رحلة في عالم الذكريات: الحياة تبدلت ولكنها اجمل مع الطبيعة

بقلم: أ. د. سامي الموسوي

هناك في مكان قد تغير، وزمان قد مضى، حيث الماء الذي يتحد مع الأفق البعيد ليكسوه لونا ذهبيا عندما تشرق الشمس ثم يكون فضيا لامعا ذا بريق لتكسوه حمرة في مغيبٍ ليس ببعيد. يدور الزمان حيث دار ونحن نرى في ذلك الأفق البعيد نهاية الوجود وما بعده شيء آخر لأفكار الطفولة فيه شأن. لا يعكر صفو المكان سوى زقزقة العصافير وتغريد البلابل و هديل الحمام وخرير المياه و حفيف سعف النخيل. هناك حيث تبدأ رحلة لعلها للمدرسة حيث قطع مسافة قد تصل الى اكثر من ساعة مشيا على الاقدام بين أشجار النخيل في طريق له انحناءات وتعرجات قد خطته اقدام المشاة ذهابا وإيابا. هناك نهر يجب عليك ان تعبره على جذع نخلة تلتفت يمينا ويسارا فلا يوجد احد سواك والجذع والنهر وما عليك الا التحدي وما اجمل التحدي في أيام الطفولة. تعبر وكأن جذع النخلة يمسكك من ان تقع واذا بك تحقق انتصارا في العبور. تنظر خلفك لتقول للجذع لي اليك رجعة فلا تذهب. تسير بين النشوات والباسقات ولا احد يسير في أي اتجاه الا انت. تختفي البيوت الطبيعية لفترة حتى تصل الى ذلك النهر الكبير الذي يجري بسرعة و هو ليس ذلك الذي فارقنا قبل بضعة دقائق. انه نهر يتحداك ولكنك لابد ان تعبر ولابد ان تنجح بالتحدي والا قد يحصل ما لا يحمد عقباها. تعبر على جسر قد انشأه الناس ولكنه جسر بدائي وصديق للبيئة وقد تحداه النهر في بعض الأجزاء. تعبر والباسقات خلفك وامامك نشوات وباسقات ثم بيوت اتحدت مع الطبيعة اتحاد حب و ود لا ينتهي. عندما تعبر قد تحبس انفاسك في الوسط لان النهر قد اخترقه ولكن يجب ان تصل والناس سوف يرممونه ربما في العودة سيكون كذلك. تسير مخترقا بعض الطرقات الطبيعية وهناك بعض البيوتات وانت لا يخيفك شيء سوى مهاجمة بعض الكلاب التي تحرس هذه البيوتات. تسير غير ابهاً بها قد ترتفع دقات قلبك عندما يهجم عليك مجموعة من الكلاب ولكنها بالتالي لا تؤذيك فقط تريد ان تخيفك وتنبه أصحابها ان هناك طارقً يطرق بخير. تهدأ الكلاب بعد ان تتأكد انك تسير مبتعدا فأنها قد تعودت ذلك. تسير في طريق مفتوح وتبتعد عنك بساتين النخيل هذه المرة عن اليمين وعن الشمال ليتكرر مشهد الكلاب مرة أخرى ولكن بشكل اكبر شراسة هذه المرة وبالنهاية النتيجة واحدة والهدف الابتعاد. هناك بعد حين من السير على الاقدام تجد نهرا اخر متوسط العرض عليه جذع نخلة طويلة من الباسقات جدا. التحدي هنا اكبر وقد يفيض النهر بالماء فيغطي الجذع وهنا عليك الاختيار ما بين الجذع الذي قد يسقطك او العبور من موقع اخر مشيا في داخل النهر الذي يعلوك الى الابط في منتصفه. انه التحدي و جمال الخوض مع الطبيعة بين مد وجزر. بعد ذلك تلتقط انفاسك لان هذا هو النهر الأخير يليه ان تقطع مسافة سير على الاقدام بين ارض سهلية وبين بساتين ونخيل حتى تصل الى مبتغاك الذي قد يكون مدرسة تقع على حافة نهر جميل. وبعد حين تنتظرك رحلة العودة من جديد وبين الفصول الأربعة يتكرر المشهد حسب الفصل. الحياة تبدلت ولكنها اجمل مع الطبيعة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here