November 14, 2023
استغلت الفصائل المسلحة العراقية، الأحداث التي يشهدها قطاع غزة، والهيجان الحاصل في المنطقة لتنخرط سريعاً في الأحداث، دون اكتراث للأمن الوطني، أو سلامة الأراضي العراقية، بل كشرت عن أنيابها باتجاه أبناء جلدتها.
وتتعرض القواعد التي تحتضن قوات للتحالف الدولي في محافظة الأنبار، وأربيل عاصمة إقليم كوردستان، وكذلك السفارة الأمريكية في بغداد، إلى قصف متكرر بالطائرات المسيرة، وصواريخ الكاتيوشا، حيث تتبنى ما تُطلق على نفسها “المقاومة الاسلامية في العراق” تلك الهجمات، بشكل متكرر.
ومع تطورات الأوضاع في غزة، دخلت تلك الفصائل على خط الأحداث سريعاً، وبدل أن تستنفر لتقديم المساعدات الاغاثية لسكان القطاع، أو حتى تنفيذ ادعاءاتها المستمرة، بأنها حركات مقاومة، لكنها وجهت سهامها نحو الداخل العراقي، دون اعتبار لوجود حكومة، أو برلمان، من صلاحياته اتخاذ القرارات الكبيرة.
في سوريا أيضاً
ويبدو أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، استفزه هذا الواقع، ليعلن سريعاً ، أنه لا ينبغي لأحد أن يأخذ دور الحكومة، وأن القرارات المصيرية بيد السلطات الدستورية حصراً.
ولم تقتصر الاستهدافات خلال الفترة الماضية ، على الداخل العراقي ، بل طالت قاعدة التنف الأميركية جنوبي سوريا ، وقواعد أخرى للتحالف الدولي ضد داعش في الحسكة ودير الزور شرقي سوريا، بينما يرى مراقبون أن هذه الفصائل ستكثف هجماتها خاصة في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا، مستهدفة المقار العسكرية الأميركية والدبلوماسية كذلك ” ولا سيما في بغداد وأربيل، فضلا عن استهداف الأراضي الإسرائيلية نفسها، وسط مخاوف من تصرفات قد تقود لتوريط العراق في حرب واسعة، ستنعكس بصورة سلبية على أمنه واستقراره وعلاقاته والتزاماته الدولية.
ويرى المحلل الأمني حميد العبيدي، أن “تحركات الفصائل المسلحة خلال الفترة الماضية، كشف واقعها، وأنها لا يمكنها الدخول في حرب واسعة، لعدة اعتبارات، أبرزها أن الجانب الإيراني الراعي لها، لم يقرر الدخول في تلك الحرب، كما أنها تخشى العقوبات الأمريكية، خاصة وأن الولايات المتحدة، استهدفت مقرات عدة، تابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا، وهو ما يرجح امكانية حصول رد على الفصائل المسلحة في العراق”.
وأضاف العبيدي في تصريح ، أن “العراق تمكن خلال الفترة الماضية، من تحسين علاقاته بالمجتمع الدولي، وكذلك الدول الإقليمية، والعربية، لكن اتخاذ تلك الفصائل هذا القرار، سيتسبب بإحراج كبير له ، باعتبار أن موقف الحكومة الرسمي ، ليس المواجهة العسكرية ، وإنما وقف اطلاق النار الفوري في غزة، والسماح بإدخال المساعدات الانسانية، ومن ثم بدء مسار سياسي، يحفظ السلام في القطاع المحاصر، ويُمهد لقيام الدولتين”.
وفي ظل هذا الحال، تسود مخاوف من تحول العراق، إلى حلبة صراع ومواجهة، وهو ما لا تتحمله البلاد بعد سنوات طويلة من الحروب والأزمات، وهو ما دفع الحكومة العراقية إلى امساك العصا من الوسط، والتعاطي بهدوء مع حساسية الموقف وخطورته، للنأي بالعراق عن التورط.
الموقف الرسمي
من جهته، يرى المحلل السياسي، عماد محمد، أن ” الموقف الرسمي للعراق يجب أن يكون هو السائد ، والواجب العمل عليه ، من قبل الجهات السياسية المختلفة، وحتى المجموعات المسلحة، يجب أن تعمل القوى السياسية المؤثرة عليها، للحيلولة دون تأزم أوضاع العراق، والتعامل بروية مع أحداث المنطقة، باعتبار أن جميع الدول كان لها موقف محدد، يتفق مع سياستها وواقعها وقدرتها وإمكانياتها”.
وقال محمد إن “موقف زعيم التيار الصدري في تلك الأزمة كان واضحاً، ومتسلسلاً، كما أن أبرز ما فيه هو الابتعاد عن واقع الفصائل المسلحة، لمعرفته ودرايته بحالها، وأنها تسعى إلى خطف الأضواء، وتحقيق مكاسب ونفوذ سياسي آخر، برفع شعارات لم تطبقها في يوم من الأيام”.
وفي الوقت الذي كانت فيه الضربات التي تقوم بها الفصائل المسلحة العراقية ضد أماكن ومواقع التواجد الأميركي في العراق خلال السنوات الماضية تقيد ضد مجهول نتيجة عدم اعتراف الفصائل المسلحة بها ، فإنه وفي عهد الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني التي أكملت قبل أيام عامها الأول لم تجر أي عملية استهداف للمواقع والسفارة الأميركية ، قبل أحداث غزة ، لكن تلك التطورات ، فجرت المنطقة بكاملها، وكان العراق من أبرز الدول التي انخرطت سريعاً في هذا الصراع، وتحديداً الفصائل المسلحة، وهو ما يضع تساؤلات عن طبيعة المرحلة المقبلة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط