عودة اخرى الى الفساد المشرعن

كتبت مالا يقل عن خمسة مقالات في عامي 2022 و2023. وسلطت كافة المقالات الأضواء على ما أسميته الفساد المشرعن. وأختصارا الفساد المشرعن هو كل مايتعلق بالأمتيازات والرواتب الخياليه التي منحتها الطبقه الحاكمه لنفسها بعد عام 2003 ولحد الأن. وكتبت وبحرت وقارنت بين أعلى الرواتب وأدناها حتى يأست من تحريك المياه الراكده وتركتها لضمير موزعي الأرزاق. وعاد لي بصيص أمل منذ يومين او ثلاثه حين قرأت أن اللجنه القانونيه في مجلس النواب “قررت استضافة مدير التقاعد العامه لمعرفة الجوانب التى تخص الفقرات التي تم الاعتراض عليها بما يخص قانون التقاعد .وأشار المتحدث أن اغلب القوانين ذات الجنبة المالية متوقفة في الوقت الحالي، ولكن قانون التقاعد بات حالة ملحة وتحتاج معالجة كبيرة بما يخص رواتب الرئاسات والجهات الاخرى ذات الهيئات المستقلة والرواتب المرتفعة.” وأعتبرت الأشاره الأخيره صحوه وعوده ولو متأخره الى الأصلاح والقضاء ولو جزئيا على الفساد المشرعن الذي نخر ولا يزال ينخر أموال طائله من خزينة الدوله العراقيه تحت غطاء قوانين شرعنتها الطبقه الحاكمه لنفسها رغم ما تراه من بون شاسع بين ما أقرته لنفسها وما أقرته للبسطاء من ابناء شعبنا المعطاء. فهل يعقل ان يكون الراتب التقاعدي الشهري لشخوص الرئاسات الثلاثه لايقل عن 40 مليون دينار عراقي , والراتب التقاعدي الشهري لأعضاء مجلس النواب والسفراء والوزراء واصحاب الدرجات الخاصه يتراوح بين سبعه الى عشره مليون دينار عراقي؟؟ وفي المقابل يتقاضى الموظف البسيط الذي أفنى سنين عمره لخدمة بلده راتب تقاعدي يتراوح بين 600 الى 700 الف دينار عراقي؟؟ وهذ المبلغ الزهيد لا يساوي ثمن ربطة عنق او حذاء ايطالي صنع خصيصا لخدمة نواب الشعب, اما أسعار البدلات الكامله فحدث ولا حرج. قد تصل اسعار بعض البدلات التي يرتديها علية القوم (وبتبجح) من اربعة الاف الى خمسة الاف دولار امريكي وكأننا في مملكة بروناي وليس العراق. ويجلس احدهم دون وجل يتحدث ضد الفساد وبأسم الفقراء والمعدمين وهو يرتدي افخر ما أجادت به دور الأزياء العالميه ومعامل العطور. لا ياسادتي ماتعملوه هو الفساد بعينه. ومن أجل أحقاق الحق وأدامة الصله وتعزيز الثقه بين الحاكم والمحكوم لا بد للمشرع اخذ بنظر الأعتبار ما دعوت له سابقا وأعيد تكراره عسى ولعل يجد اذانا صاغيه هذه المره عند الأخيار وهم كثر. وأعيد وأذكر ان الشعب بأجمعه (عدى المنتفعين والأنتهازيين) ينتظر من الحكومه ومجلس النواب أتخاذ خطوات ملموسه من أجل القضاء على الفساد المشرعن وتحقيق العداله الأجتماعيه, ومن ثم كسب ثقة الناس. وسوف تبقى اجراأت اللجنه القانونيه ولجنة التقاعد منقوصه وموضع ذم وتجريح مالم تتضمن الخطوات الجريئه والمنصفه التاليه:
1. ايقاف صرف الرواتب التقاعديه لذوي الدرجات الخاصه ومتقاعدي الرئاسات الثلاث وأعضاء مجلس الحكم وأعضاء الجمعيه الوطنيه لكونهم تسلمو رواتب عاليه جدا ليس لها مثيل أقليميا أوعالميا وأصبح لديهم ما يضمن العيش الرغيد والرفاهيه لهم وأولادهم وأحفادهم.

2. تخفيض الأمتيازات والمنافع الأجتماعيه والرواتب الخرافيه للرئاسات الثلاثه والنواب والوزراء والسفراء العاملين حاليا إلى النصف.ولكي تتيقنو من صدق المقصد قارنو بين ما يستلمه السياسي العراقي وما يستلمه أقرانه في الدول العظمى حصرا وليس في دول العالم الثالث

3. أن الخدمه في البرلمان والحكومه هي خدمه وطنيه تطوعيه فلا يجوز صرف راتب تقاعدي للنائب أوالوزير بل صرف مكافئة نهاية خدمه معقوله تتناسب مع عمله قبل النيابه او الأستيزار. ومعالجة هذا الأمر يقضي على الفكره الشائعه بان الوزير او النائب سعى وترشح من أجل مصلحته الخاصه لا من أجل مصلحة ناخبيه وشعبه.

4. تحديد الحد الأعلى للرواتب التقاعديه للرئاسات الثلاثه والنواب والوزراء والسفراء وذوي الدرجات الخاصه بثلاثة ملايين دينار عراقي لاغير بغض النظر عن المسميات والألقاب.

5. رفع الحد الأدنى للراتب التقاعدي الشهري لموظفي الدوله الى مليون دينار عراقي وهو مايساوي تقريبا سبعمائة دولار لا أكثر. وهذا أبسط ماتقدمه الدوله لحفظ كرامة من افنى عمره في خدمة وطنه.

وأذكر أخيرا بأن المطالب أعلاه تمثل اختبار حقيقي وتضع كل مدعي الأصلاح ومحاربة الفساد على المحك. وأكرر أن الحكومة وأعضاء البرلمان بحاجه ماسه لتبني مثل هكذا قرارت شجاعه لتعيد الثقه المفقوده وتردم الهوة ولو قليلا بين الحاكم والمحكوم وخلافه سوف تزيد نقمة الجماهير الغاضبه ويستمر الفساد وتحل الكارثه لاسمح الله. والله من وراء القصد.
أ.د. عادل جميل
30/ 9/ 2023
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here