علاء كرم الله
تمر هذه الأيام الذكرى 65 لقيام ثورة 14 تموز 1958 التي أزالت النظام الملكي بالعراق وأسست الجمهورية العراقية. ولأن العراقيين مختلفون في كل شيء وعلى أي شيء منذ فجر التاريخ! ، ولم يرضوا على أي حاكم ، وبالمقابل لن يرض عليهم الحكام أبدا! ، فمن الطبيعي أنهم في هذه المناسبة الوطنية ومع الأسف يزدادون فرقة !! بسبب من غياب الوعي والأدراك فينسون ويتناسون ما هم فيه من ضيم وقهر وظلم وجوع وحرمان ودمار وفساد ونهب وسلب وسرقة لأموال الدولة بوضح النهار وبلا شرف ولا غيرة على وطن ، ولأنهم لا يستطيعون تغيير واقعهم المزري هذا فراحوا يبحثون عن أي شيء يعتبرونه هو السبب فيما هم فيه ليعلقوا عليه مصيبتهم! ، فوجدوا في كل ذكرى سنوية لثورة 14 تموز الشماعة التي يعلقوا عليها كل ما حدث وجرى بالعراق منذ قيام الثورة عام 1985 ولحد الآن! ، وهو بلا شك تصور ليس خاطيء فقط ، بل فيه ظلم كبير وفاحش ناتج عن عدم وجود أية وعي وأدراك وقراءة موضوعية للتاريخ في تقييمهم للثورة وزعيمها! . ومن المؤسف أن هذا المفهوم هو السائد بين الكثير من العراقيين بكل جهل وبلا رؤية صحيحة وبقراءة خاطئة عمياء للتاريخ والغريب أنه حتى جيل الألفينات ! الذين جلّهم من الأميين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة بقدر ما يعرفون حتى اللطم بلا وعي! ، حتى هؤلاء يرددون نفس الكلام ولا تستشف من كلامهم جميعا غيرالكره والحقد الأعمى الذي لا مبرر له على الزعيم وصحبه!؟، وكأن الزعيم قاسم قتل أحد من ذويهم أو أبنائهم! . المؤلم أن من يتزعمون ويروجون لسب وشتم النظام الجمهوري وثورة تموز وشخص الزعيم قاسم ، هم من نطلق عليهم بالمثقفين والمتعلمين وانصاف المتعلمين! ، أرى أن المثقف الحقيقي والصادق عليه أن يطلع ويبحث ويحقق أذا أراد أن يعرف حقيقة أي شيء ، ولا ينطلق من منطلقات قكرية سياسية أو قومية وحتى عشائرية ومذهبية ضيقة! . فمن الطبيعي أن نشهد أختلاف في الرؤى تجاه ثورة تموز وزعيمها! ، فهناك من العراقيين من يرى في ثورة 14 تموز بأنها ثورة جبارة وعملاقة غيرت مجرى التاريخ على مستوى المنطقة وحتى العالم ، لأنها كانت ثورة حقيقية جماهيرية جاءت من أجل مصالح الجماهير العراقية ، والزعيم قاسم هو من بدأ ثورة البناء والأعمار العظيمة بالعراق ، فأكمل ما بدأ به قبله من مشاريع ونفذ ما كان مخططا على الورق ، ويشيدون هؤلاء بأخلاقية زعيم الثورة عبد الكريم قاسم ، من حيث الوطنية والنزاهة والطيبة والأنسانية والتواضع وعزة النفس وعفة اليد واللسان ومحبة العراقيين وحب العراق بجنون! ، وعفوه عمن يسيؤون أليه وحتى من أرادوا قتله في محاولة الأغتيال عام 1959 !! وهو صاحب المقولة المشهورة التي جرت على كل لسان ( عفا الله عما سلف) ، كما يذكرون شجاعته بأتخاذ وأصدار أصعب القرارات وأخطرها والتي أدت الى سقوطه! ، حيث لم يعرف عن الزعيم أن خاف تهديدات أمريكا وبريطانيا له عندما أصدر قانون رقم 80 الذائع الصيت الذي أصاب مصالح أمريكا وبريطانيا والغرب بمقتل ، وفي النهاية انتهى حكم الزعيم كما معروف تاريخيا ، بأنقلاب دموي مليشياوي قام به أوباش الحرس القومي البعثي يوم 8 / شباط / 1963 فقتلوا وذبحوا وسجنوا وأغتصبوا وأستباحوا العراق والعراقيين لقرابة 10 أشهر! وراح ضحية همجيتهم الألاف من العراقيين!! بتشجيع وتخطيط وتعاون وبرعاية ومباركة مخابراتية أمريكية بريطانية الى نهاية القصة المعروفه لدى غالبية العراقيين ، ومن الجدير أن نذكر هنا ما يؤكد الرعاية الأمريكية في دعم الأنقلابيين من مليشيات الحرس القومي في أنقلاب 8 / شباط / 1963 ، من خلال ما قاله ((الدكتور روي كاساغراندا ، في