يشهد العراق وبإستمرار العديد من القصص المأساوية لضحايا الإدمان على المخدرات وراء أبواب مؤصدة لايعرف خفاياها إلا من ذاق ويل هذه الآفة المجتمعية التي بدأت بالإنتشار بشكل خطير في محافظة ديالى مثل الكثير من المحافظات العراقية الأخرى.
ضياع ودور الأسرة
ومن أمثلة ضحايا المُخدرات، قصة “س، ت” وهو شاب في العقد الثاني من عمره مرّ بقصة حب معقدة للغاية، انتهى به المطاف في النهاية إلى الفشل، ليفقد على إثره بوصلة الإستقرار بالتزامن مع وجود أصدقاء عمقوا معاناته أكثر، بدلاً من أن يساعدوه على الشفاء.
ويروي الشاب العشريني قصته في حديث خاص : انه “استغل اثنان من أصدقائي حالتي الميسورة بإستنزافي ماديًا من خلال اقناعي على تعاطي الحبوب والعقاقير المخدرة وبشكل تدريجي إلى أن وصلتُ لمرحلة تغيّرت فيها حياتي رأسا على عقب، وبدأت المشاكل تنخر بأسرتي”.
وبعد أن علِمت بحال ابنها، حاولت الأسرة أن تقنعه بالتوقف عن التعاطي إلا أنه رفض واستمر على فعلته إلى أن وصل مرحلة كاد أن يقع فيها ضحية عصابة تتاجر بالأعضاء البشرية، مستغلة حاجته للمال ليسد الفراغ الذي سببه الإدمان في حياته.
لكنّ القدر كتب حياة جديدة للشاب الذي ينحدر من محافظة ديالى بدخوله مرحلة العلاج من الإدمان خارج البلاد، ويضيف قائلا: “أخطط الآن للعودة إلى الجامعة في العام المقبل لإستكمل دراستي…”، مثمنًا في ذات الوقت تضحيات أسرته “أنا محظوظ جدًا لأنني أمتلك أسرة بهذا الحنان”. يختمُ حديثه بشيء من ابتسامة السرور.
قسوة المجتمع ومراكز العلاج
من جانبه، يكشف مدير إعلام مديرية صحة ديالى فارس العزاوي عن وجود مركز متخصص لمعالجة الادمان من المخدرات من خلال فريق متخصص. ويقول أنه “يجري التعامل بتكتم على الأسماء وذلك بسبب قسوة المجتمع”. على حدّ قوله.
وفي حديثه يقول مدير الاعلام أن أعداد التقديم للبرامج العلاجية بدأت بالإزدياد مع وجود مساع لإحتواء الكل. مؤكدًا أن دائرته أطلقت 7 برامج توعوية حول المخدرات في السنوات الأخيرة من أجل تنبيه وتحذير الشباب من مخاطره.
من جانبٍ آخر، يكشف مصدر أمني عن اعتقال أكثر من 100 تاجر ومروج ومتعاط للمخدرات خلال النصف الأول من عام 2023. مضيفًا بالقول “هناك نحو 7 أنواع العقاقير والمواد المخدرة منتشرة في ديالى”.
وينفي المصدر الأمني في حديثه زراعة المخدرات في المحافظة وإنما يتم إدخالها من بعض دول الجوار. مؤكدًا “وقوع أخطر تجار المخدرات في قبضة السلطات الأمنية مع استمرار ملاحقتهم”.
منافذ الدخول
بدوره، يرى السياسي المستقل سامي أحمد أن الجزء الأكبر من المخدرات يدخل إلى المحافظة عبر إيران وكردستان عبر عمليات التهريب. محذرًا بالقول “كانت المحافظة قبل سنوات ممرًا للمخدرات لكن الآن باتت متعاطية”، واصفًا ذلك بـ”أولى صور الخطر”.
ويصف في حديثه تجربة وزارة الداخلية بفحص العشوائي لمنسبيها حول المخدرات بـ”خطوة ايجابية” ويجب تطبيقها على الشباب المقبلين على الزواج وحتى الطلبة المقبولين في الجامعات مع تشديد الرقابة على المقاهي الشبابية.
أما القيادي في الاطار التنسيقي جبار عودة يشير إلى ما أسماها بـ”خارطة طريق” قدمت بداية عام 2023 إلى الحكومة حول ملف المخدرات تحمل 7 نقاط أبرزها تشديد العقوبات بحق التجار ومنها ما تصل إلى الاعدام ومصادرة الأملاك.
ويقرّ في حديثه أن السموم البيضاء – في اشارة إلى المخدرات- لن تنتهي في العراق ما لم تكن هناك عقوبات رادعة. على حدّ قوله.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط