علاء كرم الله
يبقى موضوع التطبيع مع أسرائيل أحد المواضيع المعلقة في عقول القادة العرب! وليس في عقول قادة أسرائيل! ، وقد ذكرت في مقال سابق لي بأن أسرائيل ليست بحاجة الى التطبيع مع الدول العربية، بقدر حاجة الدول العربية الى ذلك!!. فأسرائيل الآن في وضع مستريح ومريح بعدما أصاب الأمة العربية ما أصابها من نكبات وخيبات وأنكسارات وهزائم ، وبعد أن تشتت شملها وتفرقت كلمتها ، خاصة بعد موجة التغيير السياسي التي أحدثها ما يسمى (الربيع العربي) ، الذي مزق شمل الأمة العربية ، وتحديدا بعد أحتلال العراق من قبل امريكا وبريطانيا بالغصب والقوة! ، والذي قتل آخر بصيص للملمة شمل الأمة ، وأعادة نهوضها من جديد للوقوف بوجه أسرائيل! . فأحتلال العراق هو بالحقيقة ، أسقط آخر جدار أمني وقومي كانت تحتمي وراءه الأمة العربية ، والذي كان يمنع القادة العرب من السير في طريق التطبيع مع أسرائيل! ، وهذا ما ذكره الرئيس التونسي الراحل ( زين العابدين بن علي) ، بعد سقوط النظام السابق وأحتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانيا! . أن موضوع التطبيع لأسرائيل مع الدول العربية ، هو أشبه بنقلة على رقعة الشطرنج سيقوم بها خصمهم (العرب) مجبرا شاء أم أبى!! ، فالأوضاع الدولية والأقليمية والعربية كلها في صالح أسرائيل التي أستطاعت بدهاء ومكر وسياسة وفن أن ( تخبط الدول العربية راس براس كما يقال! ، وتضرب بعضهم ببعض وتشتتهم وتفرقهم أكثر مما هم متفرقين أصلا!)، ثم مسكت بأركيلتها تشربها على سطح الكينيست! وتنفخ دخان نصرها على أمة ضحكت من جهلها الأمم! . وحقيقة هذا هو حال الأمة العربية التي لا تحسد عليه بكل صوره وآلامه وما آل أليها مصيرها ، فهي أمة شقاق ونفاق!! . في الحقيقة ، أنه وبعد الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاصب للعراق ، تمكنت أسرائيل وأحكمت حلقاتها على العراق! ، الذي كان يمثل نقطة التهديد الحقيقية والقوية ضدها ، وهاجس الخوف لها! ( ولا يخفى على أحد فأن أسرائيل وأمريكا وبريطانيا وباقي التدخلات الأقليمية لاعبين طوبة بالعراق منذ 2003 ولحد الآن!). وهنا لا بد من التوضيح للمتصورين والحالمين أن التطبيع مع أسرائيل سيجلب لهم الخير والسلام والأمان والرفاه ، فهو ليس واهم فحسب بل هو مغفل تماما!! ، فأسرائيل لا تريد ولا ترجو الخير للأمة العربية ، بل تعمل على أضعافها وتمزقها وتشتيتها بكل السبل ، أن طبعت معها أم لم تطبع !!؟؟ . والتطبيع بالنسبة لأسرائيل ومن وجهة نظري كمراقب للأحداث السياسية ، يعني تحييد تلك الدولة وأخراجها تماما من مفهوم الصراع التاريخي الأسرائيلي مع العرب! ، وعدم مشاركتها في أي موقف ضد أسرائيل في حال نشوب حرب؟!. ولنفترض جدلا ومن باب الخيال والأحلام! ، أنه في حالة نشوب حرب عربية مع أسرائيل ، فالدول التي طبعت علاقتها مع أسرائيل سوف لن تشترك بالحرب لا من قريب ولا من بعيد! فللتطبيع شروط وعهود ووعود وألتزامات! ، وهذا الذي تسعى أليه أسرائيل رغم ما هي فيه من سيطرة وتمكن كامل على الوضع في المنطقة العربية. ومن باب التذكير، سابقا في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي ، كانت أسرائيل تحارب الدول العربية كلها في حال وقوع الحرب! ، حتى الدولة التي التي لم تشترك مشاركة فعالة في المعركة وعلى خط التماس معها ، كانت هذه الدولة تشارك بالدعم المالي والمعنوي والأعلامي واللوجستي، وتحشد الأفكار والرؤى والخطاب الوطني والقومي ضد أسرائيل ، أما الآن ففي حال نشوب الحرب ، وأكرر من باب الخيال والفنتازيا!! على سبيل المثال مع دولة الجزائر ، فأسرائيل ستحارب الجزائر فقط !، أما موقف باقي الدول العربية المطبعة معها هو عدم التدخل وحتى عدم التعليق! ، أما موقف الدول غير المطبعة ، فهو الأدانة لتلك الحرب وعلى أستحياء وجبن واضح! ، وهذه هي حقيقة ما وصل أليه العرب!؟. هذا هو التطبيع ومعناه بالنسبة لأسرائيل ، فهي ليست بحاجة الى أكثر من ذلك ، وليس خائفة من أحد! ، بعد أن تيقنت من خيانة أغلب الزعامات العربية للقضية الفلسطينية بالسر والتواطيء مع أسرائيل قبل أن يكون ذلك بالعلن! . يبقى السؤال المهم : هل الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع أسرائيل ، أستفتت شعوبها بذلك؟ بأعتبار ان موضوع التطبيع مع أسرائيل هو موضوع تاريخي ومصيري يهم كل الأجيال العربية؟ ، أم أنه قرار يمثل دكتاتورية الزعامات العربية المعروفة منذ فجر التاريخ ملوكا وأمراء وشيوخ ورؤوساء! ، فهم من يقررون قرارات الحرب أو السلام أو من هو العدو ومن هو الصديق! بعيدا عن رأي شعوبها أن لم يكن رغما عنها!؟. ويبقى السؤال الأهم في موضوع التطبيع مع أسرائيل ، أنه في حال تجرأت وتشجعت أحدى الدول العربية لمعرفة رأي الشعب في موضوع التطبيع مع أسرائيل عبر أستفتاء جماهيري وشعبي كبير وشفاف! تقوم به ، خاصة بعد هذه الخيبة الكبيرة والمعيبة والمخزية التي أصابت الأمة العربية مع أسرائيل ، وعبر هذا الصراع الطويل والمرير، الذي أمتد قرابة 75 عاما!! ، وما أصاب الشعوب العربية من ذل و هوان وخوف وتمزق وتشرذم وتشرد ، بسبب دكتاتورية حكامهم وعمالتهم وخيانتهم للقضايا العربية المصيرية وأهمها قضية فلسطين؟ ، ترى ماذا ستكون نتائج الأستفتاء؟؟.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط