جامعة آلتو الفنلندية تمنح جائزة الابداع للباحث العراقي حيدر الفيصل نتيجة براءتي اختراع تخص التشخيص المبكر لمرض السرطان

هلسنكي ـ جمال الخرسان

حيدر الفيصل باحث عراقي حاصل على شهادة بكلوريوس في هندسة المواد، شهادة ماجستير في الهندسة الكيميائية من جامعة آلتو الفنلندية وهي الجامعة التكنلوجية الأولى في البلاد. وقريبا سوف يحصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الفيزيائية من نفس الجامعة.

حاصل على براءتي اختراع مسجلة رسميا بفنلندا في تطوير تقنية للتشخيص المبكر لمرض السرطان. يعمل حاليا باحث على رأس مشروع ممول من قبل مؤسسة فنلندية كبرى.

هذا الحوار مع حيدر الفيصل بهدف الاقتراب اكثر من تجربته الاكاديمية الرائدة:

ـ بداية نحب ان نبارك لك حصولك على جائزة أفضل اختراع هذا العام في قسم الفيزياء التطبيقية بجامعة التو.. ما مدى أهمية هذه الجائزة؟

عمليا الجائزة تمنح من قبل القسم بهدف تشجيع الباحثين وخصوصا ممن تكون لهم مشاريع عمل علمية ومؤثرة وتتضمن براءات اختراع مسجلة. الجائزة اسمها جائزة الابداع، تشرف عليها لجنة من قبل الجامعة … انها تعزز القيمة العلمية والأكاديمية للمنجز العلمي.

ـ في أي المجالات كانت براءات الاختراع التي عملت عليها؟

بداية فان محور مشروعي للدكتوراه هو إيجاد حلول علمية لبعض التحديات في مجال الطب من خلال توظيف التكنلوجيا. لدي براءتا اختراع مسجلتان رسميا. احدى براءات الاختراع تخص العمل على مشكلة الدقة في جهاز تصوير السونار.. ذلك يتم عادة من خلال استخدام الموجات فوق الصوتية وهذا يفتقر للدقة المكانية بالنسبة للصورة.. هذه مشكلة تكنلوجية. ولكي تحصل على دقة صورة افضل قمنا بتطوير مواد أخرى تساعد على تعظيم الموجة المنعكسة من الجزء المستهدف بالتصوير.. وهذا يساعد كثيرا في تشخيص الامراض التي يستخدم في تشخيصها السونار مثل امراض القلب، تليف الكبد وغيرها. هذه براءة الاختراع الأولى، وعلى أساسها توصلنا لبراءة اختراع جديدة متعلقة بالتصوير الجزيئي، وهذا حقل جديد من العلم. مثلا حينما يذهب المريض الى الطبيب بهدف الكشف عن حالته الصحية.. هذا يعني ان هناك اعراضا لخلل وظيفي.. قد انتشر واستفحل ووصل لمراحل متقدمة بحيث شعر به الانسان. لكن قبل ان يصل المريض لهذه المرحلة هناك مسار طويل مر به المرض، الامراض في فترة نشوئها تعطي مؤشرات حيوية على المستوى الجزيئي موجودة على سطح الخلايا او في داخلها تعطي إشارات أولية عن بدايات المرض، براءة الاختراع الثانية تتعلق بهذه المؤشرات وتهدف لكشف المرض مبكرا وخصوصا مرض السرطان.

ـ ما تطرقنا له الجانب النظري.. كيف ينعكس ذلك المنجز العلمي عمليا على الواقع الطبي؟

أهمية المنجز ان المشروع اذا نجح سوف نوفر طريقة فحص سهلة ومتاحة للجميع فيما يخص تشخيص مرض السرطان مبكرا. المشروع من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى لتشخيص امراض السونار مثل امراض القلب والشرايين والكبد، المرحلة الثانية هي مرحلة كشف مرض السرطان مبكرا، المرحلة الثالثة هي استخدام مادة لعلاج هذه الامراض المكتشفة. حاليا نعمل على المرحلتين الأولى والثانية بهذا المشروع، اما المرحلة الثالثة فتحتاج لمشروع ودعم آخر.

في التطبيقات الطبية لابد من المرور بمرحلة الفحوصات الفحوصات ما قبل السريرية “التجارب على الحيوانات” لأثبات سلامة وفاعلية المنتج، بعد تلك المرحلة ينتقل الى الفحوصات السريرية، الهدف من التمويل حاليا اكمال الفحوصات ما قبل السريرية، وحينما تكتمل هذه المرحلة يتم الانتقال لمرحلة أخرى وهي تأسيس شركة ناشئة عن المنتج، وبعدها يتم استقطاب مستثمرين لإجراء الاختبارات السريرية. هذا مسار المنتج الطبي.

ـ هل هناك تمويل للمشروع؟

بعد ان تم تسجيل براءات الاختراع في جامعة آلتو ثم بعد تسجيلها في مركز براءات الاختراع الفنلندي.. أيضا نحن بصدد ارسالها لمراكز الاتحاد الأوروبي.. لكي يتم تسجيلها على الصعيد الأوروبي، بعد تلك المرحلة قدمنا على مشروع دعم مالي من مؤسسة “Business Finland” وهي مؤسسة تدعم المشارع العلمية الواعدة والتي لها مستقبل تجاري. حصلنا على دعم بقيمة مليون دولار، وهو نتاج تعاون بين جامعتي “اولو” وجامعة “آلتو” الفنلنديتين. الدعم يهدف الى المساعدة في اجراء الفحوصات على الحيوانات وأيضا تأسيس شركة للمشروع على أساس النتائج التي تتحقق في نهاية المشروع، نهاية العام 2024.

ـ في سياق مشروعكم الأكاديمي وإنجاز الدكتوراه وانت تدرس وتواصل بحثك في جامعة التو احدى اهم الجامعات الفنلندية.. ما هي الجامعات الأخرى التي تعاونت معها؟

المشروع تطلب التعاون بالإضافة لجامعة آلتو الفنلندية أيضا جامعة أكسفورد البريطانية، جامعة السوربون الفرنسية، أيضا تعاملت مع جامعة ميلان الإيطالية إضافة للأكاديمية الرومانية، كذلك مع جامعة اولو الفنلندية ومركز أبحاث VTT الفنلندي.. وحققنا مع هذه الأطراف تعاونا ممتازا. كل من هذه المؤسسات تقدم تجربة مميزة في مجال معيّن، التعاون يعزز الثمرة العلمية ويوفر شبكة علاقات علمية واكاديمية ممتازة.

ـ مررت بتجربة مميزة بقسم الفيزياء في جامعة التو؟ ما هي اهم العقبات التي واجهتها؟ هل من نصيحة لمن يود ان يخوض التجربة؟

الحياة بصورة عامة هي تفاعل مستمر.. وهذا يعني متغيرات كثيرة، قد تخفق وقد تنجح، الأهم انك كيف يمكنك ان تحوّل التحديات والصعوبات الى فرص. احتمالية الفشل واردة.. الأهم ان تكون لك رؤية واضحة وهدف، وان تمتلك قدرة الاستفادة من جميع التحديات، ان تكون مبادرا ومرنا.. ومتواضعا.

ـــــــــــــــ

هذا الحوار مع رئيس قسم الفيزياء التطبيقية في جامعة آلتو البروفيسور البلجيكي “Robin Ras” بهدف الاطلاع اكثر عن المشروع الذي قدمه حيدر الفيصل حيث ان البروفيسور هو المشرف على المشروع:

ـ في نهاية تشرين الأول الماضي، منحت جائزة ابتكار عام 2023 لـ حيدر الفيصل من قبل قسم الفيزياء التطبيقية بجامعة آلتو. بصفتك رئيس القسم، وبعد أن قمت بالاشراف على مسيرة حيدر الاكاديمية لسنوات، نود معرفة رأيك وتقييمك للمشروع؟

بروفيسور روبن: في جامعة آلتو، يكرس قسمنا لتعليم الأجيال الشابة كي يصبحوا روادا في التغيير وإنتاج نظريات علمية جديدة. إن تحقيق التقدم وتعزيز الابتكار هو مسؤولية أساسية في سعينا.

في سياق هذا المشروع، يبرز العمل الملحوظ لحيدر، حيث بدأ رحلته بدراسة سلوك البروتينات عند الواجهات البينية، وتدرّج في معرفته تدريجيًا وطوّر فكرة تحمل إمكانات هائلة للفائدة المجتمعية. من خلال جهودنا سوية، نجحنا في تطوير مواد مغلفة بالبروتينات تمتلك القدرة على كشف الأمراض. تم الاعتراف بهذا الابتكار الثوري، مما نتج عنه حصولنا على تمويل ممتاز بقيمة 800 ألف يورو “ما يعادل مليون دولار تقريبا” من قبل ” Business Finland ” لتسهيل عملية تسويق المنتج تجاريا.

ـ استنادًا إلى تجربتك الطويلة.. ما هي المعايير التي يجب تلبيتها حتى ينجح المشروع ويحقق كامل إمكاناته؟

بروفيسور روبن: في مجال العلوم التجريبية، فإن توقع تحقيق إمكانيات اي مشروع يظل مستبعدا حتى تتحقق النتائج. نظرا لضرورة اجراء الكثير من الفحوصات العلمية وخصوصا في مجال التطبيقات الطبية، يصبح التخطيط المتأني والتأمل في الأهداف واجبا حتميا. ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنني لست الحكم الوحيد لتقييم المشروع. مسؤولية فريقنا تكمن في إعداد مشروع ناضج، بالإضافة إلى التقييم الدقيق الذي تجريه ” Business Finland” في تحقيق اختيار التمويل للمشروع.

ـ تجربتك العلمية الملحوظة تعتبر مصدر إلهام كبير. كونك قادما من بلجيكا، أصبح لك الآن دور مرموق كرئيس لقسم الفيزياء التطبيقية. استنادًا إلى خبرتك، نبحث عن رؤيتك في تقييم رحلات الباحثين الأجانب في جامعة آلتو، وأيضًا فهم التدابير التي تتبناها لدعمهم في تحقيق أهدافهم؟

بروفيسور روبن: شكرًا جزيلاً! يسهم كل فرد في فريقي بلا شك في تميز فريقنا. على وجه التحديد، أسعى جاهدًا لاختيار أفضل الباحثين المتاحين. نحن ملتزمون بتوفير بيئة ملائمة تسهل تحقيق أهدافهم وتساعدهم في نموهم الشخصي، مما يساعدهم على أن يصبحوا أفرادًا أفضل. وبالرغم من أنني لا أعتبر نفسي قائدا، إلا أنني أعتبر نفسي مستشارا يسعى لتوفير فرص للباحثين مثل حيدر الفيصل وغيرهم للتعلم والانخراط في العمل الذي ينسجم حقًا مع شغفهم. نعمل من خلال جهودهم المتواصلة على توليد معرفة رائدة مفيدة ليس فقط لآلتو، ولكن للمجتمع على نطاق واسع.

ـ أعبر عن امتناني الصادق على الوقت الثمين الذي قدمته. قبل أن نختم، هل هناك ما تود اضافته حول الموضوع؟

بروفيسور روبن: شكراً لحضوركم هنا! يحمل مشروعنا إمكانات واسعة وشاملة. إذا نجحنا في مسعانا، فإن للمشروع القدرة على إحداث تأثير مادي ومعنوي كبير. نظرا لانتشار وخطورة السرطان، فإن هدفنا الرئيسي هو المساعدة في الكشف المبكر عنه، بالسيطرة على المرض. نحن على ثقة أن مشروعنا لديه القدرة الحقيقية للنجاح وتقديم فائدة حقيقية للمجتمع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here