لماذا لم يعترف الأتحاد العالمي للتعليم الطبي بمجلس الأعتماد الوطني العراقي الخاص بكليات الطب البشري؟!

علاء كرم الله

لا يخفى حتى على الأنسان البسيط بأن العراق قد تم تدميره على مدى العشرين سنة التي مضت ، ولا زالت سياسة ونهج تدميره مستمرة من قبل أمريكا وبريطانيا وكل من تعاونوا معهم للقضاء على ما تبقى منه! . ولكن يبقى الكلام عن دمار التعليم في العراق بكل مراحله من الأبتدائية وصولا للجامعة ، فيه وجع في القلب يعصره ويدميه! ، فبعد أن كان التعليم في العراق في سبعينات القرن الماضي تحديدا عام 1975) يحتل المرتبة الأولى على مستوى المنطقة وتفوق حتى على مستوى التعليم في الدول الأسكندنافية! ، حسب تقرير منظمة اليونسكو العالمية ، أصبح الآن خارج أية توصيفات وتقييمات علمية عالمية لأفتقادة الى أبسط أسس وجودة التعليم! ، بل هو الآن لا يرتقي الى مستوى التعليم في أبسط وأفقر دول المنطقة ودول العالم!. وبعد أن كانت شهادة الجامعات العراقية معترف ومرحب بها من قبل كبريات الجامعات في العالم الأمريكية والبريطانية منها تحديدا ، أصبحت الآن الشهادة الجامعية مجرد ورقة مكتوب فيها أسماء دروس ودرجات وصالحة للأستهلاك الداخلي!! يعني صالحة للعمل بها داخل حدود العراق فقط!! ، هذا ( أذا لكيت أحد يشغلك بيها ، ومع الأسف صارت الشهادة العراقية مثار للسخرية وكثير ما نسمع ، يكله والشهادة شسووي بيها يكله نكعها وأشرب ميها!) . وأسباب هذا الأنحطاط بالتعليم هو ليس وليد سنة وسنتين والعام اللي مضى واللي قبله ، بل هو نتاج سياسة تدمير ممنهج ومقصود حسب ما ذكرناه آنفا ، على مدى العشرين سنة التي مرت على العراق، وهذا لم يعد خافيا على أحد فحتى المواطن البسيط يعرف بأن كثرة الكليات الأهلية غير الرصينة ذات الجدوى الأقتصادية فقط! والبعيدة كل البعد عن المهنية والعلمية والجدية في التعليم والتدريس هي أحد أسباب ما وصل أليه التعليم الجامعي من تدني وفشل حيث أن كثرتها هي التي ضربته في مقتل!!. والشيء بالشيء يذكر لوجه التشابه الموجود ، فكثرة الكليات الأهلية هي كما في كثرة المصارف الأهلية الأسلامية تحديدا التي كانت السبب وراء دمار وأرتباك وفوضى الأقتصاد العراقي ، وهي السبب وراء أستنزاف كل ثرواته وموجوداته النقدية!!. بعد هذه المقدمة الطويلة والتي كان لا بد منها! ، ندخل الى صلب الموضوع، فعدم الأعتراف بالشهادة العراقية صار أمرا معروفا لدى الجميع كما ذكرنا آنفا، ولكن أن يصل عدم الأعتراف حتى بشهادة كلية الطب العراقية ، فهي الكارثة والمصيبة بعينها! ، حيث تم طمطمة هذا الموضوع وتسويفه وتناسيه! ، ولم يسلط الضوء عليه حتى أعلاميا من قبل كل القنوات الفضائية ، ولا أدري ما المقصود بذلك؟! ، وكما لا أعتقد أن طلبة كلية الطب في كل الجامعات العراقية ( الخاصة والحكومية) يعرفون بالكارثة التي هم فيها؟! ، وأليكم أصل الحكاية:
هناك أتحاد عالمي للتعليم الطبي يرمز له (wfme) هذا الأتحاد موجود في الولايات المتحدة الأمريكية ، بالمقابل هناك مجلس للأعتماد الوطني الخاص بكليات الطب البشري موجود في كل بلد من بلدان العالم ، العلاقة في الموضوع : (هو أن مجلس الأعتماد الوطني يجب أن يحصل على أعتراف الأتحاد العالمي للتعليم الطبي الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية ، لكي يتم الأعتراف بشهادة الطب لخريجي ذلك البلد!). الى هنا الموضوع طبيعي وليس فيه أي شيء، لا سيما وأن العراق لديه مجلس أعتماد وطني كما في بقية بلدان العالم والمجلس تم تشكيله عام 2008! ، ندخل الآن في عمق الموضوع! : الأتحاد العالمي للتعليم الطبي الموجود في أمريكا ، أعلن ومنذ عام 2010 أنه وبحلول عام 2024 سوف لن يتم الأعتراف بشهادة كلية ( الطب البشري)! من أي بلد كان ، أذا كان مجلس الأعتماد الوطني لذلك البلد غير معترف به من قبل الأتحاد العالمي للتعليم الطبي في أمريكا والذي نحن في صدده،،، وهنا وقعت الكارثة والمفاجأة والصدمة العلمية!!!؟ ، حيث تبين أن مجلس الأعتماد الوطني العراقي رغم تأسيسه منذ عام 2008 ومرور 16 سنة على ذلك التأسيس فشل في الحصول على الأعتراف الدولي! من قبل الأتحاد العالمي للتعليم الطبي الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية!!؟ ، وهنا تكمن الحلقة المفقودة التي تم طمطمتها وتسويفها عن السبب بل الأسباب وراء عدم الأعتراف؟! ، وأين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من ذلك؟ وأين نقابة الأطباء؟ وهل لدى عمادات كلية الطب في العراق علم بذلك؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ الغريب أن أسباب عدم الأعتراف مجهولة لحد الآن!؟؟! ، ولا أحد يعرف لماذا لم يعترف الأتحاد العالمي للتعليم الطبي بمجلس الأعتماد الوطني العراق؟؟؟. ولتدارك هذه الكارثة العلمية المعيبة والمخجلة بحق التعليم في العراق ، عقدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أتفاقية مع دولة الأردن ! ، يقوم بموجبها مجلس الأعتماد الوطني الأردني المعترف به عالميا بمنح خريجي كلية الطب العراقية الأعتماد!! وتم ذلك ((رسميا وبتاريخ 18/5/2023 تم دخول العراق تحت تبعية الأكاديمية الأردنية!!)) ، أي بمعنى أن تتم المصادقة على شهادة كلية الطب العراقية من قبل الأكاديمية الأردنية ، حتى يتم الأعتراف بها؟! . ومن المفيد أن نذكر هنا شيء عن ماضي العراق في مجال الدراسة في كلية الطب وكيف كان وأين أصبحنا!؟ ، ((( أنه وفي عام 1952 كانت هناك 150 بعثة عراقية للدراسة في الجامعات العالمية ، في مختلف التخصصات العلمية والأنسانية والأدبية والفنية ، ألا في دراسة الطب لا توجد ولا بعثة!! ، وعندما أستفسر الطالب الأول على العراق في حينه وأسمه ( رمزي سلمان) عن سبب ذلك وهو يرغب أن يدرس الطب باعتباره الأول على العراق ، كان الجواب : هو أن المستوى العلمي للدراسة في الكلية الطبية الملكية في العراق ، يضاهي الدراسة في أرقى الجامعات العالمية في لندن و امريكا بل حتى أعلى منها !! ولذلك لا يحتاج العراق الى أي بعثة دراسية في مجال الطب!! ، مما أضطر الطالب (رمزي سلمان) الى دراسة هندسة النفط في لندن ، وحصل على شهادة الدكتوراه في هندسة النفط وعاد الى العراق عام 1958 ، ومن ثم أصبح رئيس شركة سومو النفطية فيما بعد ، ((المعلومة وردت في مذكرات الدكتور (رمزي سلمان) ونوه عنها الدكتور الفاضل حميد عبد الله/ في برنامجه الممتع والمفيد / تلك الأيام)) . والمؤلم حقا، أنه أكثر دول العالم حصلت على الاعتراف الدولي من قبل الأتحاد العالمي للتعليم الطبي في أمريكا ومنها ( الأردن ، مصر، السودان ، أيران ، السعودية ، الكويت ، لبنان ، البحرين، قطر، الأمارات ، تركيا ، عمان ، فلسطين)!! . نعود من حيث بدأنا ونكرر نفس ما سألناه آنفا : من المسؤول عن هذا الأخفاق العلمي ؟ الحكومة ممثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبشخص وزيرها حينها؟ ، وأين نقابة الأطباء من ذلك؟ وهل يعلم عمداء كليات الطب بالعراق ( الحكومية والأهلية) بذلك؟ ، وهل يعلم طلبة كلية الطب وأهاليهم بذلك؟؟ ، ولماذا لم يتم تسليط الضوء أعلاميا على ذلك من قبل الفضائيات؟ ، أخيرا نقول : نحن لا نتكلم عن فساد وحيتان فساد وسرقات قرن وقرون! ، ومليشيات وفصائل مسلحة وتدخل دول جوار، أبدا أبدا لا سامح الله! ، فقط هو أستفسار بسيط وبريء! عن السبب وراء كل ذلك ، بأن تقوم الأردن مع كل الأحترام والتقدير لها بتقييم شهادة الطب العراقية بعد أن كانوا هم وغيرهم من طلاب الدول العربية يتمنون ويتشرفون بأن يدرسوا بالعراق في أي أختصاص!!؟. أخيرا نقول ونسأل : هل سنبقى نعتمد على الأتفاقية مع الأردن بالمصادقة على الشهادة العراقية الطبية لكي يتم أعتمادها؟ ، أم ستقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بشخص وزيرها المحترم بتشكيل مجلس أعتماد وطني جديد يعمل على الأيفاء بكافة الألتزامات العلمية والعملية المطلوبة للحصول على أعتراف الأتحاد العالمي للتعليم الطبي ، أسوة ببقية دول الجوار؟ ، والخروج من التبعية الأكاديمية الأردنية؟! ، ننتظر ونرى. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here