بعيدا عن القول المنافق وقريبا من الكلام الصادق
بعيدا عن السمع المريح وقريبا من القول الصريح
بعيدا عن ردود الافعال وقريبا من الافعال
بعيدا عن الشعبوية قريبا من الموضوعية
بعيدا عن النرجسية وقريبا من المؤسساتية
بعيدا عن العبثية وقريبا من المسؤولية
بعيدا عن الضجيج والصياح وقريبا من الهدوء والانشراح
اقول:
لا بد من احد يقولها، وإني قائلها لليوم وللتاريخ.
نعم لا بد من احد يقول جهارا ما يهمس به الجميع في مجالسهم وخلواتهم ليلا ونهارا.
نعم لا بد من احد يفكر خارج الصندوق الذي يحاول احدهم حصرنا فيه.
لكي لا ياتي زمن يقال فيه الم يكن هناك صوت للعقل والحكمة، وللصدق والمسؤولية، وللصراحة والشفافية.
نعم اقولها وبكل صراحة وحرص ومحبة ومسؤولية لغبطة ابينا الجليل وبطريرك كنيستنا الكلدانية الكاردينال لويس ساكو الكلي الطوبى والجزيل الاحترام السامي المقام:
نحن رعاياك ولكننا لسنا رهائنك
انت بطريركنا ولكنك لست سجاننا
نحن نحترم توصياتك ولكننا لسنا حطب نيران حروبك
كفى نرجسية وكفى عبثية
توقف وراجع اداءك وفكر في نتائج تصريحاتك وافعالك
ففي عهدك ولاول مرة في تاريخ المسيحية في العراق تهان رموزها في شوارع بغداد.
وفي عهدك ولاول مرة ينصدم العراقيون يرؤية الاكليروس والراهبات بزيهن النقي وهم في شوارع بغداد في تظاهرة بغايات سياسية.
وفي عهدك ولاول مرة في تاريخ كنيستنا يدخل البطريرك طواعية في مستنقع السياسة وبازارها وصراعاتها.
وفي عهدك ولاول مرة يصبح البطريرك اداة في صراعات سياسية كما وضعت نفسك الان في الصراع بين اربيل وبغداد و بين الصدر وخصومه.
وفي عهدك ولاول مرة لم تعد تعير الدولة العراقية بكل مؤسساتها اية اهمية لبكاءك وصرخاتك وتوسلاتك.
وفي عهدك ولاول مرة تضع الكنيسة في مواجهة الدولة، نعم كل الدولة وليس شخص او مؤسسة واحدة، وتهدد باستقدام التدخل الدولي السياسي والقضاءي.
وفي عهدك ولاول مرة ينحدر مستوى الاداء الاعلامي واللغوي للبطريكية الكلدانية الى مستوى المقاهي فنسمع ىمنه كلمات: “زعطوط” و”عجي” و”مطعطع” و”خان جغان” و”مخربط” الخ..
وفي عهدك ولاول مرة تنتقل كنيستنا الكلدانية من موقع الاخ الاكبر والشريك مع بقية الكنائس الى كنيسة تحارب وتقاتل بقية الكنائس حتى بلغ الامر ببطريركنا ان يتفوه بكلمات لا يليق برجل دين قولها ضد بقية الكناتئس في الفضاء العام بل وعلى منبر الكنيسة ويتهمهم في شرفهم.
وفي عهدك ولاول مرة يعلن اخوانك بطاركة الكنائس العراقية بالقول الصريح او الضمني رفضهم لاداءك وطريقة تعاملك مع الامور.
لا نخدع انفسنا بالبيانات والمواقف والمقالات “الداعمة” من هنا او هناك فكلها لا تستطيع ان تعالج الاذى الذي خلقه تصرف او تصريح واحد من التصريحات والمواقف العبثية والمهينة التي تطلقها ضد الدولة ومؤسساتها ومقاماتها حين تقول:
رئيس الجمهورية فاقد للاهلية!! رئيس الجمهورية هو مثل داعش!!!
او استهزائك بمقام الرئاسة عندما تكتب وتنشر نص مرسوم جمهوري وتطلب من رئيس الجمهورية ملء الفراغات فيه: الرقم والتاريخ.
او تهديداتك: اذا لم يعاد المرسوم سانقل الموضوع الى القضاء الدولي!! راعي كنيستنا الكلدانية في بريطانيا سيقيم دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية!! راعي كنيستنا في القاهرة يشتكي عند الرئيس المصري ضد الرئيس العراقي!!
