولية منحازة مسبقا ..

يبقى أن نقول أنه قد يأتي زعل من هنا و استياء من هناك إلا أن الحقائق والوقائع العنيدة تظل مريرة عند البعض فيصعب الاعتراف بها ولكنها مع ذلك تبقى واقعة وحقيقة مهما كان حجم التجاهل والإنكار ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here