بعد تقليص خطتها.. الزراعة تنحسر في العراق والفلاحون في مأزق

أيَّوب سعد

تشهد الخطة الزراعية الشتوية، تقليصاً كبيراً مقارنة مع السنوات السابقة، بسبب تناقص الأراضي المزروعة في الموسم الحالي بالنظر لشحة المياه، فضلاً عن مشاكل متعددة على مستوى دعم الفلاحين، الأمر الذي أدى إلى تراجع إنتاج المحاصيل.

غياب الدعم

ويقول المزارع نبيل خميس (35 عاماً) في حديث لـ(المدى) إن “السنوات السابقة كانت تشهد دعماً للقطاع الزراعي، سواء من ناحية توفير البذور أو الأسمدة وبقية المواد التي تسهم في عودة الجانب الزراعي إلى وضعه الطبيعي، لكن الآن جميع سبل الدعم الحكومي انقطعت”.

ويضيف: أن “الأسمدة كانت متوفرة بمعمل فوسفات عكاشات الأنبار وكذلك في البصرة بينما الأسمدة الحالية مستوردة، كذلك لا يوجد أي دور للجمعيات الفلاحية”.

ويتابع أن “غلاء الحراثة وعدم توفر اوليات الزراعة المدعومة من قبل الدولة، تسببا بانحسار الزراعة، وكل هذه الظروف ساهمت بهجر الفلاح لأرضه الزراعية، إضافة للمشكلة الكبرى وهي شح المياه”.

مسألة “التقليص”

ويقول الخبير الرزاعي حميد النايف خلال حديث لـ(المدى) إن “العراق تعرض إلى متغيرات مناخية أثرت سلباً على الأمطار، فلم تكن هناك أمطار في المواسم الأخيرة، إضافة إلى تناقص الحصة المائية من دول الجوار كل ذلك أدى إلى عدم إمكانية توفير المياه بشكلٍ كاف للقطاعِ الزراعي”.

ويضيف: أن “خطة زراعية شتوية أقرت بمقدار مليون و500 ألف دونم على الري السطحي” مشيراً إلى أن “المساحات الأخرى ضمن الخطة الزراعية تمت زيادتها على المياه الجوفية والآبار قرابة الثلاثة ملايين ونصف”.

ويبين أن “هناك تفاهما بين وزارة الزراعة والموارد المائية على أن يتم النظر بإعادة الخطة الزراعية، كون تقليص الخطة الزراعية سيؤثر على الفلاحين والمزارعين”.

ويتابع النايف أن “القطاع الزراعي في عملية (شد وجذب) لأن المياه إذا زادت وتوفرت تزيد معها الخطة الزراعية أما إذا قلت فسوف تقلص الخطة، ومسألة التقليص طبيعية لأنها تحدد حسب الوفرة المائية”.

وفيما يتعلق باستثمار مياه الأمطار يوضح الخبير الزراعي حميد النايف، عبر(المدى) أنه “لا يوجد إستغلال لمياه الأمطار الساقطة في المناطق الجنوبية بسبب عدم وجود السدود هناك، حيث تذهب المياه إلى الخليج من دون الاستفادة منها، بينما تسهم مياه الأمطار أو السيول الشمالية في زيادة الخزين المائي”.

ويؤكد أن “التقليص ليس ثابتاً ومن الممكن أن يتم تغيير المساحات في القريب العاجل بعد استقرار الوضع المائي”.

تغير “مناخي”

من جانبه، يقول الخبير المائي علاء البدران خلال حديث لـ(المدى) إن “المياه كانت متاحة سابقاً، أما في الوقت الحالي المياه في السدود والخزانات غير كافية وقليلة جداً، حيث تحتاج المساحات الزراعية حسب الأعوام السابقة مليار أو أكثر من مليار ونصف المليار متر مكعب مياه”.

ويؤكد: أن “الحلول الوحيدة تكمن في إستغلال مياه الأمطار، لأن زراعة الحبوب دائماً ما تكون في الأراضي مضمونة الأمطار”، مبيناً أن “كل المشاكل في الوقت الراهن تدرج ضمن خانة التغير المناخي”.

اتفاقيات مائية

ويتعرض العراق لمخاطر التصحر بسبب موجات الجفاف الناتجة عن قلة الحصص المائية لنهري دجلة والفرات بعد بناء عدة سدود عليهما من قبل تركيا وإيران، على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة “رامسر” للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران، وأصبحت سارية المفعول عام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقراً لها، وانضم إليها العراق عام 2007.

وكان برنامج الأغذية العالمي WFP التابع للأمم المتحدة، حذّر في 12 أيلول/سبتمبر الماضي، من استخدام المياه الجوفية الموجودة في العراق، واصفاً استغلالها بـ”كارثة” في طريقها إلى الحدوث، إذ أنَّ هذا النوع من المياه يأتي من الأمطار ويُحتفظ به في أحواض داخل الأرض لحفظ التوازن، وأن استهلاكها سيعرضها للنضوب بمرور الوقت.

يشار إلى أن العراق قد حدد مساحة تجاوزت 5 ملايين دونم للموسم الزراعي الشتوي, رغم انحسار كميات المياه بسبب قلة الاطلاقات الواردة من دول الجوار لنهري دجلة والفرات إضافة إلى قلة تساقط الأمطار واستمرار الجفاف لثلاثة مواسم متتالية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here