باسل عباس خضير
استضاف الدكتور محمد جــابر شعابث في مجلسه الثقافي المنوع في الحلة جناب الدكتور هاشم العلوي وكيل وزارة الخارجية لشؤون التخطيط السياسي ، ليقدم محاضرة عن “وظائف البعثات الدبلوماسية في عالم متغير” مساء السبت 14-10-2023 ، ويضم المجلس نخب من مثقفي ( الحلة وبغداد والنجف الاشرف ) ممن يحرصون على الثقافة والشعر والآداب والعلوم ، كما حضر المجلس السيد المهندس وسام أصلان الجبوري محافظ بابل ومجموعة من الدبلوماسيين العراقيين ، وفي بداية المحاضرة استشهد معالي وكيل الوزارة بالقيم العليا المستوحاة من سيرة الرسول الكريم ( ص) بما يشكل مدخلا لخدمة الناس والتعامل مع احتياجاتهم ، ثم عرض تعريفا دقيقا لمفهوم الدبلوماسية ومعالم الشخصية الدبلوماسية معرجا على أبعاد العمل الدبلوماسي وما يتسم به من دقة وخطورة في اتخاذ القرارات التي يدار بها العمل ، متطرقاً إلى أمثلة عديدة واقعية توضح تلك الخصوصية ، طارحا أمثلة من التجارب العالمية مع التركيز على التجربة العراقية ، ولا يخفى ما يمتلك معالي الدكتور العلوي من خبرة مهنية ميدانية ، إذ انه سبق وشغل منصب سفير العراق لجنوب أفريقيا وكذلك شغل منصب سفيرٍ للعراق في هولندا فضلا عن خبراته الدبلوماسية المتراكمة .
وفي معرض حديثه عن وظائف السفارات في الخارج بين إن من أهم وظائف البعثات الدبلوماسية دراسة موقف الدولة المستضيفة لمدى تأثيرها في مجلس الأمن وكذلك حجمها الاقتصادي وعلاقاتها الاقتصادية مع العالم لغرض استثمار تلكم العلاقات لخدمة العراق ، وبالتالي ينظر إلى علاقاتنا مع تلك الدول بناء على تلك التأثيرات ، والوظيفة الثانية هي استغلال الفرص التي يمكن من خلالها تطوير العلاقات الثنائية مع تلك الدول وتوثيقها، و ذلك يتطلب من الدبلوماسي أن يعي بدقة ما يمتلكه البلد (العراق) من إمكانيات وما يحتاجه من دعم في آن واحد ، إذ إن ذلك يعد من أولويات البعثات الدبلوماسية التي على أساسها تفتح فرص التعاون بجانبيها : الجانب المتعلق باستثمار ما تمتلكه الدولة المستضيفة من إمكانات يستفيد منها العراق ، والجانب الثاني ما يمكن للعراق أن يقدمه بالمقابل للدولة المستضيفة ، وضرب من خبراته مثالا لدولة ( هولندا ) ذات الخبرة العميقة في المياه وتطوير مصادره ، وبناء على ذلك يتم التحرك مع الوزارات الأخرى لإشراكها في مسيرة التعاون من خلال لقاءات مشتركة أو استضافة وفودٍ وعقدِ مؤتمرات ، والوظيفة الأخرى هي إن الدبلوماسي عليه أن يقوم بتمثيل الحكومة العراقية وأن يعكس وجهات نظرها السياسية والإنسانية التي تمثل فلسفة الدولة في ما يتعلق بالقضايا السياسية في العالم ، فقد نصت اتفاقية فينا في 18 ابريل 1961 ومرسوم أول يونيو/حزيران 1979على إن الوظيفة الأولى لرئيس البعثة الدبلوماسية هي تمثيل الدولة المعتمدة ، وبالتالي فالدبلوماسي هو المصدر المباشر المتاح للدولة المستضيفة للمعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يستوجب متابعة الدبلوماسي لما يحدث في البلد والطموحات المستقبلية.
ومن جملة الوظائف المهمة الأخرى هي التفاوض مع حكومة الدولة المضيفة والمراقبة وإرسال تقارير حول الأوضاع والتطورات ( الاقتصادية، والثقافية، والتجارية، والعلمية ) لدى الدولة المضيفة لأجل العمل على تنمية سبل التعاون بين البلدين والعمل على تنمية العلاقات ( التجارية، الاقتصادية، الثقافية، والعلمية ) بين البلدين ، وتعتد حماية مصالح الدولة من أهم وظائف البعثات الدبلوماسية ، ولا تخفى أهمية رعاية مصالح رعايا الدورة والمقيمين في الدولة المستضيفة من طلبة ورعايا ومرضى ومصطافين ومن قائمين بمهمات تجارية او دينية او اجتماعية ، وهنا تطرق المحاضر إلى بعض الصعوبات التي قد ترافق هذه المهمة في ما يتعلق بضعف تعاون بعض المواطنين مع البعثات الدبلوماسية التي تسعى إلى تسهيل أمورهم وتيسير الإفادة من ما تتيحه الدولة المستضيفة من إمكانات ، وفي حديثه عن توزيع بعض تلك المهمات وتيسيرها للمستفيدين تحدث بين وظائف القنصليات المتنوعة ، فالقنصلية هي بعثة دبلوماسية لدولة معينة تتواجد في إحدى المدن الكبرى في دولة أخرى بخلاف العاصمة، وتقوم على تقديم مجموعة كاملة من الخدمات بما فيها الخدمات القنصلية مثل : طلبات استخراج شهادات ميلاد رسمية وطلبات تجديد تصاريح العمل وتأشيرات الدخول وغيرها ، وضرب أمثلة لاستحداث وزارة الخارجية لفتح قنصليات متعددة في المحافظات لتسهيل وتيسير استفادة المواطنين من خدماتها كما في الانبار والحلة والبصرة والموصل .
وفي ختام حديثه أوضح بعض الصعوبات التي تواجه العمل الدبلوماسي مشيرا إلى أهمية الإحاطة بأساليب التواصل الحديثة التي سهّلت كثيرا التواصل مع الجمهور وتيسير تواصل المواطنين مع البعثات الدبلوماسية مما جعل استثمار قنوات الانترنت والايميل والتغريدات في الوصول إلى ملايين من الأفراد في وقتٍ مثالي تسهيلا لانجاز المهمات المطلوبة ، وقد أبدى رواد المجلس الثقافي عن تقديرهم العالي لتلك المحاضرة الثرية الشاملة ، وتقدموا بالعديد من الأسئلة المهمة والملاحظات والإضافات القيمة التي استجاب لها المحاضر بكل مهنية وترحابٍ وبأسلوب علمي واقعي ، متقدما لهم بالامتنان والإعجاب للاستجابة لأطروحاته متمنيا للمجلس الثقافي التوفيق والديمومة .