لا نخدع انفسنا ونكون ضحية جهلنا ونصدق انفسنا ان هناك في القضية ما يمكن جعلها قضية للقضاء الدولي.. فالمحاكم الوطنية لاية دولة لا تنظر في قضايا دول اخرى.. والمحاكم الدولية لها اختصاصاتها، وطلب النظر في موضوع المرسوم ليس ضمن اختصاصاتها مطلقا. فعن اي قضاء دولي تتحدثون؟ ومن هو الجاهل الذي اوحى لكم بهذه الامكانية؟ أم تراها كغيرها من الامور من وحي اجتهادك الشخصي حيث لا استشارات او مداولات مع الاساقفة والخبراء؟
صحيح ان الشعور بالمظلومية يجعل المسيحي يتعاضد مع المسيحي بغض النظر عن تفاصيل القضية، فكيف اذن اذا كان بطريركا. ولكن تاثير ذلك لا يغير من العمل المؤسساتي شيئا.
لا نخدع انفسنا بتصريحات وصراخات شعبوية من قبيل: لا نقبل بحل وسط أبدا. أنا باق في اربيل الى ما بعد نهاية فترة رئاسة الرئيس.
ولا نخدع انفسنا بجيوش المطبلين والمزمرين: بالروح بالدم.. سيروا الى الامام ونحن من وراءكم. الله اكبر وليخسأ الخاسئون.
فالعراق له تجارب مريرة من هكذا “بطولات” يجب ان نتعض منها.
صحيح ان رئيس الجمهورية سحب مرسوما جمهوريا بطريقة فيها نوع من الكيدية والتي لا يمكن فصلها عن مواقفك وحروبك السياسية المخفية تحت المعلن من حماية اوقاف الكنيسة.
ولكن كان يمكن للحكمة، لو توافرت، ان توظف الموضوع للتحرر من الذمية الموروثة من 14 قرن. بعكس ذلك فان الافتقار للحكمة والخضوع للشخصنة والنرجسية جعلت البطريركية بالتسول والتوسل لابقاء الذمية. بالاضفة الى وسائل ومستويات التصعيد الذي قمت وتقوم به دون مراعاة نتائج ذلك على الكنيسة والشعب.
انت دائما تقول بالحرص على الشعب وطمانته على وجوده، وانت دائما تدعو للتشبث بالوطن، ولكنك نشرت الرعب وتقوم بتحويل الشعب الى حطب في نار معركة سياسية تخوضها وحشرت نفسك فيها ضد رئيس الجمهورية بمبدأ: يا قاتل يا مقتول.
كان ممكنا، لوامتلكت الحكمة، استيعاب الموضوع وتحويله الى عامل قوة يرفع مكانة الكنيسة وهيبتها واحترامها وليس العكس كما صار الحال. لقد تصرفت برد فعل مدفوع بالنرجسية والشخصنة وليس بحكمة ومسؤولية.
لذلك نتسائل:
بعد ان تتوقف جعجعة السلاح ويخفق هدير المعركة ويزول غبارها (وهو بدأ بالانحسار مع تراجع الاهتمام بالموضوع من جهة، ووجود مؤشرات حلول من اطراف تمتلك الحكمة من جهة اخرى ) وبعد ان نقوم نحن الكلدان، كنيسة وشعبا، بجردة حساب لخسائر هذه الحرب سنسأل:
هل كان لا بد من هذه الخسائر؟ من وماذا هو سببها؟ هل يمكن ترميمها؟
ولاجله نقول بالعراقي الجلفي: فك ياخة.. مو بزعنا..
ونضيف:
آن الاوان لتنسحب من المشهد وتمنح الفرصة للكنيسة لترميم الدمار الذي الحقته بها سواء في علاقاتها وتنظيمها الداخلي ككنيسة كلدانية او تعاملها مع الكنائس الشقيقة او تعاملها ومكانتها مع الدولة العراقية.
المحامي وديع شابا
في مقال قادم سنشرح تفاصيل الموضوع حيث فيه ثلاثة اطراف: البطريركية، بابليون، رئاسة الجمهورية
واكثر من قضية: المرسوم الجمهوري، رئاسة ديوان الوقف، اوقاف الكنيسة
حيث يجري خلطها جميعا وتوظيفها اعلاميا وتضليل القراء عن طرق هذا الخلط
الى اللقاء
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط