دمٌ على الطَّفّ…

شعر: عبد الستار نورعلي

دَمٌ على الطَّفِّ أمْ نبضٌ منَ الألَقِ
فكلُّ ذرّةِ رَمْلٍ .. فيهِ مُحْتَرَقي

وكلُّ قَطْرةِ ماءٍ في مَسَارِبِهَا
دَمْعٌ جَرَىْ غُصَّةً مِنْ عَيْنِها الْوَدِقِ

فكَمْ تقِيٍّ هَوَىْ ما بَيْنَ مِرْجَلِها
مُقَدَّسٌ مِنْ سَلِيْلِ الطاهرِ العَبِقِ

وقفْتُ أسألُ أرضَ الطَّفِّ فانْتَفَضَتْ:
دمُ الْغَوالي ، عَلَى وَجْهِي ، وَفي رَمَقي

مرَّتْ على ساحتي خيلٌ وساريةٌ
ومرَّ كلُّ بَغِيٍّ ، فاسِقٍ ، خَرِقِ

تَشَابَكَ الْقَومُ فاشْتدّتْ ملاحِمُهُمْ
نَواصِيُ الْخَيرِ ، في صنّاجةِ النزَقِ

وقَفْتُ أنظرُ في الْآفاقِ مُقتفيّاً
ريحَ الحسينِ بإشْراقٍ وبالمَلَقِ*

ناديْـتُـهُ ، وعروقُ القلبِ في لَهَـبٍ
والنارُ في أضلعي والجَمْرُ في حَدَقي

يا سيّدَ الطفِّ، يا مَنْ في مقاتلِكمْ
قد زُلزلَ الكونُ زلزالاً ، ولم يُفِقِ

سِفرَ الشهادةِ، إنّي صوبَ مَنهلِكُمْ
شددْتُ أوردتي خيلاً لمُنطلَقي

حتى أتاني بشيرُ النَهْلِ مُصطحِباً
بدراً تماماً سقاني عَذْبَ مُندَفِقِ

وشـعَّ مِـنْ وجهِـهِ نـورٌ لِـيغـمـرَني
فكنْتَ أنتَ سراجي غامراً غَسَقي

يا سيدي يا إمامَ السائرينَ هُدىً
كي يقتفوا أثراً من دربِكَ الغَدِقِ

ملأتَهُ بهُدىً مِنْ طِيْبِ منبتِكُمْ
لا خاشياً سيفَهمْ أو حومةَ الفِرَقِ

بئسَ الذينَ تبارَوا في مذابحِكُمْ
فأصـبحُوا لعنةً ، في شَـرِّ مُنزلَقِ

يا قِبلةَ الحقِّ والأفلاكُ في رَهَبٍ
ملائكٌ حولَكُمْ بالنجمِ والفَلَقِ

الطُهرُ في بيتِكمْ آياتُ سيرتِكُمْ
فعمَّ في الناسِ عِطراً فائحَ العَبَقِ

يا ابنَ الذينَ أشـاعُوا مِنْ منـاقبِهِمْ
الزهدَ في سيرةٍ والجُودَ في الخُلُقِ

وابنَ النبيِّ الذي تسمو كواكبُهُ
وحيدرٍ ومِنَ (الدُريِّ في الغَسَقِ)*

أنا ابنُ بيتِ وليٍّ … كلُّهُ غَضَبٌ
مِنْ أولِ الشَبِّ حتى آخِرِ الرَمَقِ

لِما لقِيْتَ، وما لاقَتْ مَحارِمُكمْ
منْ غلَّةِ الحقدِ والنكباءِ والحُرَقِ

أنا ابنُ مَنْ شرّعوا جَمْعاً، ومِنْ وَلَهٍ
بأهلِ مَنْ طُهِّروا، عَهْداً وفي العُنُقِ

قد أسلمُوا لطريقِ الحقِّ رايتَهُمْ
فكانَ صـوتُ نِداكمْ خيرَ مُعتَنَقِ

ساروا على هَديِكمْ ، والطَفُّ سائقُهُمْ
فاستنشقوا ريحةَ الفردوسِ في الطُرُقِ

* الدُريّ في الغَسَقِ: أي الكوكب الدُريّ المُشِعّ في الظلام. وهنا كناية عن فاطمة الزهراء عليها السلام.
* المَلَق: التضرُّع والدعاء

عبد الستار نورعلي
الأحد 30 تموز 2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here