عندما خلق الله جلَّ وعلا الأنسان ، خلقه في أحسن تقويم ( ولقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم )، وذلك بتكريمه بالعقل والأدراك ، فحثَّ الله الأنسان على استخدام العقل في قوله تعالى ( أفلا يعقلون) و ( إنَّ في ذلك لآياتِ لقوم يتفكرون) ، ومما تميز به الأنسان عن الحيوان هو النطق ، ومن المعروف ان النطق هو الكلام الذي يراد به التعبير عن شئ ما، للتفاههم . ومن هذا المفهوم اطلق أرسطو على الأنسان ( حيوان ناطق ) .
نعم النطق هو ميزة مهمة ، ولكن ليس النطق هو الدليل القاطع الذي يُستدل به على الأنسان ، أو ما يمّيز الانسان عن الحيوان ، بل يذهب الاديب المصري المعروف توفيق الحكيم الى ابعد من ذلك وهو العقل الذي هو أسمى الميزات ، ولكنه أيضا لا يعتبره الميزة الأسمى للأنسان بـ ( قوله .. ليس العقل ما يميّز الأنسان عن الحيوان ، ولكن الضمير ) ، وكذلك يقول فريدريك نيتشه ( لقد اعترضتني من المخاطر بين الناس ما لم أجد مثلها بين الحيوانات ) . فلربما هذا الذي ينطق ، و نطلق عليه بالأنسان هو أخطر من الوحوش المفترسه .
إذن الميزة الأهم التي يسمو بها الأنسان عن كل الموجودات التي لا يمكن ان تميّز بها بين الأنسان والحيوان ، لا بل شخص و آخر في الحالة الطبيعية ،لأن هذه الميزة الأسمى لا يمكن رؤيتها بالعين ، إلاّ في المواقف التي تصطدم بالحس الأنساني السليم ، هذا الحس الذي يُعتبر العمود الفقري لهيكلة الكيان البشري ، والطاقة الفعالة في ديمومة الحياة الانسانية الخلاقة .
فالذي اراده توفيق الحكيم وكذلك فريديرك نيتشه من قوليهما هو ( الضمير )
ومَنْ ليس في كيانه ضمير ، لا يمكن أن يُطلق عليه صفة إنسان .
ومن كل هذا الذي تناولته ، ولو بشئ من الأيجاز، أردت منه تبيان ما نراه من صمت مطبق أمام أبشع جرائم تُرتكب بحق شعب أعزل من قِبَل الصهاينة الأوغاد ، ومن ورائهم قوى الشر العالمي وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا.
فالسؤال هنا : ما معنى سكوت حكام الأمة العربية والأسلامية، وهم لا يحرّكون ساكنا ؟!
في الوقت الذي يرون فيه الجرائم والقتل الجماعي اليومي للنساء والاطفال والشيوخ والعجزه ، ويسمعون صرخات المناشدة وطلب يد العون والمساعدة ، وليس من جواب ..!
ولكن حقّا ، كما قيل ( مَنْ أستُغضبَ ولم يغضب فهو حمار ).
فانظروا لهذا الأوربي الذي لا صلة ولا علاقة له بديننا ولا بعروبتنا ، ولكن نراه يشتعل غضبا على ما يراه الأن من جرائم بربرية وما رأى من جرائم من قبل بحق الشعب الفلسطيني المضيّع والمكبل والمحاصر ، والذي ترونه في الفيديو هو نائب في البرلمان الايرلندي ، وليس انسانا عاديا .
وإحيانا نرى بعض الحيوانات لا تتخلى عن فصيلتها عندما تتعرض للخطر ، فتدافع عنهم بكل ما تمتلك من قوة وبشكل مستميت ، أما ما نراه اليوم للاسف
ليس بالشئ المؤلم فقط .. وبحجم هذا الألم ، هو الخزي والعار في كل الاعراف الأجتماعية المتعارف عليها في المجتمع البشري قديما وحاضرا ..!
ولقد صدق الشاعر بشار بن برد حين قال :
(لَقَد أَسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيّاً
وَلَكِن لا حَياةَ لِمَن تُنادي )
الدكتور ابراهيم الخزعلي
13/10/2023
https://vm.tiktok.com/ZMjQaEaCP/
https://vm.tiktok.com/ZMjQp7Ae8/