ترجمة: هاشم كاطع لازم- أستاذ مساعد – كلية شط العرب الجامعة – البصرة
المصدر: موقع JetLearn الألكتروني (2023)
يشغل التفكير النقدي critical thinking مكانة مرموقة في العملية التعليمية كونه يسمح للطلبة بالتفكير مليا في وجهات نظرهم وأستيعابها. وتساعد هذه المهارة الطلبة في كيفية فهم العالم من حولهم أستنادا الى التفكير الشخصي المعمق والفهم.
ماهية التفكير النقدي
يرى كثيرون أن الشخص الذي يتحلى بالتفكير النقدي يعتبر أنسانا نموذجيا أذ أن التفكير النقدي يمكّن الأشخاص من تحليل تفكيرهم وتقديم الأدلة والحجج المتعلقة بأفكارهم بدلا من قبول الآراء الشخصية باعتبارها أدلة أساسية.
وحين يطور الطلبة مهارات التفكير النقدي فأنهم يجنون منافع متنوعة تشمل تحسين قدرات التعلم وأحترام وجهات نظر الآخرين. كما أن بمقدور الشخص الذي يمتلك ناصية التفكير النقدي الرصين أن يتحدى المعلومات المتاحة ويستبعد أي منطق غير علمي وغير جدير بالثقة فضلا عن تدقيق مصادر المعلومات. وهو يتصف بسعة الأطلاع ويمكنه أدراك قيمة المناظرة والتوصل الى أستنتاجات دقيقة تستند الى الأدلة. أضف الى ذلك يتيح التفكير النقدي للطلبة كتابة المقالات وأكمال الواجبات الدراسية المطلوبة بعيدا عن التحيز الأجتماعي أو الشخصي.
في أدناه أمثلة عن دور التفكير النقدي في مساعدة الطلبة في سيرتهم الدراسية وفي حياتهم المهنية الشخصية، وهي تعكس أهمية التفكير النقدي بالنسبة أليهم:
الأساس في نجاحهم المهني: تتطلب الكثير من المهن الأستعانة بالتفكير النقدي، فالأمر لايقتصر على العلماء فحسب أنما يشمل ايضا القضاة والأطباء والأعلاميين المحترفين والمهندسين والمحاسبين المتمرسين والمحللين غيرهم. ولاشك ان التفكير النقدي من بين أكثر المهارات صلة بالقوى العاملة على حد تعبير المنتدى الأقتصادي الدولي World Economic Forum.
تشجيع الأبداع وحب الأطلاع: يتصف المفكرون النقديون عادة بحب الأطلاع على أمور الحياة المختلفة ولديهم اهتمامات متنوعة. ويقتضي التفكير النقدي طرح الأسئلة على نحو متواصل وأبداء الرغبة في تعلم مختلف الجوانب ذات الصلة بمساعدتهم على فهم موقف ما أو فكرة عامة معينة. والمفكرون النقديون لن يقبلوا أي شيء أستنادا الى قيمته الظاهرية. وهم مفكرون مبدعون ألى حد بعيد يمتلكون قدرات لاحصر لها، كما انهم يتطلعون دوما لتحسين أدائهم، وهو أمر جوهري في ميدان العمل.
تعزيز مهارات البحث العلمي: يساعد التفكير النقدي على تطوير القدرات البحثية من خلال الملاحظة والتحليل والتركيب وأجراء التجارب المفصلة المتعلقة بكل عنصر من العناصر وصولا لنتائج فعالة.
تنشيط التعلم المستقل: حين نتعمق في تفكيرنا فأننا نؤمن بالمزيد من أستقلاليتنا لأننا نعزز الثقة بأنفسنا، فالتفكير النقدي يعتبر أمرا جوهريا لتمكين المتعلمين من تطوير القدرة على الأختيار وكذلك تطوير الآداء.
تدعيم التواصل: ربما يظن البعض أن أكتساب مهارة التفكير النقدي ربما يتسبب في مشكلات تلحق الضرر بالعلاقات مع الآخرين، لكن مثل هذا التفكير يمكن أن يساعد المرء على تعزيز فهم وجهات نظر الآخرين والتحلي بالتفتح الذهني لمختلف وجهات النظر فضلا عن نقل المشاعر للآخرين.
