كتابة: يوسف أبو الفوز
مساهمة في ملف عيد الصحافة الشيوعية في العراق ، طريق الشعب العدد 1 السنة 89 الثلاثاء 1 آب 2023
لطالما أثارت إعجابي تجربة زميلي وصديقي الإعلامي كمال يلدو، في مثابرته واصراره للعمل، واستمرار ظهور برنامجه الأسبوعي (أضواء على العراق) على منصات التواصل الاجتماعي. مؤخرا، حين توفرت لي الفرصة لزيارة محل إقامته في بيته، في مدينة ديترويت الامريكية وزيارة استوديو البرنامج الذي أقامه في قبو بيته، قررت مشاركة القراء بتسليط شيئا من الضوء على هذه التجربة الملهمة، التي طالما تمنيت ان يطلع عليها البعض من شبابنا الإعلاميين لاستنباط بعض الدروس منها.
ولد الرفيق كمال يلدو في عام 1956 في بغداد، منطقة رأس القرية، أنهى الدراسة الثانوية في الاعدادية الشرقية ودرس لمدة عامين في كلية العلوم جامعة بغداد، وتعرض مثل الالاف غيره من الشيوعيين والديمقراطيين الى عسف نظام البعث الفاشي، فاضطر لمغادرة العراق مطلع عام 1979 ووصل الولايات المتحدة صيف نفس العام ، ليستقر في ولاية مشيغان الامريكية، ليكون واحدا من نشطاء الجالية هناك ووجوهها الإعلامية من خلال نشاطات جمعية الاتحاد الديمقراطي العراقي ( تأسس في 15 أيار 1980) في السعي لدعم نضالات الشعب العراقي من اجل الدولة المدنية الديمقراطية، وتعزيز مكانة الجالية العراقية في المجتمع الأمريكي، والحفاظ على هويتها العراقية الوطنية، وعمل محررا في جريدة (صوت الاتحاد) الصادرة عن الجمعية. أما لماذا التوجه الى العمل الإعلامي الذي يمارسه تطوعا، سواء في اعلام الحزب الشيوعي العراقي او الجمعيات والمواقع الثقافية المتنوعة، يجيبنا الرفيق كمال يلدو عن ذلك بان نشاطه الإعلامي سبق مغادرته العراق حيث كانت له بدايات يعتبرها متواضعة في العمل الصحفي من خلال صحيفة (طريق الشعب) العلنية، لكن افاق العمل الإعلامي الواسعة خارج العراق، وإمكانية الوصول لقطاعات مختلفة من العراقيين، فرضت عليه اختيار النشاط الإعلامي، لأنه يوفر له فرصة عكس موقفه بوضوح من كل ما يتعرض له العراق وشعبه سواء أيام النظام حكم النظام الديكتاتوري المقبور أو ما تبعه.
ويخبرنا الرفيق كمال بأن بداية عمله الاعلامي (الاذاعة والتلفزيون) كانت في العام 2005 عبر محطة اذاعية محلية، وفي العام 2005 بدأ بتقديم برنامج تلفزيوني اسمه (اضواء على العراق) عبر محطة تلفزيونية محلية في ديترويت (الفضائية الآرامية) واستمر ذلك حتى العام 2019، حيث تواصل تقديم البرنامج، بفقرات سياسية وثقافية استضاف فيه الكثير من الشخصيات من داخل العراق وخارجه.
وفي اذار 2019 توقف بث البرنامج من خلال الفضائية الآرامية، وبدأت مرحلة جديدة منذ تشرين اول 2019 في البث من استوديو خاص أقامه في قبو بيته، عبر شبكة (فيس بوك) بمعدل حلقتين من البرنامج في الاسبوع وما زالت مستمرا في ذلك.
برنامج (اضواء على العراق) موجه للعراقيين اينما كانوا، وهو يتناول الأوضاع في العراق والحراك الوطني والموقف من حكومات المحاصصة العراقية وقوى النفوذ السياسي، كذلك تسليط الاضواء وابراز الشخصيات التي عملت في كل حقول المعرفة والثقافة العراقية امام تجاهل المؤسسات الرسمية لهم.
ومعروف ان الرفيق كمال يلدو، رغم ارتباطه بالعمل (في المبيعات) لستة أيام في الأسبوع، فانه يكرس جهدا متميزا لإعداد البرنامج بنفسه ولوحده، دون مساعدين، ويموله من ماله الخاص، دون ان يحظى بأي دعم من أي جهة ما، ويقوم بمهام البحث وتجميع وتبويب المواد الإعلامية وتقطيعها وتقديمها بنفسه. ويبذل جهدا كبيرا في عمليات البحث وتوفير المواد، خاصة عند جمع المعلومات عن الشخصيات الثقافية والعلمية العراقية، حيث يستثمر علاقاته ويجري العشرات من الاتصالات بحثا عن المعلومة الدقيقة وكل حلقة تستغرق منه في الاعداد عدة ايام، بمعدل عشر ساعات عمل اعداد لكل حلقة.
مدة البرنامج ساعة ونصف، يكون الجزء الأول منه معني بالتطورات السياسية في العراق، ويقوم لأجل ذلك بالاستعانة بمواد ارشيفية من شبكات الاخبار وما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، والجزء الثاني من البرنامج يكرس للجوانب الثقافية والتعريف بشخصيات عراقية، فنية ورياضية وعلمية. وتقودنا متابعتنا الى كون البرنامج يحظى بمتابعة جيدة وتواصل مع المشاهدين في داخل الولايات المتحدة الامريكية وخارجها إذ حصل على الاف الزيارات والتعقيبات وعلامات الاعجاب وأثار نقاشات عميقة حول موضوعات تم تناولها في البرنامج.
الاحصائيات المتوفرة عن برنامج (اضواء على العراق) وللفترة تموز 2022 ـ تموز 2023، تشير الى انه تم تقديم 95 حلقة بمعدل ساعة ونصف بث (142 ساعة بث)، كان هناك 14 حلقة تناولت الأوضاع السياسية، و81 حلقة تناولت مواد ثقافية، ومجمل حلقات البرنامج تحدثت عن 31 سيدة عراقية، و125 رجلا. اهم الموضوعات التي تناولتها حلقات البرنامج كان عن: ثورة 14 تموز، انقلاب 8 شباط وشهداء الانقلاب وضحاياه رجالا ونساءا، ازمة النظام القائم والمحاصصة والفساد والسرقات، قضية حرية الرأي والديمقراطية والملاحقات التي تقوم بها السلطة وقوى الميليشيات المنفلتة، ازمة المياه والتصحر والاهوار وتناول اوضاع المكونات العرقية غير المسلمة في العراق. وأيضا شملت فقرات البرنامج الحديث عن: تأسيس كليات الطب والهندسة، وكلية بغداد ومدرسة عادل والمدرسة الفيلية، تعريف بالنوادي الاجتماعية العراقية (نادي التعارف، الآثوري الثقافي، الارمني، الشبيبة الارمنية، بابل، اور، العلوية والمشرق)، آثاريين عراقيين وبوابة عشتار ومتحف برلين، أساتذة علم الاجتماع والفلسفة، روائيين وقاصين وشعراء، فنانين تشكيلين ورسامي الكاريكاتير، اساتذة مخرجين وممثلين والتعريف بمعهد شيكاغو للمسرح، أساتذة وفنانين اجانب خدموا في العراق، تربويين وكتاب ومؤلفين، اطباء عالجوا الفقراء.