الطائفيون الذين لا يدركون ما يجري حولهم , يساهمون في بناء الأرضية اللازمة لتمرير مشاريع الفناء الماحق من الخليج الجائر إلى المحيط العاثر , وهم سكارى بخمور المذاهب والهذيانات الفقهية والتشريعية والتدميرية للحياة والدين , والقيم والمعايير والإخلاق والإنسان , وكلٌ يحسب أن دينه هو الدين ومذهبه هو الحق , وربه هو الرب والجنة ملكه والنار من نصيب غيره , وما عرف جنة ولا نارا , ولا عمل معروفا , وما ينجزه منكر إبن منكر إلى آخر محطات النسب في مملكة المآليس المعممة بالبهتان والأضاليل السوداء.
عالم يتكاثر فيه الذين يحسبون أوهامهم وتصوراتهم دينا ومذهبا , وأنهم الآلهة والأنبياء الذين جاءوا للتبشير برسائلهم السماوية , وأوهامهم التي يسفكون دماء الأبرياء بسببها , لأن هواهم دينهم وربهم وكتابهم , وهم يسبّحون برغباتهم ونزواتهم , ويسهرون الليالي الحمراء في منتجعات التنكيل بالحياة والإنسان.
فهم مخمورون ومدمنون على أشربة معتقة في أوعية العصور الظلماء , وما عادوا ينتمون لعصرهم لشدة تأثير الخمرة النادرة في أعماق الوعي والإدراك , حتى لتُذهب ما عندهم من بقية عقل وحلم وإدراك.
إنهم بلا عقول , فالخمرة أطارتها وخربت النفوس , وشوهت القدرة على التلقي والوعي والإستيعاب , فتراهم يتراقصون حول مواقد إحتراقهم وشوائهم الجمعي , وتدافعهم نحو جحيمات الضياع والخراب والهلاك اللذيذ.
أيها المغفلون , الحياة لا يمكن حشرها في زوايا تعصبية طائفية , فهذه الزوايا تستوعب الأموات ولا تكون ميادين حياة , فإن كنتم تريدون الحياة فعليكم التحرر من قبضة الزوايا الحادة المطبقة على بصائركم , والإنطلاق في ميادين التفاعلات الإنسانية الرائعة , المعبأة بالمحبة والألفة والرحمة وعمل الخيرات , وصناعة المجد الإنساني الذي يرتقي إلى أسمى فضاءات العلاء والسؤدد والبهجة الرحمانية.
فإستفيقوا من التلاحي , وتخلصوا من التداحي في جحور تنعصرون فيها وتنثرمون , لتطعموا للتراب الذي لا يفرق بين مذاهبكم وطوائفكم , فالذي يعرفه أنه يلتهم لقمة سائغة طرية مطهية بحرارات التفاعلات النارية.
إذا كانت المذاهب عاهتكم وسرطانكم وطاعونكم , فخياركم أن تقهروها أو تهجروها , أو أن تنقرضوا وتنمحقوا بها أجمعين!!
فتهذبوا ولا تتمذهبوا , وتواصلوا ولا تتقاطعوا , وتراحموا ولا تتزاحموا , وتوحدوا ولا تفرقوا , وكونوا مسلمين لا متأسلمين , إذا كنتم تؤمنون حقا بدين!!
د- صادق السامرائي
Read our Privacy Policy by clicking here