تقرير اللجنة التحقيقية تؤكد سبب الفاجعة : ألعاب نارية
بقلم مهدي قاسم
على أثر نشر مقالتي الموسومة ب( العقل الواعي هو الحامي و الفاصل بين الإنسان و الحيوان ) والمنشورة حاليا على صحيفة صوت العراق والتي حاولت الإشارة إلى أن الإهمال و اللامبالاة و عدم الشعور بالمسؤولية هو الذي سبب حدوث كوارث حرائقية أدت إلى مقتل العشرات ، وقد تلقيت رسائل استنكار واحتجاج و اتهامي بالزندقة والإلحاد بسبب العبارة الواردة في المقالة والتي تقول : ” وفي هذه الحالة إن المسألة ليست قضاء وقدرا أو مكتوبا على الجبين بل ولا ينبغي تحمل الله مسؤولية حدوث ذلك ــ المقالة ضمن الهامش أدناه ” **
وها هي نتائج اللجنة التحقيقية تؤكد ماذهبنا إليه من افتراضات واحتمالات قوية للأسباب المؤدية إلى فاجعة حريق الحمدانية إلا وهي إطلاق ألعاب نارية في قاعة مغلقة ــ مشاهد فيديو تؤكد هذا أيضا )، وهو تصرف يتسم بالطيش والتهور وانعدام أبسط شعور بالمسؤولية نتيجة المبالغة في الانغماس في فورة الحماسة العاطفية تعبيرا عن فرح و ترح ، إلى حد ضيقت حدود التفكير العقلاني بخطورة الأمر من خلال الإقدام على إشعال ألعاب نارية ذات شرارات قوية وعالية الانطلاق في قاعة مغلقة وسقف منخفض وعلاوة على ذلك مبطن بمواد سريعة اشتعال ..
لهذا فمن الواضح تماما أن طيش وتهور بشر بسبب فقدانهم التفكير العقلاني السليم هم السبب في حدوث كوارث مفجعة وليس الله ، فضلا عن عدم الالتزام بشروط ومستلزمات السلامة على صعيد البناء والتعمير ..
مع العلم أنا أعتبر نفسي علمانيا وليس ملحدا ..
كما ينبغي القول أنه من الخزي والعار استخدام أو توظيف فاجعة الحمدانية لأغراض سياسية أو انتخابية مثلما يحاول البعض التكسب السياسي على حساب فجيعة الآخرين ..
و أخيرا : الرحمة والسلام لأرواح قتلى الحريق والعزاء للأهالي المفجوعين ..
*هامش ذات صلة :
(اللجنة التحقيقية بفاجعة الحمدانية تعلن بالتفصيل أسباب حادثة قاعة الأعراس
أعلنت اللجنة التحقيقية بفاجعة قضاء الحمدانية، يوم الاحد، نتائج التحقيق بحادثة حريق قاعة الأعراس التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص، مؤكدة أن الألعاب النارية كانت السبب الرئيسي لنشوب الحريق.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، مع رئيس اللجنة التحقيقية بحادثة حريق الحمدانية اللواء سعد فالح كسار الدليمي، ومستشار الوزير للشؤون الفنية والمكلف بالإشراف والمتابعة لعمل اللجنة الفريق كاظم بوهان العكيلي.ـ نقلا عن صحيفة صوت العراق )
**( العقل الواعي هو الحامي و الفاصل بين الإنسان و الحيوان
بقلم مهدي قاسم
من المعلوم أن الإنسان يختلف بشيء واحد فقط عن الحيوان إلا وهو تمتعه بنعمة العقل ..
وربما لهذا السبب انقرضت أعداد كبيرة من الحيوانات والطيور والحشرات ــ بما فيها الديناصورات العملاقة ــ بينما بقي الإنسان ــ بفضل استخدام عقله ــ يسبق في أحيان كثيرة ، أو يتجنب المخاطر المهددة لحياته ، ليدب على الأرض سعيدا أو تعيسا حتى الآن ..
فالإضافة إلى وجود الحاسة السادسة ذات إشعارات مهمة عند الإنسان ــ و يُقال عند بعض الحيوانات أيضا ــ و المنبئة باحتمالات حدوث مخاطر وكوارث ومصائب ، فأن للعقل دورا كبيرا في تجنب المخاطر سيما منها المميتة :
فمثلا بفضل هذا العقل نعلم أنه في حالة عبورنا الشارع تحت الإشارة الحمراء المحذرِة من المخاطر أثناء حركة المرور للسيارات والقطارات فأننا سنتعرض حتما لحادثة الدهس أو الموت النهائي ، وفي هذه الحالة المسألة ليست قضاء وقدر أو مكتوبا على الجبين بل ولا ينبغي تحمل الله مسؤولية حدوث ذلك ، إنما عدم خضوعنا لمنطق العقل والتفكير السليم في اللحظة ذاتها أثناء أقدامنا على قيام بإجراء ما ، وبالتالي فإن الإنسان هو المسؤول عن ما يؤول إليه مصيره من فاجعة ومأساة حينما يسرف متحمسا في أفراحه وأتراحه كأن يفجر ألعابا نارية في أمكنة مغلقة ــ فوق ذلك ــ شديدة اشتعال ، أو كأن يطلق رصاصا غزيرا و بشكل عشوائي وطائش قد يقتل شخصا مجهولا من قبله .,
و إضافة إلى كل هذا ، فأن الإنسان ــ وبفضل ملكة عقله هذه ــ يُفترض أن يتعلم من حدوث كوارث وفواجع ــ بفعل سوء تدبير و تقدير الإنسان نفسه ــ أي من أخطاء مِمَن سابقوه موجوعين ، متألمين ، وبالتالي ، فلا ينبغي إن يكرر تلك الأخطاء الكارثية بدافع حماس أو ابتهاج طاغ قد ينعش القلب لفترة قصيرة ، ولكنه يشل العقل غير المتبصر أيضا ، ربما بكارثة رهيبة ..