علاء كرم الله
بدأ نقول عظم الله أجور المسلمين كافة بذكرى واقعة الطف الأليمة بأستشهاد سيد الشهداء الأمام الحسين عليه وعلى صحبه أفضل السلام . أن أستشهاد الأمام الحسين في كربلاء هو في الحقيقة (( أمتداد لرسالة النور والهداية التي بدأها جده النبي العظيم محمد عليه وعلى أله وصحبه أفضل السلام في غار حراء وأنتهت تلك الرسالة بكل توهجها وتألقها وعنفوانها وكل ما تحمل من مباديء وقيم في كربلاء)) ، بملحمة بطولية كان بطلها ورمزها الأمام الحسين عليه السلام الذي أنتصر أنتصارا عظيما رغم أستشهاده! ، في حالة وقف العالم كله منبهرا أمامها ! ، فكيف تحقق الأنتصار، والأبطال كلهم أستشهدوا على يد أعدائهم!!؟ ، هنا تكمن العظمة والكبرياء وتكمن الأرادة الألهية التي أرادت لهذه الواقعة أن تتخلد مدى التاريخ والى يوم تقوم الساعة! ، لأنها معركة المباديء والقيم التي جاء بها النبي العظيم محمد ص ، وعندما أريد لهذه المباديء أن تنحرف ، تصدى لها سبطه وريحانته لتقويم ذلك الأوعجاج الذي ظهر على تلك المباديء ، فأنتصر دمه الطهور الذي كان تجري به كل تلك القيم والمباديء وأخلاق جده الرسول العظيم محمد ص ، على سيوف الغدر والخيانة ، فكانت بحق ملحمة أنتصار الدم والقيم والمباديء على سيوف الباطل التي تحمل كل أرث الجاهلية وأحقادها، وبسقوط الأمام الحسين ع شهيدا ، أزدادت الرسالة المحمدية توهجا وخلودا وكبرياء وألقا وثباتا ، فرسالة محمد العظيم هي رسالة الله الى البشرية جمعاء ، وأستشهاد الأمام الحسين ع كان بحكمة الله ومشيئته. أن الشيء الذي بات يجلب الأنتباه هو أنتشار الطقوس الحسينية بكل تفاصيلها في عموم أوربا ، حيث لم تشهد أوربا قبل عقود من الزمن مواكب الزيارات والطبخ وحتى اللطم والقرايات الحسينية!! ، وأنا أعزي ذلك ليس لكثرة الشيعة بالعالم وحسن تصرفهم ! ، لا لا أبدا بل لجلل الواقعة ولأن بطلها الشهيد ورمزها هو حفيد النبي العظيم الذي ختمت النبوة والرسالات الألهية على يده ، فرسالة الأسلام المحمدية هي في الحقيقة هي جوهر وخلاصة كل الرسالات السماوية التي نزلت على الأنبياء ، وما أجمل وأرقى تلك الخاتمة وما أعظم حفيد تلك الرسالة وحامل رايتها وقيمها ومبادئها . فصارت لدى العالم الرغبة والفضول لمعرفة ما هي تلك الرسالة؟ ، وما علاقة الأمام الحسين ع بتلك الرسالة؟ ، وأية أمة جاهلة التي تقتل حفيد نبيها!؟. ليس بجديد تلك المواكب وليس بجديد على العراقيين أستقبال ملايين الزائرين الذين يشاركون بهذه الزيارة السنوية المتميزة والتي تحمل عبق النبوة وعظمة الشهادة من أجل المباديء والقيم ، وليس بجديد كرم العراقيين التاريخي منذ الأزل في أطعام ضيوفهم ، بكل تفاني وأخلاص وبمودة وبمحبة وبأبتسامة وبلا ضجر او كلل أو ملل ، وكيف أذا كانوا ضيوف وزوار الأمام الحسين ع !. وهنا لا بد أن نقول أنه وفي أصعب الظروف يبقى مشهد ضيافة الزوار قائما لم ولن ينقصه شيء ، بل يزداد أهل العراق بكل طوائفهم تفانيا من أجل خدمة ضيوف الأمام الحسين ع . من المشاهد الجميلة والرائعة التي أسترعت الأنتباه وجلبت الأنظار والأنبهار في آن واحد هو أن ترى السفير الروسي! ، بالعراق وهو يقف مع جموع الزائرين يشاركهم أحتفالهم بهذه الذكرى وهو يلطم ( يضرب على صدره)!! ، على أيقاع صوت الرادود وبجانبه السيد عمار الحكيم ، هنا لابد من الأشارة ان هذا السفير لا يجامل ولا يعرف النفاق ولا يخاف من السيد عمار الحكيم ولا من غيره لأن الغرب لا يعرفون النفاق مثلنا!! ، هذا السفير جاء عن قناعة وقناعة تامة وبكل تواضع ، لا سيما وأنا أعرف تماما بأن أي دبلوماسي غربي بدرجة سفير يعمل في العراق يلزم عليه أجادة اللغة العربية! هذا أولا ، ثانيا وعلى السفير أن يكون مطلعا على تاريخ البلد الذي هو سفيرفيه! ، فأنا على يقين بأن هذا السفير قرأ وأطلع وسمع عن واقعة الطف الشيء الكثير، فآمن وأقتنع بأن المشاركة بهذا الطقس المهيب بالنسبة له هو أستذكار لرجل ثوري ترك بصمة كبيرة في التاريخ! ومشاركته هي أحترام لثورة هذا الرجل وفكره وعقيدته وشجاعته وبطولته! ، ومن لا يحب الثورة وأبطالها الثائرين على مر التاريخ؟ . ونفس الشيء أثار مشهد السفير الياباني العالم أجمع! ، حيث ظهر عليه الفرح والسرور والأبتسام وهو يلاعب أحد الأطفال ، وهو في ضريح الأمام الحسين عليه السلام ومعه زوجته التي أرتدت الحجاب ولبست العباية العراقية أحتراما لهذا الطقس!!! ، وأعتقد أن اليابانيين معروفين بأخلاقهم وصدقهم ولا يعرفون الكذب والزيف والمخادعة ، ولماذا يكذب ويجامل؟ ، هل يطمع بشيء؟ ، أم يخاف من شيء؟ الجواب معروف ، وهو الأيمان بهذه الواقعة وصدقيتها وكل ما جاء فيها من أجل هداية البشرية وتعليمهم قيم المباديء والشرف والفضيلة والأستشهاد من أجل أعلاء كلمة الحق . أن السفير الروسي والياباني يعلمون وبيقين تام بأن الرسالة المحمدية العظيمة هي رسالة المحبة والسلام والتآخي والقيم والمبديء النبيلة التي أرسلها الله عز وعلا على لسان محمد ليبشر بها العالم أجمع وهذا يكفي! . وبقدر كل هذا الجمال والبهاء الأنسائي وصور الخدمات التي تقدم للزوار بكل حب وكرم عراقي معروف ، ألا أن صورة هذا الطقس المهيب عكرته بعض المشاهد التي لم نكن نتمناها أبدا أبدا لأنها معيبة ومخزية!! ولا تليق بحجم الذكرى وجلالتها وعظمتها وصداها العالمي ، فقد نقلت مواقع التواصل الأجتماعي مشاهد ولقطات معيبة عن (( عركة بالجداري بين الزوار علمود القيمة والتمن وبطريقة أقل ما يقال عنها همجية لا تليق بصورة وسمعة كرمنا ونحن نطعم الغريب قبل القريب! حتى اطلقوا عليها معركة الجداري تندرا وسخرية! ، المعيب أكثر أن العركة على القيمة والتمن حدثت أكثر من مرة وفي غير مكان!! ، قد تحدث أشياء ومنغصات بسيطة يمكن تلافيها وعدم أظهارها أمام العالم ، ولكن أن تكون عركة مخزية بيها فشار وسب وشتم فهذا غير مقبول!، الشيء المؤلم أن العالم كله شاهد ذلك؟! ، بفضل التكنلوجيا التي جعلت من هذا العالم قرية صغيرة! حيث ينتقل أبسط حدث ولو كان في أقاصي الأسكيمو الى العالم خلال ثواني!!)) ، ولا أدري على من نعتب ونقول؟ ، ولماذا يحدث مثل هذا الأمر أين المسؤولين والمشرفين على تنظيم العمل وتقديم الخدمات؟! . لقطة ومشهد آخر نقلته مواقع التواصل الأجتماعي لبنات جاؤا ليس للزيارة ولكن لأغراض سخيفة ومعيبة تستعرض جمالها وانوثتها أمام الكاميرات!! . مشهد آخر لشاب طغت عليه الأنوثة والميوعة! من شكله وهيئته وشعره الطويل وبشفاه محمرة! يشارك بالزيارة ويحمل القرآن وكانت الكاميرات تركز عليه لأنه لم يأت للزيارة بل جاء للأستعراض ولتشويه نقاء وطهر زيارة الأمام الحسين ع !!. لقطة أخرى من صورة التشابيه ، لأمرأة بسيطة تأتي لتأخذ المراد من أحد الخيول!! الواقفة وتمسح بيدها على ظهر الفرس الذي تبين أن راكبه هو حرملة حسب التشابيه!! ، فقال لها أحد الصبيان الواقفين زايرة هذا فرس حرملة ، فرس الحسين هناك مو هنا!!؟ . ونأتي على مشهد التطبير المرعب !! ، فعلى الرغم من وجود رسائل صدرت من المراجع الحوزوية العليا القديرة والمحترمة وعلى مدى أزمنة متفرقة حيث أجمعوا كلهم ، ومعهم كل العلماء والفقهاء الشيعة على تحريم التطبير واللطم والتشابيه! ، وكل ما يلحق الأذى بالنفس ، وجاء ذلك برسائل (( السيد السيستاني ، السيد الخامنائي ، السيد صادق الصدر ، وكذلك بقية المراجع العظام وبلا أستثناء على تحريم التطبير والتشابيه)) ، ألا أن هناك أصرار مقصود ، لدى الكثيرين بمخالفة المراجع العظام ، بضرورة القيام بالتطبير واللطم ووضع الطين على الرأس! ، حيث نقلت مواقع التواصل الأجتماعي صورة لأحد الخيم (الردهات الطبية) ! ، كان منظر الدم يغطي كل شيء فيها ، الأسرة والأرضيات ، والناس ممدين بدمائهم على الأسرة بلا حراك بسبب التطبير!! ، فعلا كأنها أرض معركة حقيقية أنتهت توا !! ، حتى قيل أن البعض منهم من أنتحر! ، وعدد منهم ماتوا من شدة الضرب والتطبير!! ، ناهيك عن منظر الزحف على الوجوه بالطين والوسخ لمسافات طويلة! ، وكذلك شاهدنا ولأول مرة الكثير من الشباب وقد أطالوا شعور رؤوسهم وتطينوا ، وهم يلطمون بكل قوة ويضربون على صدورهم ورؤوسهم ! . مشهد آخر رصدته مواقع التواصل الأجتماعي وبثته ، لا يحمل من الأدب والأخلاق أي شيء ، حيث يظهر رجل عسكري مكلف بحماية الزائرين وتنظيم سيرهم ومرورهم وهو يتبادل أرقام التلفونات مع بعض البنات الزائرات!!! . الشيء الذي يجب أن يعلمه الجميع أن العالم شاهد الزيارة المليونية لأحياء ذكرى أستشهاد الأمام الحسين ع ( كلشي شاف وكلشي سمع وكلشي سجل ، أن كان جيد أو غير جيد ، ولو أن الأعلام العالمي يركز ويلتقط المشاهد الغريبة والمعيبة ويركز عليها أكثر لغايات في نفوسهم!) . أقول ، أنتهت ( العشرة الأولى) من الزيارة الحسينية ، ولكن سيبقى الأمام الحسين ع خالدا في نفوس محبيه الصادقين ويبقى رمزا للفداء والتضحية من أجل أعلاء كلمة الحق ، وتبقى ثورته عنوانا لكل زمان وعصر بالدعوة للخروج على الظلمة والمجرمين والقتلة والطغاة ، والتصدي للسراق والفاسدين وآكلي السحت الحرام وسارقي أموال اليتامى . أن الطقس الحسيني سيستمر وتوافد الزوار سيستمر على طول شهر محرم الحرام كله والى يوم الأربعين ، وتبقى الجدور والنذور والقراءات وخيم الزائرين منصوبة لأكمال صورة الطقس الحسيني . ولكن يبقى السؤال كبيرا وكبير جدا وهو : مَن من هؤلاء الزوار الذين جاؤا بالملايين ، تقبل الله زيارته للأمام الحسين ع أمرأة كانت أم رجل؟؟ ومَن من الذين لطموا وضربوا صدورهم تقبل الله لهم ذلك ؟؟ ومَن من الذين طّبروا رؤوسهم تقبل الله منهم ذلك؟؟ . ونفس الشيء نقول على من قاموا بأجراء مشاهد التشابيه؟؟ ، فلا يزكي الأنفس الأ الله ، والسؤال الأهم الذي لا يقل أهمية عن عمق الزيارة ومفهومها : مَن من هؤلاء الزائرين يسير على نهج الأمام الحسين ع؟؟ ، ومَن منهم من آمن ، ويلتزم فعلا بقيم ومباديء ثورة الامام الحسين ع ، وسار على نهجه وخلقه التي هي أخلاق جده النبي العظيم في التصدي للباطل وقول كلمة الحق والتصدي للطغيان ، هذا السؤال موجه للجميع بلا أستثناء مسؤول كان أم مرجع أم سيد أم شيخ أم امرأة علوية كانت أم حجية ، سفير كان أم غفير، أم مواطن عادي؟ أن الله هو الذي يزكي الأنفس وهو أعلم بسرائر النفوس ؟ فزيارة الأمام الحسين ع والتطبير واللطم شيء! ، والأيمان بماديء الأمام الحسين ع والسير على نهجه شيء آخر بل هو أكبر وأعظم . أخيرا نقول: لو كنا نسير على مباديء الأمام الحسين ع ونهجه وقيمه ، هل كنا وصلنا الى هذا الحال البائس الذي لا نحسد عليه بعد 20 سنة من اللطم والبكاء والعويل على الأمام الحسين ع ؟؟ ، وما فائدة السير مشيا على الأقدام الى مقام الأمام الحسين ع ، ونحن لا نحيا حياة إنسانية كريمة ونعيش غرباء في اوطاننا ؟؟ وهل يقبل الأمام الحسين علينا ذلك؟؟ ، وهل تلك هي رسالته؟ وماذا تعلمنا من رسالة الأمام الحسين ع وتضحيته؟ أترك الجواب لكل زائر ولكل من يدعي حب الأمام الحسين عليه وعلى صحبه أفضل السلام؟؟.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط