أشياء من هذا القبيل : مثلما جئت ترابا سأرجع رمادا !

أشياء من هذا القبيل : مثلما جئت ترابا سأرجع رمادا !

ــ نص مفتوح ـــ

بقلم مهدي قاسم

1 ــ بحر أنا غموضا و عمقا :

أمضيتُ فصولا طويلة في الغوص غطسا شاقوليا في بحر نفسي بحثا عن ذاخر وكنوز روحي .. كلما ظننتُ أقتربُ من القاع ، كان القاع يبدو عميقا و بعيدا ، كنجمة غامضة ومضببة في أقصى الأثير، ولا أظنني سأصل القاع الخفي الغامض قريبا : ينتظرني كثيرا من جهود مضنية ومثابرة بإرادة جبارة لأعرف بقايا الخفايا المكنونة الزاخرة في بحر نفسي المضطرب إعصارا.. .

2 ـ يا ليتني لو دفنت في سرادق ريح مستنفرة ليلا ونهارا تجوب جبالا وبحارا وغابات ..

بين أمواج محيط هائجة تدور حول العالم لتستحيل غيوما و برقا ورعدا

ثم أمطارا غزيرة في أرض قفراء و صحارى قاحلة ..

إذا يستحيل ذلك لسبب ما ، فدعو الموقد الجبار المحمر شرارة

أن يطهرّني من زوائد جلدي و عظامي

لأرجع إلى سديم العدم رمادا

مثلما جئت من هناك ترابا

………………………………

تلك كانت وصيته الأخيرة

عندما سُأل أين يريد أن يُدفن ..

3 ــ الرائي و حشيشة الإدمان وهما وسرابا

كتب على رمال تداعبها برغوة أمواج بحر متلاشية تحت عباءة برتقالية لشمس الغروب القرمزية :

ــ لكل واحد منا حشيشة وهمه الجميل يشحّن نفسه بها حصولا على طاقة تحمل عبء وجوده الثقيل ..

حشيشة أوهام كثيرة وكثيرة جدا :
وهم السلطة والمال ..

وهم المجد على هذه الأرض خلودا وهميا في تضاريس التاريخ وأسفار الأجيال ..

وهم البقاء الدائم في عالم آخر أكثر ترفا ورفاهية و استغراقا في بحيرة كسل شرقي دافئة و لذيذة ، لتمضية العمر الأبدي كله بين شقراوات عذراوات..

فيا للسراب الذي سبقتُه أنا بظلي الرائي وهو يلاحقني ورائي لاهثا متعبا ..

وما في قبضتي سوى حفنة من غبار و رماد !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here