تكرار تسرب الأسئلة.. عُقدة التربية المستعصية

نبأ مشرق

أطلقت وزارة التربية، تجربة نقل الاسئلة الوزارية في دورها الثاني عبر البرامج المؤمنة إلكترونيا، اذ ان التسريب المتكرر لأسئلة الامتحانات في العراق دفع وزارة التربية إلى تأجيلها مرّات عدّة، وترافق ذلك مع انتقادات كبيرة لعدم قدرة الوزارة على ضبط ملفّ الأسئلة.

وتنعكس فوضى تسريب الأسئلة وتأجيل الامتحانات على التلاميذ وأوضاعهم النفسية، وتؤثّر على نتائجهم وقبولهم في الجامعات في كل عام، إضافة الى أنّ الأمر ينطوي على تبعات خطرة من خلال وصول تلاميذ غير كفوئين إلى الجامعة وتخصّصهم في مجالات مهمّة.

تشويش

ولم تكن قضية تسريب الأسئلة حديثة العهد، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، في امتحانات العام السابق باسئلة مسربة لمادة اللغة الإنجليزية، وقامت مجموعات خاصة بنشرها على “تليغرام”، رغم أن وزارة التربية نفت حصول ذلك مما وأثارت الواقعة غضبا شعبيا عارما.

وتنتشر تلك الأسئلة عادة عبر قنوات على منصة “تليغرام”، تزعم أنها تمتلك الأسئلة الوزارية للدراسة المتوسطة والإعدادية، وتعرض بيعها مقابل مبالغ مالية. بينما، أعلن جهاز الأمن الوطني، القبض على 20 شخصا من أصحاب تلك القنوات؛ بعد أن نشروا على صفحاتهم نماذج من أسئلة الصف السادس الإعدادي.وأوضح مختصون ان هذه المواقع تحاول التشويش على العملية التربوية والمجتمع ويجب مراقبتها من الجهات الأمنية لكون ان العملية التربوية اهم من العملية الانتخابية.

قطع الإنترنت

وزارة الاتصالات العراقية، أعلنت، امس الأول الأحد، قطع الانترنت من الساعة الـ4 فجراً وحتى الـ7 صباحاً ولمدة 12 يوماً لحين انتهاء امتحانات الدور الثاني للصف السادس الإعدادي.بينما وجه مجلس الوزراء بقطع خدمة الإنترنت من الساعة (4 – 7) صباحاً من تاريخ 17 أيلول ولغاية 28 من الشهر نفسه بناءً على طلب وزارة التربية.

وحسب قول وزارة الاتصالات بانها “الوزارة لا تؤيد قطع خدمة الإنترنت”، وتدعو وزارة التربية إلى “إيجاد حلول بديلة لمشكلة أسئلة الامتحانات”.

بينما تعتمد وزارة التربية الاتحادية منذ سنوات على قطع الانترنت في أيام الامتحانات الوزارية للصف الثالث المتوسط والسادس الإعدادي كوسيلة لتجنب تسريب الأسئلة والغش، بعد تكرار حالات تسريب أسئلة الامتحانات قبل موعد إجراء الامتحان بساعات خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أثار استياء الطلبة وأولياء أمورهم.وعد مراقبون إجراء قطع الإنترنت دليلًا على الفشل الحكومي في حماية العملية التربوية وإجراء امتحانات في أجواء سليمة، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية التي يلحقها بالمجتمع العراقي والمؤسسات الأخرى.

حلول

ويرى مراقبون أن قرار الحكومة بقطع الإنترنت يؤثر سلبا على المؤسسات العامة والخاصة، كما يؤثر على الاقتصاد العراقي، حيث يكلف قطع الإنترنت خسارة ملايين الدولارات يوميا للشركات والبنوك وقطاع الأعمال، فضلًا عن تأثيراته السلبية على التعاملات اليومية للمواطنين.

التربوي مصطفى محمد، أوضح لـ(المدى)، ان “قطع الانترنت من قبل الوزارة يعتبر مثال لعجزها عن إيجاد حلول تتوافق مع التطور التقني الحديث ووجود خدمة الإنترنت، لذلك هي تلجأ للحلول ما قبل وجود الانترنت، وهذا غير عادل، ويسبب الكثير من الخسائر والفشل في إدارة شؤون الدولة”.

ويضيف محمد ان “من الجدير بالذكر أن مواقع مؤسسات الدولة تعتبر غير رصينة فقد حدثت بين الحين والآخر عمليات اختراق لمواقع مؤسسات وهيئات مهمة في الدولة العراقية، لذلك اكرر اعتماد الوزارة على اشخاص ومؤسسات رصينة، توفر خدمة مواقع وإنترنت بميزات أمنية عالية جدا يجب اعتمادها والتعاقد معها لإيجاد الحلول لاختراق المواقع والبرامج الخاصة التي تحتوي على معلومات يجب أن تبقى سرية، مثل الأسئلة والوزارية وغيرها التي تمثل أمن الدولة”.

متى الخلاص

وتحاول وزارة التربية في كل عام منع تسرب الاسئلة او التعرض لها وحفاظًا على سريتها المطلقة، حيث أقدمت وزارة التربية يوم الاحد، على نقل الاسئلة إلكترونيا تزامنا مع انطلاق امتحانات الدور الثاني للدراسة الاعدادية للعام الدراسي 2022-2023 في عدد من المراكز الامتحانية التابعة لمديريات التربية في بغداد.حيث اكدت الوزارة في بيان تلقته (المدى) “نجاح التجربة التي تعد الاولى من نوعها في مجال تحديث العملية الامتحانية ومواكبتها للتطور التكنولوجي العالمي”، مؤكدة انه الوزارة “ستعتمد هذه الطريقة الحديثة وبشكل اوسع في الأعوام الدراسية المقبلة”.

نقل بدقيقة واحدة

المُتحدث الرسمي لوزارة التربية العراقية كريم السيد يبين في تصريح لـ(المدى)، ان “تطوير عمليات نقل الاسئلة وتوزيعها للمدارس جعل من وزارة التربية تجري واحدة من الاختبارات المهمة على مستوى تغيير عملية نقل الاسئلة التي تمر عبر الجانب الالكتروني، وهي مجموعة من المديريات العامة، حيث اجرت في بغداد تجربة نقل الاسئلة بشكل الكتروني استغرقت دقيقة واحدة فقط ثم نقلت الاسئلة الى المراكز التي وضعت تحت التجربة وكانت العملية جيدة”. ويضيف السيد ان “الوزارة هذا العام كان لديها مجموعة من الاجراءات التي تتعلق بالحماية والرقابة المتبادلة، ورفع مستوى عملية تأمين نقل الاسئلة على مستوى الوقت والحركة والمسؤوليات، وذلك لغرض عدم تكرار حوادث التسريب”.

يكمل المتحدث الرسمي لوزارة التربية كريم السيد حديثه لـ(المدى)، ان “الاجراءات التي اتخذت في السنوات السابقة بالقوانين للافعال التي تندرج ضمن عملية تسريب الاسئلة الذي يعد ملفا وطنيا يهم جميع الوزارات، ومهم لكل من لديه مسؤولية لدعم وحماية العملية الامتحانية”.

يذكر ان الأسئلة المسربة تنتشر عادة عبر قنوات على منصة “تليغرام”، حيث تزعم هذه القنوات أنها تمتلك الأسئلة الوزارية للدراسة المتوسطة والإعدادية، وتعرض بيعها مقابل مبالغ مالية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here