حل المشكلات: يمثل حل المشكلات استجابة تلقائية للأشخاص الذين يتمتعون بقدرة التفكير النقدي، فهم مستعدون تماما لحل المشكلات. في هذا الشأن قال ألبرت آينشتاين:(لايتعلق الأمر بكوني ذكيا للغاية، أنما بفضل قضائي فترة أطول مع القضايا التي أتعامل معها). تجدر الأشارة أن قدرات حل المشكلات المتقدمة لدى المفكرين النقديين تمكنهم من التفوق في وظائفهم وكذلك في معالجة أكثر مشكلات العالم صعوبة، وهم بذلك قادرون على أحداث نقلة نوعية في العالم.
استيعاب المعلومات: يتعامل المفكر النقدي بجدية أكبر مع المعلومات قياسا بغيره من الناس مما يجعله يتعلم كيفية تقييم المعلومات وكيفية الأستفادة من التفكير النقدي في تمييز المعلومات الأساسية عن المعلومات الفائضة وغير المهمة.
أتخاذ القرارات: من المؤكد أن المفكرين النقديين يتخذون أفضل القرارات. والتفكير النقدي يساعدنا على التعاطي مع القضايا اليومية رغم ان ذلك يتحقق لاشعوريا. ويعلمنا التفكير النقدي على التفكير الذاتي وأبداء الثقة بقدراتنا الطبيعية مما يساعد المرء في مسار عمله وفي حياته عموما.
المساعدة في تحليل الحوارات: لاتعتبر عملية تحليل الحوارات من المهارات السهلة، لكنك حين تفكر نقديا فأنك لابد أن تتصف بالأنفتاح العقلي لأنك سوف ترى الأشياء من أكثر من زاوية، وهذا يساعدك على تحليل الحوار أفضل من الآخرين.
تشجيع الطلبة على طرح الأسئلة الصحيحة: تمثل عملية طرح اكبر قدر ممكن من الأسئلة منهجا متميزا آخر لتحسين التفكير النقدي. ويتطلب مثل هذا الأمر أن يكون الطالب محبا للآطلاع حول مختلف المواضيع. وحين يتعود الطالب على طرح الأسئلة فأن ذلك سوف يعينه على تحسين معرفته بالمادة الدراسية وكذلك أزالة أية شكوك ربما راودته من قبل. كما أن ذلك يعزز من قدرة الطالب على تحليل المواقف. أضف الى ذلك فأن التفكير النقدي ذاته سوف يتحسن لأن كل موضوع من المواضيع سوف يدرس من زوايا مختلفة.
تعلم الطلبة التفكير الأبداعي: مع بداية ممارسة التفكير النقدي يشعر الطالب بتعاظم أفكاره مما يدفعه الى التفكير الأبداعي في التعاطي مع المواقف الصعبة والذي بدوره يساعده على التفكير السريع.
أهمية التفكير النقدي
1. أتخاذ القرارات الفاعلة: يمكّن التفكير النقدي الناس من تقييم سائر المعلومات المتوفرة ومن أتخاذ قرارات مستنيرة وعدم اتخاذ أية قرارات بناء على العاطفة أو المعلومات المحدودة.
2. حل المشكلات: يساعد التفكير النقدي في التعاطي مع المشكلات منهجيا ومنطقيا وتمهيد السبيل لبلورة حلول عملية تستند الى التقييم الشامل.
3. أستقلالية التفكير: المفكرون النقديون اقل اعتمادا على الآخرين في قضية الأيمان بالأمور المختلفة لكونهم يمتلكون المهارات التي تفيدهم في تقييم المعلومات من خلال جهودهم الذاتية.
4. تمييز المعلومات: يتصف عصرنا الحالي بغزارة المعلومات المتاحة. لذا يتعين التمييز بين المصادر الموثوقة والمعلومات المضللة أو الأنحيازات.
5. تحسين التواصل: يستطيع المفكرون النقديون أن يعبروا عن معتقداتهم بكل وضوح وأن يبينوا فهمهم والأسباب الكامنة وراء معتقداتهم الأمر الذي يؤدي الى نقاشات وحوارات مفيدة للغاية.
6. توسيع وجهات النظر: يحفز التفكير النقدي التفتح الذهني حيال أفكار الآخرين والقدرة على النظر الى القضايا والتصورات والأحداث المستقبلية من زوايا ووجهات نظر مختلفة.
7. النجاح الأكاديمي: يعتبر التفكير النقدي أساسيا لأدراك المفاهيم المعقدة وتقييم الحوارات ونسج المعلومات المستمدة من مصادر مختلفة.
8. النمو الشخصي: يساعد التفكير النقدي على تحقيق الأستبطان (فحص المرء أفكاره ودوافعه ومشاعره) ومساعدة الناس على فهم معتقداتهم وقيمهم وأفعالهم على نحو أفضل.
9. قابلية التكيّف: المفكرون النقديون مؤهلون أكثر من غيرهم في التكيف مع البيئات أو الظروف المتغيرة لأن بمقدورهم تقييم المعلومات الجديدة وفهم مضامينها.
10. الأعتبارات الأخلاقية: يتضمن التفكير النقدي غالبا دراسة المضامين الأخلاقية للقرارات التي يتم اتخاذها مما يؤدي الى اختيارات سليمة مؤطرة أخلاقيا.
11. الحيلولة دون حصول المشكلات: بمقدور المفكرين النقديين أن يحولوا دون حصول بعض القضايا من خلال القدرة على أستقراء التحديات المحتملة وتقييم الحلول المختلفة.
12. تعزيز الأبداع: فيما يبدو ان التفكير النقدي والأبداع عنصران متضادان فاالتفكير النقدي يعمل في الواقع على تعزيز الأبداع من خلال تشجيع السعي للوصول الى فهم أعمق للمشكلات مما يشي بحلول ابتكارية.
أهمية التفكير النقدي للطلبة
يحظى التفكير النقدي بأهمية بالغة للطلبة لأنه يزودهم بالقدرات اللازمة للتحليل والتقييم والتوصل الى الأستدلالات المنطقية المستمدة من كمية المعلومات الهائلة المتاحة. وفي عالمنا المتغير بسرعة كبيرة والمتخم بالمعلومات يواجه الطلبة في الغالب وجهات نظر ومعلومات وحوارات متنوعة. لذا فان امتلاك مهارة التفكير النقدي تعينهم على تمييز مدى صحة مثل تلك المعلومات وصلتها والتمييز بين الرأي المجرد والحقائق المستندة الى الأدلة. كما أنه يعزز القدرات على حل المشكلات ويشجع الطلبة على التعاطي مع التحديات بذهنية متفتحة واستقصائية بدل الركون الى عملية الحفظ عن ظهر قلب أو القبول السلبي. وحين ينتقل الطلبة الى التعليم العالي وكذلك ميدان العمل تعمل مهارات التفكير النقدي على وضع الأساس للتعلم مدى الحياة، كما أنها تتيح لهم الفرصة للمساهمة الفاعلة في الحوارات وعمليات صنع القرارات في مجالات عملهم.
أهمية التفكير النقدي في الحياة الأكاديمية
يؤدي التفكير النقدي في الحياة الأكاديمية دورا محوريا في تعزيزرصانة التعليم وجودته. والمعلوم أن العمل الأكاديمي يتميز بالأفكار المعقدة والنظريات المتنافسة وتوفر معلومات هائلة متنوعة. لذا يتعين على الطلبة أن يتعاملوا مع مثل هذه البيئة بفاعلية من خلال القدرة على تقييم الأدلة والتعرف على أوجه الترابط المنطقي وتمييز الأنحيازات وتحدي الأفتراضات. ثم ان التعامل النقدي مع المواد الدراسية الأكاديمية يفسح المجال للمتعلمين لأستيعاب المواضيع بشكل عميق وليس الأقتصار على الفهم السطحي لها فحسب.
ومثل هذا التوجه لايقتصر على تنشيط ذاكرة المتعلمين فحسب، أنما سوف يسمح لهم بربط المعرفة الجديدة بالفهم السابق مما يؤدي الى جعل الخبرة الأكاديمية أكثر ثراء. أضف الى ذلك، تساعد قدرة التفكير النقدي المطورة على أعداد الطالب للدراسات المتقدمة التي تتصف بالبحث المستقل وصياغة الفرضيات والنقاشات الدقيقة.
مدى استفادة الطلبة من التفكير النقدي
يمكّن التفكير النقدي الطلبة من خلال تزويدهم بالأدوات اللازمة للقيام بعمليات تقييم المعلومات وتحليلها وتركيبها وبذا يمهد السبيل لصنع القرارات الصائبة وحل المشكلات. ويتجه الطلبة ممن يتحلون بمهارات التفكير النقدي المصقولة الى استنطاق المحتوى بفاعلية مع السعي لفهم صلة هذا المحتوى وصحته ومضامينه بدلا من تقبل المعلومات دون تمحيص.
أن هذه القدرة تعززالأستيعاب وتجعل المعرفة المكتسبة ذات معنى وقابلة للتطبيق. ثم أن التفكير النقدي يساعد الطلبة في تحديد الأنحيازات وتحاشي المغالطات، فضلا عن الخوض في تعقيدات الحوارات متعددة الأوجه. وأضافة الى أسهام التفكير النقدي بتقوية الأداء الأكاديمي للطلبة فانه يؤهلهم أيضا للتحديات الحقيقية حين يرون أنفسهم في المستقبل ينفذون عبر كميات هائلة من المعلومات التي تحتم اتخاذ قرارات سليمة.
كيفية تطوير الطلبة مهارات التفكير النقدي
في أدناه بعض الطرق العملية لتعزيز مهارات التفكير النقدي لموضوع ما أو مادة دراسية. ويتعين على كل من أعضاء هيئة التدريس والطلبة أن يكونوا مبدعين بهدف ممارسة التفكير النقدي بفاعلية.
1. طرح التساؤلات: من الضروري جدا طرح المزيد من الأسئلة لتحسين مهارات التفكير النقدي فبزيادة الأسئلة التي يطرحها الطالب تزداد معها رغبته وحبه الأطلاع والتعلم. والأسئلة تساعد الطالب على أيضاح أفكاره وتسهيل عملية تشكيل المفاهيم والتحليل.
2. تحديد الموضوع بموضوعية: حين يقدح موضوع محدد في ذهن الطالب، بصرف النظر عن نوع ذلك الموضوع، فان عليه أن يفكر فيه مليا وبموضوعية. وتتمثل الخطوة الأولى في تشخيص المزايا والعيوب، وهذا الأمر لابد أن يعزز فهم الطالب للموضوع، وأن أي سؤال لاحق سوف يستند الى الخطاب المنطقي.
3. دراسة التفرعات: يمكن للمرء أن يصل الى أنواع مختلفة من الخيارات من خلال طرح الأسئلة، لكن عليه أن لايتسرع في اتخاذ القرار مما سوف يساعده في حل قضاياه.
4. تعلم الأصغاء الفعال: على الطالب أن يصغي جيدا قبل أن يكون مفكرا ناقدا، وربما يطرح الطالب الكثير من الأسئلة لبلوغ ضالته لكنه لابد أن يصغي بأهتمام لأجابات أستاذه. أصغ الى أفكار الآخرين ووجهات نظرهم وأفكارهم لأنها سوف تساعدك في أختياراتك.
5. مواصلة القراءة: تنشا معلومات محدودة من النقاشات والملاحظة، فأذا ماعمد الطلبة الى جعل القراءة جزءا من عاداتهم الروتينية اليومية فأنهم سوف يعرضون أذهانهم الى مختلف المفاهيم والنظريات. أن الكتب العظيمة تضم بين دفتيها أفكار النخبة من أعظم العقول العالمية ووجهات نظرهم، وهذا سوف يحفز الطلبة لتبني أفكار مختلفة لبعض المواد التي سوف يقرأونها. القراءة أذن تعمل على تطوير التفكير النقدي وتقدم في الوقت ذاته تقييما أفضل للكيفية التي ينظر فيها القراء الى الفلسفات والأفكار من زاوية مختلفة وهذا بدوره سوه يحسن من فهم الموضوع.
6. الحوارات مع الطلبة الاخرين: لاتعتبر معرفة الطالب بموضوع معين أمرا كافيا، فعلى الطالب أن يعي في العادة أن التعلم عملية متواصلة تؤدي على نحو تدريجي الى أحداث تغيير نافع ومستمر. لذا يتعين على الطالب أن يشارك باستمرار في المناظرات والحوارات مع نظرائه الطلبة لتحقيق مثل هذا الهدف. وسوف يشعر الطلبة بأنهم يندمجون أكثر فأكثر بالمواضيع الجديدة وفي عملية الفهم. كما أنهم سوف يتعلمون كيفية فهم مختلف وجهات النظر فضلا عن أنهم سوف يستوعبون كيفية فهم الطلبة الآخرين بموضوع معين.
خلاصة
يمثل التفكير النقدي أهمية كبيرة في العملية التعليمية ويعتبر واحدا من أهم القدرات المعرفية التي يتعين رعايتها. والمرء الذي يمارس التفكير المتروي والدقيق لابد أن يشعر بـآثار ذلك الأيجابية على حياته الشخصية والمهنية. كما أن مواصلة أستثمار مهارات التفكير النقدي قدر المستطاع سوف تغني حياة المرء الى حد بعيد.
www.jetlearn.com/blog/importance-of-critical-thinking-for-students
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط