أ.د عبودي جواد حسن
بروفيسور في الترجمة الاعلامية/العراق
في العراق حدث في أواخر شهر أيلول \ سبتمبر الحالي حريق هائل بقاعة اعراس في الموصل شمال البلاد راح ضحيته المئات من المواطنين ويقال ان السبب هو استخدام المحتفلين (Revelers) للألعاب النارية في مكان مغلق وكانت سقوف البناء مبنية من مواد لاتمنع الحرائق ولم يراعى فيها متطلبات ومواصفات البناء ولم يلبى قيها متطلبات الاحتفال مما أدى الى حصول الكارثة وتحول الافراح الى احزان
وفي الاونة الاخيرة اكتشف في بريطانيا ان الكثير من بنايات المدارس في البلاد قد شيدت باستخدام خرسانة تؤدي الى انهيارالبناء دون سابق انذار مما حدى بالحكومة الحالية حكومة المحافظين باغلاق وإيقاف الدراسة باكثر من 100 بناية مدرسة مشيدة بهذا النوع من الخرسانة ومحاولة تفادي الخطرقبل وقوع ما لايحمد عقباه وتم اعادة ترتيب الاولويات.
و من الحقائق المرة انه في بعض الدول الفاشلة او المارقة ( failed or Pariah States ) قد يجد المرء حكومة على رأسها رجل غير مناسب ومتقلب المزاج او يجد المرء حكومات مختلفة سياسيا وتنسحب اختلافاتها هذه الى كيفية وسبل معالجة الكوارث الحاصلة بالبلاد والتي يروح ضحيتها الابرياءمن السكان. فترى هذه الحكومات تتخلف وتختلف في قبول عروض الدول الاخرى في المساعدات الماسة لانقاذ البلاد من هذه الفواجع. كما ان الحكومات هذه لا تدرس او تتعمق في دراسة الاسباب والنتائج واتخاذ ما يلزم من الاجراءات
ولا يخفى على احد ان هناك كوارث غيرطبيعية اي من صنع الانسان كالاهمال والتقصير المتعمد او غير المتعمد في تخطيط الابنية ومنها ايضا نشوب الحروب وعمليات الارهاب وانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون (Carbon Emissions ) وتحطم الطائرات وحوداث القطارات والسيارات والبواخر والسفن . وهي كوارث تقع نتيجة اهمال و تقصير الانسان او نتيجة قصر نظره في تحديد المخاطر ومداها.
وعادة يصاحب وقوع الكوارث بالذات وخاصة الطبيعية منها كالفيضاتات والزلازل وحرائق الغابات والارتفاع المفرط في درجات الحرارة وذوبان الجليد يصاحبها دعوات دولية ورسمية وشعبية لتقديم المساعدات الى الاهالي في المناطق المنكوبة (Disaster Badly-hit areas )لمساعدتهم في في انقاذ الاحياء واسكانهم واطعامهم واسرهم موقتا ومعالجة الجرحى والبحث عن الضحايا ودفنهم وغيرها من المساعدة المادية والمعنوية كالتعهد ببناء ما خرب من عقاراتهم والايفاء بهذه التعهدات. كل هذا شيء طبيعي وانساني ولكن ما هو غير طبيعي وغير انساني هو التقصير في اتخاذ الاستعدادات الاحتيطاية الفعلية قبل حصول مآسي ما بعد الكوارث الطبيعة التي نادرما تخطر ببال المسؤولين عن التخطيط والاسكان في الوزرات وخاصة في دول العالم الثالث.
نعتقد ان هناك امرين يجب اخذهما في الاعتبار لتجنيب شعوب المعمورة من المآسي التي تسببها الكوارث الطبيعية : التخطيط العلمي الشامل (Comprehensive Planning )وتوفير مستلزمات التصدي لعواقب الكوارث . كما يتطلب الامر عدم التغافل في تنظيم ادارة العمل ووجود ادارة مركزية لادارة ازمات كهذه (Crisis Managements) واتخاذ الاجراءات اللازمة .
ويتضن التخطيط العلمي الشامل” من ضمن ما يتضمن : الاشراف ومراقبة ومحاسبة كل من يقوم ببناء جديد مع تحديد ووضع مستلزمات البناء كانواع المواد الداخلة في البناء ومستلزمات توفير و استخدام الماء والكهرباء والغاز وغيرها . ويتم ذلك من خلال جهات الحكومة المحلية كالبلديات مثلا .وكل ذلك يتطلب توفير اعلام جيد ينبه ويحذر الناس من مخاطر كل انواع الكورث الطبيعية وغير الطبيعية ( Natural or man-made disasters) ويطلب ويوجه الناس الى الاهتمام بامور كهذه والتفكير بها بجدية.
فيما يقع ضمن الفقرة الثانية اعلاه” توفير مستلزمات التصدي للكوارث”: وجود معدات الانذار المبكر في المناطق السكنية بشكل خاص (Early Warning Systems ) والتدريب والتدرب على عمليات الاخلاء بشكل دوري ومنتظم ( Evacuation Drills) والانتباه الى سلوك بعض الحيوانات الاليفة و المدجنة كالكلاب والقطط وغير المدجنة كالافيال لما حباه الله من امكانات احساس وتحسس مبكرة وتوفير الارشادات اللازمة للسكان في الوحدات السكنية وغيرها كالمدارس والجامعات وغيرها. والتدريب والتدرب على عمليات الانقاذ وايواء الجرحى والمتضررين وعلى انشاء المستوصفات والمستشفيات الموقتة ( Make-shift health care units) وتوفير مصادر العيش كالماء والغذاء والدواء للناجين من السكان وامكانيات ايواءهم ومحاولة تطمنيهم وابعاد القلق والمخاوف عنهم وغيرها من الامور النفسية الممكنة كالاعلام الكاذب والمضللDisinformation and misinformation لاغراض سياسية بحتة
ومما يجدر ذكره بهذا الخصوص اته قبيل حدوث التسونامي بوقت قصير في آسيا قبل سنين ذكرت التقارير ان الكثير من الحيوانات القريبة من البحار والمحيطات اظهرت حالة من القلق والتوتر اللافت للانظار يدل على تحسسها بحدوث شيء ما غير عادي يهدد الحياة. واضافت هذه التقارير ان الفيلة على سبيل المثال التى كانت موجودة هناك في ذلك الوقت اتجهت بسرعة الى امكان مرتفعة قريبة منذرة بوقوع شيء ما.
ما اردنا قوله ان عالمنا هذه عالم غير مستقر في العديد من النواحي تقريبا ومنها الجيولوجية والجغرافية والبيئية بالاضاقة الى تقصير الانسان و حكومات دول العالم وخاصة دول العالم الثالث وعدم الاهتمام الفعال بالمناخ ومتطلباته ومتعلقاته حيث لهذه الحكومات وخاصة الكبرى منها من ذوات الاقتصادات العملاقة كامريكا والصين لها مواقف متناقضة من المناخ ومشاكله وتراها غير جادة وغيرملتزمة وذلك لعدم اتخاذها ما يلزم من اجراءات ما قبل وما بعد حصول الكوارث سواء اكانت طبيعية او غير طبيعية ولعدم ثبات سياساتها تجاه الكوارث والاهتمام اكثر بالمردود الاقتصادي ولهذا كثرت الكوارث وتعددت الفواجع واختلفت الاراء لمنعها ومواجتها ووقع ضحيتها ابناء العالم الثالث بالذات وخاصة الاقليات الفقيرة . كما ان بعض الحكومات قلما تراجع اولويايتها بهذا الخصوص وقلما تعيد ترتيب أولوياتها او تخطىء في تقديراتها او تنشغل في أمور مصلحية.