بقلم: أ. د. سامي الموسوي
وقع العديد من البلدان تحت وطأة الاحتلال وفي جميع الحالات ومهما كانت المقومات في تلك البلدان فانها بقيت ضعيفة ومنكسرة يعبث بها المحتلون كيفما شاؤوا ويسرقون خيراتها ويستعبدون أهلها حتى يتحرر منهم البلد. ولهذه الأسباب فأن الشعوب اذا ما وقعت بلدانها تحت نير الاحتلال تثور وتقدم الضحايا والدماء وتخوض نظالا سريا وعلنيا حتى تتحرر. عند ذاك أي بعد التحرير تستطيع ان تبني نفسها وتتطور وتمتلك سيادتها وكرامة وطنها ومواطنيها. والمواطن الشريف لايمكن له ان يشعر بالفخر والعزة وبلده واقع تحت الاحتلال ومن ناحية أخرى لايمكن للمواطن الشريف ان يتعاون او يكون أداة بيد المحتلين.
العراق يقع تحت نير احتلالين احدهما عسكري صهيوني بغيض ابتدأ في عام ١٩٩١ ولم ينتهي لحد اليوم والأخر احتلال اخطبوطي ذو اذرع متعددة يمتد عبر مساحات كبيرة وله سمية مميته وقاتله ينفث سمه في كافة الاتجاهات. لايمكن للعراق ان يمتلك كرامته الا اذا تخلص من هاذين الاحتلالين وادواتهما. ومن اهم الأمثلة على البلدان التي تدهورت ايما تدهور بينما تحت الاحتلال وبدأت تنمو وتتطور ما ان خلصت منه هي أفغانستان. ففي ذلك البلد وقع أولا الاحتلال الروسي البغيض الذي هيأ الأرض لاحتلال امريكي صهيوني ابغض منه. وقد وقف الشعب الافغاني البطل متصديا لكلا الاحتلالين حتى تخلص منهما بانتصار ابهر الجميع وجعل الامريكان ينهزمون شر واذل هزيمة في التأريخ. ولقد شاهد الجميع كيف ان القطعان الامريكية ولت هاربة وتركت أسلحتها وطائراتها السمتيه ودباباتها والياتها في الأرض الأفغانية وبيد المجاهدين. ليس ذلك فحسب بل توسلوا بالمجاهدين لكي يعطوهم فرصة للهروب وكان لهم ذلك شريطة ترك سلاحهم واخلاء الأرض الأفغانية منهم بسرعة ففروا منهزمين. واليوم وقد مرت سنتين على ذلك الهروب المذل وعلى سيطرة المجاهدين على السلطة وتحررت أفغانستان. ترك الامريكان أفغانستان مدمرة تماما ينتشر فيها المدمنون والمخدرات والافيون وانعدام الامن والاقتصاد المنهار والفساد الإداري والمالي والمحسوبية والسلطة الفاشلة الفاسدة وتدهور كافة القطاعات الصحية والزراعية والحكومية والصناعية وحدث ولا حرج. وبعد سنتين من رحيل المحتل الأمريكي الباغي أصبحت أفغانستان بلد اخر كل شيء فيه نحو التقدم والاستقرار وهي تنشد الرفاه لمواطنيها والسلطات تعاملهم بكرامة لطالما افتقدوها تحت نير الاحتلال. واليوم تم القضاء على جميع مدمني المخدرات وتم انتشالهم للعلاج بشكل حضاري وتأهيلهم ليمتلكوا مهارات ثم اعادتهم ضمن المجتمع كمواطنين صالحين. وتم القضاء بشكل كلي على زراعة الافيون وتشجيع المزارعين على تنمية الزراعة والاقتصاد. وتم حفر أطول نهر صناعي في أسيا سوف يجعل من أفغانستان بلد يصدر الرز وباقي المحاصيل. ولأول مرة في تاريخ أفغانستان يتم استخراج النفط من على الأقل تسعة ابار نفط في الشمال واستكشاف الباقي سيأتي. كما وتم انشاء سكك حديد تربط أفغانستان من الشمال الى الجنوب وبالبلدان المجاورة لتحسين خطوط التجارة. وقد تمت محاربة الفساد والمحسوبية بشكل كبير جدا وانشأت منصات الكترونية لاستخراج جوازات السفر والهوية الوطنية بشكل يمكن للمواطن الحصول على جاوز سفره وهو جالس في بيته. وقد تم تصليح معظم الطرق ورصفها وايصال الكهرباء الى الأرياف والمدن وانارت الشوارع وانشاء محطات انتظار حضارية للباصات وإدخال التكسي الحديث والمحدد السعر للبلد. وتم القضاء على الشعوذة والسحر وتم اغلاق كافة المطاعم والمحلات التي لا تلتزم بالمعايير الصحية والصيدليات التي لاتلتزم بالمعايير الدوائية العالمية وتم اعادة جميع المنتجات التي لاتتوفر فيها معايير الجودة من الحدود. وقد تم انشاء أسواق عصرية ومولات حديثة ومرافق سياحية ومراكز تدريب للشباب وتشجيع المرأة للعمل في الأسواق الخاصة بالنساء وغيرها. وقد قفز مؤشر الشفافية الى اكثر من ٢٠ درجة اعلى من ناحية القضاء على الفساد وجاء ذلك باعترافات الأمم المتحدة نفسها. وهناك مشاريع عملاقة تم الاتفاق مع الصين والهند بشأنها وكل ذلك ولاتزال أفغانستان تحت وطأة الحصار الأمريكي وذيوله الا انها تحرز تقدما كبيرا سيجعل اقتصادها من اقوى الاقتصادات في غضون سنوات عندها سوف تتوسل بها أمريكا لكي تعيد أفغانستان لها الاعتبار.
هذا خير مثال لبلد يخرج من الاحتلال لكي يتم إعادة بنائه من قبل اهله ويحق لنا ان نقارن ما حصلت عليه أفغانستان خلال سنتين فقط مقارنة بالعراق الذي اصبح نهبا لخيراته وفاقدا لكرامته ومتفشيا فيه الفساد خلال عشرين سنة من التدهور والانحطاط وتدمير البنى التحتية والمحسوبية والفساد الإداري والمالي والسرقات وكيف لا وهو يقع تحت احتلالين كلاهما مر ويجمعهما هدف واحد هو تدمير ذلك البلد. فهل سيصحو اهله ويقارنوا انفسهم بافغانستان؟
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط