تقرير دولي يؤكّد اتساع أزمة المياه: دجلة يواجه خطر الجفاف

ترجمة: حامد أحمد

تناولت الكاتبة البريطانية المختصة بالشأن العراقي والشرق الأوسط، ايما سكاي، التي عملت كمستشارة لقوات التحالف في العراق في تقرير لها موضوع ازمة المياه في العراق وتلوثها وما قد يواجه البلد مستقبلا من تبعات التغير المناخي، مؤكدة على ضرورة التخطيط للانتقال للطاقة البديلة والتخلي عن حرق الغاز لما يسببه من تلوث بيئي.

وذكرت سكاي، التي تشغل الان منصب مديرة برنامج أصدقاء العالم في جامعة (ييل) في الولايات المتحدة، في تقريرها بان “تعداد سكان العراق تضاعف منذ الغزو الأميركي عام 2003 ليصل الى ما يزيد على 40 مليون نسمة”. وتوقعت سكاي بحسب تقرير ترجمته (المدى)، أن “يتضاعف مرة اخرى بحلول العام 2050”. وأشارت، إلى أن “هذه التغيرات الديموغرافية تزيد من معدلات الطلب على المياه في وقت تتعرض 39% من أراضي العراق لآثار التصحر”، منبهة إلى أن “54% من الأراضي الزراعية مهددة بزيادة نسبة الملوحة فيها”.

ولفت التقرير، إلى أن “العراق عاش خلال السنوات القليلة الماضية فترة قياسية من جفاف وتدني مناسيب هطول الامطار وتصاعد درجات الحرارة بنسبة أسرع من المعدل الدولي لتصل الى ما يزيد على 50 درجة مئوية. وتقول سكاي، انه خلال زيارتها الاخيرة للعراق التي استمرت لأسبوع، شهدت عواصف رعدية ليس في موسمها الطبيعي تسببت باندلاع حريق في حقول قرب كركوك وتسببت سيول المياه بإلحاق الضرر بمحاصيل الحصاد عبر المنطقة الشمالية.

ولفتت سكاي، إلى أن “الأمم المتحدة قد صنّفت العراق بانه خامس أكثر البلدان في العالم تعرضا لآثار التغير المناخي، في وقت حذر البنك الدولي من ان العراق قد يواجه شحة حادة بالمياه بحلول العام 2030، بينما توقعت وزارة الموارد المائية العراقية حدوث عجز بكميات المياه بحلول العام 2035 بقدر 11 مليار متر مكعب”.

وتحدثت سكاي، في تقريرها عن كتاب صدر مؤخرا للباحث والمنقب الأيرلندي ليون ماكارون، حمل عنوان (نهر دجلة الجريح)، جمع فيها مشاهداته للنهر في رحلة قام بها العام 2021 استمرت ثلاثة أشهر عبر قارب وذلك انطلاقا من منبع النهر في تركيا وصولا الى نهاية مصبه جنوبي العراق في شط العرب لحد الخليج.

وأكد التقرير، أن “ماكارون شاهد خلال رحلته كيف ان النهر يتعرض للتخريب عبر عمليات تجريف غير قانونية وبناء سدود وكسب مياه شبكة صرف صحي غير معالجة في عقر النهر، وكيف ان بدوا رحل ومزارعين يضطرون لترك مناطقهم لشح المياه”.

وأوضح التقرير، أن “الباحث الأيرلندي في كتابه يحذر من ان دجلة قد لا يعود كما كان بحلول العام 2040 ولم يعد يصل بمناسيبه المائية الى الجنوب، داعيا بذلك الى اتخاذ إجراءات وحلول لمنع حدوث ذلك”.

وبخصوص اللجوء الى الطاقة البديلة ووضع حد لظاهرة حرق الغاز المصاحب في حقول النفط وما يسببه ذلك من تلوث، أشار التقرير الى ان “قليلاً من القادة العراقيين من وضع ذلك في أولوياته رغم مصادقة البرلمان العراقي عام 2021 على انضمام العراق لاتفاقية باريس للمناخ التي تدعو لتقليل الانبعاثات حول العالم كوسيلة لاحتواء ظاهرة الاحتباس الحراري وتداعيات ذلك على تغير المناخ”.

وشدد التقرير، على أن “العراق تعهّد في وقتها بتقليل نسب حرق الغاز في حقوله النفطية والغازية والتحول بالتدريج نحو استخدام الطاقة النظيفة البديلة عن الوقود السائل والأحفوري بالاعتماد على الغاز الطبيعي وتطوير الاكتفاء الذاتي بالطاقة من خلال توسيع تكنولوجيا الطاقة البديلة”.

وأرف التقرير، أن “العراق ما زال لغاية الوقت الحاضر يعتمد على النفط دون ان يحقق تنوعا في مصادر اقتصاده”.

وتابع التقرير، أن “صادرات النفط تشكل نسبة 90% من واردات الحكومة”، مبيناً أن “قطاع الطاقة مسؤول عن 75% من نسبة الانبعاثات الغازية في العراق، حيث أبراج المداخن في الحقول تنفث ادخنة سوداء من حرق الغاز المصاحب دون استثماره والاستفادة منه”. ويستند، إلى “البنك الدولي الذي ذكر في تقرير له، أن العراق يحرق سنويا ما مقداره 17 مليار متر مكعب من الغاز تبلغ قيمته بحدود 8 مليارات دولار، وما يزال العراق مستمر باستيراد الغاز من إيران”. وأعربت سكاي، عن صدمتها لـ”منظر القمامة ومخلفات مرمية في مجرى النهر واكوام من مخلفات محلية متروكة على جوانب الطريق تساهم بتلويث البيئة الطبيعية”. وأكدت سكاي، “عدم وجود وعي شعبي كافي بأزمة التغير المناخي”، منوهاً إلى أن “هناك حاجة لحماية البيئة”.

من جانبه، يقول الخبير البيئي العراقي، عزام علوش، إن “نسبة الملوحة في الأرض ازدادت خلال العقود الأخيرة بسبب قلة مناسيب تدفق المياه وقلة هطول الأمطار وتشييد السدود في تركيا على منابع الأنهر”.

وتابع علوش، أن “ذلك بعد ان كانت الفيضانات ومناسيب المياه العالية تساعد في تجريف الملح وزيادة خصوبة الأرض حيث كان العراق يتمتع بأراضي زراعية خصبة وعرف بكونه ارض بلاد وادي الرافدين”.

وأشار علوش، إلى أن “90% من تدفق مياه نهر الفرات و40% من تدفق مياه نهر دجلة يأتي من تركيا في الوقت الحالي، في حين قامت إيران بتحويل مجرى الأنهر والروافد التي تصب في العراق وذلك لسد احتياجاتها من الماء”.

وتابع علوش، داعيا “كلاً من العراق وتركيا وإيران على العمل والتنسيق سوية للتوصل الى اتفاقية تعالج حالة بناء السدود وتحويل مجرى الأنهر وإدارة الموارد المائية”.

ومضى التقرير، إلى أن “العراق سيستطيع ان يصبح مرة أخرى منتجاً رئيساً للمحاصيل الزراعية وسلة غذاء الشرق الأوسط باتباع سياسات صحيحة وتنفيذ استثمارات في الطاقة المتجددة وخصوصا بالطاقة الشمسية”.

عن: موقع (The New European) البريطاني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here