محاظرة له في جامعة تكساس حيث ذكر : بأن وكالة المخابرات الأمريكية قررت التخلص من الزعيم عبد الكريم قاسم في أنقلاب 1963 لتبدأ فوضى الأنقلابات بعدها)) ، ما قاله الدكتور روي في محاظرته هو رد حاسم وقاطع ممن يشككون بنقاء ثورة تموز ووطنيتها وأنها كانت ثورة عراقية وطنية قام بها الضباط الأحرار لضرب مصالح أمريكا وبريطانيا ودول الغرب! ، ومن المفيد أيضا أن نذكر ما قاله الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي ، عن ثورة 14 / تموز/1958 تأكيدا لوطنية الثورة وقائدها ، وبأنها أضرت بالمصالح الأمريكية والبريطانية والغربية حيث قال ( لو لم ينجح أنقلاب 1963 لكنا قد حرقنا بغداد!!) ، والغريب والملفت للأنتباه! أن الزعامات وقادة الأحزاب السياسية ورؤوساء الحكومات الذين قادوا العراق من بعد الأحتلال الأمريكي البريطاني الحاقد على العراق في 2003 ، لم يتجرأ أي أحد منهم على ذكر ثورة 14 تموز الوطنية!!؟ ، رغم أنها أسست الجمهورية العراقية ، وأن جاء ذكرها فيأتي عابرا! ( حتى الزعيم الكوردي مسعود برزاني لا يأتي على ذكر الزعيم رغم أن الزعيم قاسم هو من أعاد عام 1959 والده الملا مصطفى البرزاني الذي كان لا جئا في الاتحاد السوفيتي السابق منذ عام 1949 وأكرمه وأسكنه في بيت نوري السعيد! ومنحه راتبا قدره 700 دينار!!) ، نعود بالقول كلهم يتجنبون ذكر ثورة 14 تموز، خوفا من غضب أمريكا وبريطانيا عليهم! ولأن أمريكا وبريطانيا يكرهون الزعيم قاسم وثورة 14 / تموز 1958 لأنها أضرت مصالحهم الأقتصادية والسياسية بالمنطقة كما ذكرنا ذلك آنفا !! . وأنتهى الزعيم وقصة ثورته العظيمة بأعدامه رميا بالرصاص في مبنى الأذاعة والتلفزيون من قبل مليشيات الحرس القومي ، ومن ثم رمي جثته في نهر ديالى!. الذي اريد أن أقوله أن الزعيم وثورته أكبر من أن تنتظر مني ومن غيري من العراقيين أن نشيد بها وندافع عن الثورة وزعيمها ، وبنفس الوقت أن الزعيم وثورته أكبر بكثير وأجل قدرا وأعلى مكانة ممن يسبونه ويشتمونه ويسيؤون له ولثورته الجبارة بلا وعي وبغباء وبحقد أعمى!. ويكفي الزعيم وثورته فخرا وشرفا ووطنية ، أن ألد أعدائه وكارهيه والذي أشترك في محاولة أغتياله عام 1959 وهو رئيس النظام السابق (صدام حسين)! ، أعترف وبصحوة ضمير وبتسجيل صوتي نادر أمام أعضاء من القيادة القطرية لحزب البعث عام 1995 ، حيث قال صدام عن الزعيم (( أحنه مطينه مجال للرجال وخلينا يشتغل ، تعاملنه ويا مثل المعدان! ، يطلع يخطب بالجماهير أحنا نرفع صور جمال عبد الناصر، والحق أقوله أن ثورة الزعيم أكبر من ثورة عبد الناصر في مصر، والزعيم قاسم خلص العراق من الأستعمار الأنكليزي والأمريكي وحرر العملة العراقية من الكتلة الأسترلينية ، ورجل المنجزات والبناء ، ويستكمل كلامه بمهاجمة قاتليه! ، وينتقد عبد السلام محمد عارف ويصفه بالأرعن ويصف عبد الناصر بالغرور!)). // راجع التسجيل الصوتي كاملا وبمقدمة من أحد البعثيين أسمه مؤيد عبد القادر// . أخيرا أقول تبقى ثورة 14/ تموز خالدة أبد الدهر هي وكل رجالاتها الأبطال ، ومهما حاول ويحاول البعض أن يسيء لها ولقادتها فأن الذهب يبقى معدنه لامعا براقا مدى الدهر. رحم الله الزعيم عبد الكريم قاسم وصحبه الأبرار وكل شهداء ثورة 14 تموز الخالدة ورحم الله كل شهداء العراق الذين ضحوا من أجل الوطن ، والخزي والعار لأمريكا وبريطانيا وأذنابهم ومن سار معهم ووالهم وكان عميلا لهم!. اللهم أحفظ العراق وشعبه من كيد أمريكا وبريطانيا والغرب ، وكل من يريد بالعراق السوء ، رد كيده الى نحره وأشغله بنفسه عن العراق وشعبه.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط