نفحات من الحرية والديمقراطية في بلادي؟!

علاء كرم الله

قد يتفق معي البعض أو لربما الكثيرين ، بأن الحرية والديمقراطية الحقيقية والصادقة ، هو ليس بالتظاهر والاعتصام والمطالبة بالحقوق المشروعة والأنسانية والأجتماعية ، كما أنها أي الحرية والديمقراطية الحقيقية ليست بأجراء أنتخابات دورية برلمانية أو أنتخابات لمجالس المحافظات ، كما أنها ليست كذلك حتى بوجود دستور!؟ ، فما الفائدة من كل ذلك ، أذا كانت المطالب لا تتحقق ، والانتخابات يشوبها التزوير، وفي كل أنتخابات تجري يثار عليها القيل والقال ، ويصار عليها لغط كبير وكثير! ، وما فائدة وجود دستور ولكنه صار ( حمال أوجه)! يقبل التفسير لأكثر من معنى! ، بسبب فقراته وبنوده المكتوبة بطريقة شيطانية! والتي تزرع الخلاف والشقاق! أكثر ما تكون عنوان للحل ، فما فائدة كل تلك الأسماء والمسميات والمصطلحات السياسية ، والأنسان مدمر ويعاني الأمرين في عيشته وفي مجمل حياته! حتى بات يشعر بالغربة وهو في وطنه لأنه يفتقد للأمان وسط فوضى أنفلات السلاح ، ومشهد الدكات العشائرية والصدامات فيما بينها بشكل شبه مستمر، أن الحرية والديمقراطية الحقيقية لا تعني أن يكون الفصل العشائري بديلا عن القانون والقضاء! ، كما انها لا تعني أن نتصدر دول العالم بالفساد وسرقة المال العام! ، وأن نصف شباب البلاد مدمنين على المخدرات ، وتزداد نسبة أعداد المنتحرين فيها كل عام! بسبب حالة اليأس التي يعيشها المواطن ، فأية حرية هذه وأية ديمقراطية؟ جاء في الحديث القدسي الشريف ( الأنسان بنيان الله ، ملعون من دمره) . لذا أرى أن مفهوم الحرية والديمقراطية الحقيقي ، هو بناء الأنسان وبناء الوطن ورفاهية الحياة والتقدم والأزدهار في كل المجالات ، والعيش بكرامة وسلام وأمان ، تلك هي المعاني الحقيقة لمفهوم الحرية الديمقراطية ، والتي نراها ونسمع عنها في بلاد الغرب المتقدمة والمتطورة والتي رفعت من قيمة الأنسان وشأنه ، وبنفس الوقت رفعت من هيبة الدولة وقادتها بين بلدان العالم ، أما غير ذلك فستكون التظاهرات والاعتصامات هو نوع من جبر الخواطر والتنفيس !! عن حجم الضغط الذي يعاني منه المواطن والذي وصل حد الأنفجار! ، فلا فائدة من وجود حرية وديمقراطية وهي في الحقيقة كسيحة عمياء صماء خرساء ، فقط مجرد كلمات وعناوين مكتوبة ! لا فائدة يرجى منها ولا معنى لها ، بسبب فقدانها لمضمونها الحقيقي والأنساني والوطني والأجتماعي والديني والمذهبي ، عند ذلك لا يعدو الكلام عنها في الندوات والمؤتمرات والخطب غير نوع من الثرثرة السياسية!. ونكمل كلامنا عن الحرية والديمقراطية بالقول ، ما الفائدة منها والخيار الأول والأخير هو بيد الدولة وما تريده الدولة وما يريده الحاكم وعلى طريقة المثل ( تريد أرنب أخذ أرنب ، وتريد غزال أخذ أرنب!) ، فحصة المواطن هو الأرنب أن أختار أم لم يختار!؟ . ففي ظل الحرية والديمقراطية الحقيقية والصادقة لا مكان ولا وجود للأمية والجهل والظلم والفساد ، حيث يكون القانون هو سيد البلاد ويحمي المواطن ويشعره بالأمان وبألتصاقه بتربة الوطن ، لا يشعره في الغربة وهو في بلاده كما يشعر الكثير من أبناء هذا الوطن والوطن العربي! ، وينتظر أيه فرصة للهروب ، والذهاب حتى الى المجهول! ، المهم أن يتخلص من الوطن الذي بات يشكل لديه عقدة ومرض يريد التخلص أو الهرب منه! . مع الأسف أن غالبية الحكومات العربية تدعي بأن نظمها السياسية تعتمد الحرية والديمقراطية كأساس للحكم!! ، وهو في الحقيقة أدعاء لا أساس فيه من الصحة!؟ ، لأنها في الواقع والحقيقة ، تتعامل مع شعوبها ، أما بأسلوب وضع قطعة القماش على أفواه الناس! ولا تدعهم يتكلمون وتعد عليهم حتى أنفاسهم ! ، والقسم الآخر من هذه الحكومات تضع قطعة القماش في آذان الحاكم والطبقة السياسية حتى لا تسمع مطالب الشعب! ، وكل ذلك يجري تحت مسمى الحرية والديمقراطية للمواطن الذي سيأخذ الأرنب أخيرا كحصة له في كل الخيارات والأختيارات شاء ام أبى! . وهذا النوع من الحرية والديمقراطية هي البضاعة الفاسدة والأسوء التي صدرها وجلبها وفرضها الأحتلال الأمريكي البغيض والحاقد على العراق! والتي حولت العراق الى أكثر بلدان العالم فشلا وفسادا !؟ ، والتي تريد وتعمل على تسويق هذه الشكل من الحرية والديمقراطية الى بقية الدول العربية! . أن الحرية والديمقراطية الحقيقية لا تكون مقيدة ومرسوم لها خطوط حمراء لا تتجاوزها! ، وهنا لا نقصد بعدم التقيد ، وبعدم وجود خطوط حمراء بأنها ، تعني الأنفلات والفوضى أبدا ، بل نعني هنا الحرية والديمقراطية الحقيقة الواضحة والشفافة . أقول: فليدلني أحد على بلد ينعم أهله بالحرية والديمقراطية الحقيقية والصادقة ، ويكثر فيه الفساد وسرقة المال العام وكل شيء فيه منفلت ، الأمن والقانون والأخلاق ونصف شبابه مدمنين على المخدرات وترتفع فيه نسبة الجريمة بشكل كبير، وتحكمه سلطة العشيرة أكثر ما يحكمه القانون والقضاء! ، وينتشر فيه الفساد والأمية والجهل بشكل كبير، فهل يعقل أن كل هذا الخراب والدمار هو نتاج حرية وديمقراطية حقيقية وصادقة؟! ، الجواب بالأكيد هو لا وألف لا وكلا! فلو كنا ننعم بأجواء من الحرية والديمقراطية الصادقة لما وصلنا الى هذا الحال من الضياع ، بأعتراف الكثير من السياسيين أنفسهم ، أضافة الى المحللين ومتابعي الشان العراقي ؟! ، وأخيرا نقول ، هل يعقل وجود حرية وديمقراطية حقيقية وصادقة في بلد نظامه السياسي تحكمه وتتحكم به وفيه المحاصصة الطائفية والسياسية والقومية؟؟. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here