أمريكا وسياسة الصدمة والرعب؟!

علاء كرم الله

يعيش العراقيين هذه الأيام حالة من الخوف والهلع والأرتباك ، ولو أن الخوف والقلق والرعب لن يفارقهم وليس بجديد عن أحوالهم فهم يعيشون معه منذ أكثر من 4 عقود! ولكن يعيشونه بقسوة وخوف أكبر منذ 20 سنة من عمر الأحتلال الأمريكي للعراق والى الآن! ، كما أن الأسواق العراقية أصابها الأرتباك الى حد الشلل! بسبب العقوبات الأخيرة التي أصدرها البنك الفدرالي الأمريكي على 16 مصرف أهلي عراقي ، مع أخبار تؤكد بأنه سوف تصدر عقوبات اخرى على 6 مصارف أهلية لاحقا! . ويذكر أن العقوبات صدرت بسبب عدم التزام هذه المصارف بالضوابط والتعليمات التي أصدرها البنك الفدرالي الأمريكي فيما يخص مزاد العملة ، حيث يتهم البنك الفدرالي الأمريكي هذه المصارف بتهريب العملة (الدولار) الى خارج العراق الى بعض الدول المجاورة! ، وقد أدت عقوبة هذه المصارف الى صعود سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي الى أكثر 155 ألف دينار مقابل كل 100 دولار، وهو قابل للصعود أكثر!. وهنا لا بد من الأشارة (بأن مزاد العملة العراقية هو الذي دمر الأقتصاد العراقي وهو الذي أدى الى أستمرار نزيف العملة الأجنبية وتهريبها الى الخارج منذ بداية العمل بمزاد العملة ، نهاية 2003 ولحد الآن! . ومزاد العملة بالعراق عليه شبهه كبيرة وأكثر من علامة أستفهام من قبل البنك الفدرالي الأمريكي؟؟!) . وقد أشار الكثير من المختصين والخبراء في الأقتصاد ، أن مبلغ مزاد العملة اليومي الذي يطرحه البنك المركزي ، هو أكثر بكثير من حجم الواردات الفعلية التي أستوردها العراق؟؟ ، ومن حاجة السوق العراقية الفعلية الى ذلك! وهذا مما يجعله في مجال شك وريبة من أمريكا التي تراقب ذلك بتمعن وأنتباه! ، ويتأكد لها وجود تهريب منظم لعملة الدولار الى خارج العراق! . أن حالة القلق والخوف والرعب التي يعيشها الشارع العراقي والتي وصلت وحسب وسائل الأعلام وأخبارها ، بأنه في حال عدم أتخاذ االحكومة العراقية الأجراءات اللازمة للحد من تهريب (عملة الدولار) الى بعض الدول التي هي تحت العقوبات الأمريكية! ، فسينعكس ذلك سلبا على العراق ، ولا تستبعد تلك الأخبار أن تتخذ الحكومة الأمريكية قرارا بأعادة وضع العراق تحت العقوبات الدولية وفرض الحصار عليه ثانية!!! ، وبالتالي ستضطر أمريكا الى أن تعامل العراق بسياسة (النفط مقابل الغذاء والدواء) !! ، كما في تسعينات القرن الماضي!، وهنا لا بد من الأشارة (بأن مجلس الأمن الدولي وكذلك الأمم المتحدة لم يصدروا أية قرار بأخراج العراق من عقوبات البند السابع التي وضع تحتها العراق من بعد غزو الكويت عام 1991 ولحد الأن!! ، على الرغم من أن العراق أوفى بكل ألتزاماته المالية تجاه الكويت ومنذ عام 2021 !؟؟) . أن هذه التهديدات والمخاوف والأخبار وأجواء الرعب التي تتناقلها وسائل الأعلام المحلية والعربية والدولية هي تدخل ضمن سياسة (الصدمة والرعب) الأمريكية التي مارستها أمريكا منذ أغتصابها العراق وأحتلاله مع بريطانيا ولحد الآن! ، فالسياسة الأمريكية تقوم على تخويف العراقيين بأستمرار، وعيشهم في رعب دائم (وبأن اليوم أحسن من الأمس وغدا أحسن من اليوم!) ، وهو بالفعل ما عملت عليه أمريكا وبريطانيا وكل من تعاون وساهم معهم من دول الجوار في تدمير العراق . أن تطبيق سياسة (الصدمة والرعب) هي أقذر سياسة مارستها أمريكا ولا زالت تمارسها تجاه العراق . وتعتمد سياسة الصدمة والرعب على الأعلام كسلاح رئيسي من خلال وجود الفضائيات الأعلامية المحلية والعربية والدولية المأجورة والتي تعمل بأجندة الأعلام الأمريكي والصهيوني! ، وكذلك وجود جيوش ألكترونية داخلية وخارجية موظفة لتنفيذ هذه السياسة وهذه النظرية اللاأنسانية! ، ناهيك عما يصرح به بعض المحللين السياسيين الذين يعملون ضمن أجندة الأعلام الأمريكي! ، والتي تهدف في النهاية الى جعل المواطن العراقي يعيش في حالة من الخوف الدائم! . وكثيرة هي قصص الصدمة والرعب التي عاشها العراقيين منذ الأحتلال الأمريكي والبريطاني الغاصب للعراق عام 2003 ولحد الآن ، ولربما كل عراقي يتذكر واحدة من تلك القصص التي أثارت الخوف والرعب في داخله . ويكفي الأمريكان ومن تعاون معهم بأن جعلوا من ( تنظيمات داعش الأجرامية) التي هم من صنعوها وأسسوها ومولوها ودعموها لوجستيا بالتعاون مع بعض من الدول العربية والدول المجاورة للعراق ، يكفي وجود داعش لتمثل الرعب الدائم على العراق والعراقيين حيث تتحرك هذه التنظيمات الأجرامية للقيام بأية أعمال أجرامية بأشارة وبالتنسيق مع أمريكا والدول المتعاونة معها! ، وحسب مقتضيات الوضع والظروف التي تمر بها المنطقة . وما دمنا نتكلم على داعش لا بد من أن نتذكر حالة الرعب التي عاشها العراقيين أثناء أحتلال داعش للموصل وبقية المحافظات الغربية! ، عندما حركت أمريكا كل جيوشها الألكترونية وفضائياتها الأعلامية وكل المحللين الذين يعملون لديها محليا وعربيا ودوليا!! ، لتنشر أخبار تؤكد فيها من أن داعش لا تستبعد أن تفجر سد الموصل !! وأعلنوا عن عدد الساعات التي يستغرقها الماء للوصول الى بغداد !! في حال قيام ( داعش) بذلك ، وحجم الدمار الذي سيسببه أنهيار السد سواء بالموصل والمناطق المحيطة والى حين وصوله بغداد ! ، كما بثوا أخبار تؤكد بأن سد الموصل فيه تكسرات وتصدعات أصلا بسبب القصف الذي تعرضت له المناطق المجاورة للسد! ، وذكروا بأن التربة التي أنشيء عليها السد هي أصلا غير صالحة لذلك ، لأنها أرض كلسية وغيرها الكثير من الأخبار الكاذبة المرعبة! ، ناهيك عن أخبار التصحر والجفاف والموت عطشا، وأنتشار الأمراض والأفلاونزة بكل أنواعها البشرية والحيوانية! والسرطانات ، بسبب الطمر النووي للمخلفات النووية التي تم دفنها بالعراق من بعد 2003 ! ، والتي تسبب تلوث الجو والمياه وتلوث التربة وبقائها فيها لملايين السنين!! ، مما يؤدي الى أنتشار الكثير من الأمراض والأوبئة المعروفة منها وغير المعروفة! واولها السرطانات بكل أنواعها ، وهكذا يتم تنفيذ سياسة ونظرية الصدمة والرعب عن طريق وسائل الأعلام ، وكذلك عن طريق المحللين والأساتذة والمختصين في اللقاءات والندوات! ، ويذكر أن الأمريكان يدفعون رواتب للكثير من هؤلاء المحللين والمراقبين السياسيين الذين يشغلون الفضائيات بالظهور الدائم؟! . ومما ساعد الأمريكان على تنفيذ سياسة الصدمة والرعب مع العراقيين هو وجود الحكومات الضعيفة والفاشلة والفاسدة التي نصبوها لأدارة العراق والفاقدة لأية أرادة وطنية! . نعود الى موضوع مزاد العملة ، حيث أن الشيء الملفت للأنتباه ، أن أمريكا تتعامل مع موضوع مزاد العملة بمزاجية وحسب ما تقتضيه مصالحها! ، فأين كانت أمريكا كل تلك السنوات التي مرت والتي كان الدولار يهرب بشكل منظم ومستمر الى الخارج!؟؟ ، ألم يكن هناك مزاد عملة؟ ألم تكن هناك حوالات مضروبة وغير صحيحة ووهمية؟ ، ألم يكن قيمة مبلغ المزاد اليومي أكبر من حاجة السوق العراقية للأستيراد؟؟ ، فلماذا الآن تثير هذا الموضوع وتشدد عليه الى هذه الدرجة؟؟ . المصيبة أن أمريكا تصفي كل حساباتها مع خصومها وأعدائها ، ومع الدول التي لديها معها مشاكل ، على الساحة العراقية وعلى حساب العراق! ، حيث جعلت من العراق مصدا جيدا وساحة مثالية لتصفية كل حساباتها مع الدول العربية والدول المجاورة وحتى مع دول العالم! ، فهي ممكن أن تصفي حسابتها مع الصين وروسيا وأي دولة أخرى ، حتى مع الصومال!! ، على أرض العراق ، وعلى حساب قوت الشعب العراقي! ، وهذا ما لمسناه من خلال تصفية حساباتها مع أيران وتركيا وسوريا وحتى مع ليبيا واليمن ولبنان وكل ذلك صار على حساب دمار وخراب العراق! . نعود الى جوهر نظرية الصدمة والرعب ، فما دمنا موقوفين تحت عقوبة البند السابع التي فرضت علينا بعد غزو الكويت منذ عام 1991 ولم نخرج منها لحد الآن؟! ، ومادامت هناك حكومات وأحزاب سياسية ضعيفة لا يهمها ما سيحصل للعراق حتى وأن تم محوه من خارطة العالم والوجود ! ، بعد أن أمنت مصالحها الحزبية والشخصية ، وما داموا ساكتين عن المطالبة بحقوقنا المسلوبة ، فكل شيء أذا وارد ضمن سياسة أمريكا اللئيمة واللاأنسانية تجاه العراق ، فلا نستبعد عند ذلك ، من أمريكا أن تعيدنا الى صورة الحصار الظالم أبان تسعينات القرن الماضي! ، وأن تعطينا الدولار على قدر حاجتنا من الدواء والغذاء ! وليذهب العراق وشعبه الى الجحيم . ولله الأمر من قبل ومن بعد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here