يُفترض طبيعة سعر العملة المحلية مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية للبلد : نموا أو انكماشا *
بقلم مهدي قاسم
يُفترض أنه في بلد عادي و طبيعي يقوم على مؤسسات إدارية مهنية راسخة بقوة القانون ومواد الدستور ، أسوة بباقي بلدان العالم الطبيعية ، و لا يعاني من هيمنة شبكات عصابات الإجرام واللصوصية المنظمة ولا من سطوة المليشيات الموالية لدول أجنبية ــ كالعراق مثلا ــ حيث تجري عملية تحويل العملة المحلية إلى عملة صعبة ــ كالدولار مثلا ــ ومن ثم تهريبها إلى خارج العراق بالمليارات شهريا ، ضمن أنشطة إجرامية اقتصادية تدخل في إطار جريمة غسيل المال ، بهدف شرعنته فيما بعد في الخارج ، نقول يُفترض أن ترتبط أسعار العملة المحلية و تتأثر بطبيعة النمو الاقتصادي للبلد قوة ، طبعا ، بالانكماش والتضخم ضعفا أيضا ..
و هذا يعني أن اسعار العملة المحلية سترتفع أو تنخفض ـ اتوماتيكيا ــ وفقا لهذه الحسابات والمؤشرات والنتائج الاقتصادية أو المالية صعودا ونزولا، أي نموا أو انخفاضا ، بالطبع ، بدون أي تدخل سياسي مباشر ، إلا في ظروف استثنائية ، حينما تحدث حالة من مضاربات وتلاعبات مقصودة بهدف إلحاق الأضرار بالاقتصاد الوطني .
هذا دون أن نذكر أن البنك المركزي في أي بلد من البلدان ذات أنظمة ديمقراطية حقة ، يُعد مستقلا تماما وله سياسة نقدية مستقلة أيضا ، و إن المدير العام للبنك المركزي لا يستقيل إنما يترك منصبه بعد انتهاء مدة تكليفه الرسمي ..
أما في العراق فالوضع يختلف تماما ، بسبب انعدام ثقة الشارع العراقي بالأحزاب الحاكمة وكذلك بحاكم البنك المركزي الذي تُعينه هذه الأحزاب الفاسدة ، وفقا لمصالحها وأهدافها المتجسدة بتهريب العملة إلى الخارج ، فضلا عن عملية تخريب الاقتصاد الوطني المتعمدة خدمة لمصالح دول الجوار ..
فمن هنا تأتي المطالبات الدائمة والمتكررة من قبل الشارع العراقي بالتدخل المباشر لوقف ارتفاع سعر الدولار على حساب انخفاض سعر العملة المحلية ، إضافة إلى المطالبة بإقالة حاكم البنك المركزي ، دون أخذ بنظر الاعتبار الوضع الاقتصادي للبلاد ، و فيما إذا كان يعاني من انكماش وتضخم ، أم يعيش مرحلة مزدهرة من نمو اقتصادي متصاعد ..
يبقى إن نقول أنه لا تجد بين دول العالم فئة تطالب بالتدخل السياسي المباشر في شؤون البنك المركزي أو إقالة مديره العام في بلد معين ، لأن غالبية الناس يدركون إن ألية الدولة الطبيعية تعمل وفقا لسياقات وأنظمة وفعاليات اقتصادية تعتمد أنشطة الأسواق المحلية والمالية أساسا ، و كذلك طبيعة الأنشطة التجارة الداخلية والخارجية ، ذات روابط متداخلة وشيجة و بين جميع هذه السياقات والآليات الاقتصادية السوقية ــ الماليةــ المتبعة بشكل عام في معظم بلدان العالم ..
طبعا دون أي تدخل قسري مباشر في شؤون البنك المركزي ..
*هامش ذات صلة (
( تحرك نيابي لإقالة محافظ البنك المركزي العراقي بسبب الدولار
أكد نائبان مستقلان، المضي بخطوات إقالة محافظ البنك المركزي العراقي بسبب عدم سيطرته على سعر صرف الدولار الأمريكي في الأسواق المحلية ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط