حسن احمد عبدالله
لماذا يعود القرار الدولي 1701 بشأن وفق العمليات الحربية بين لبنان واسرائيل الى الواجهة مجددا، وما الهدف من جعله هدفا، فيما هو في الاساس ينطوي على الكثير من العوار القانوني الدولي، ولا يحترم الحدود الدنيا للحقوق اللبنانية الشرعية، ولماذا تصر تل ابيب وواشنطن على تطبيقه، وتعود في كل مناسبة الى التذكير به؟
ان هذا القرار صدر في وقت كانت الديبلوماسية اللبنانية منفصمة عن الوقائع على الارض، وبالتالي لا يلبي اي من الاهداف المشروعة في القانون الدولي، كما انه مجتزأ من الوقائع التاريخية، ففي استناده على القرارات السابقة التي صدرت منذ العام 1978، فانه يعتبر مكملا لها، وليس مفصلا عنها،خصوصا القرار 425، لهذا فان التشديد الاميركي- الاسرائيلي على تطبيقه، والتزام الحكومة اللبنانية به، وتأكيدها كل مرة على ضرورة التزامه، انما ينافي الواقع، بل يجعل لبنان مكشوفا على كل الاخطار، اكانت داخلية او خارجية.
لهذا لا بد من النظر في محتوى هذا القرار الذي اليوم ثمة بعض الدوائر الدولية تعمل على جعله اساسا في اي قرارات دولية تصدر بشأن الوضع في غزة، التي لا تنظر بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، انما تنطوي على اغفالها من اجل تكريس فكرة قديمة مبنية على مقول هرتزل: “هذه الارض بلا شعب لشعب بلا ارض”، وهي منافية لمنطق التاريخ والواقع، لكن جرى البناء عليها في الذهنية الصهيونية من اجل تبرير مخططها لبناء دولة على ارض ليست لها، ووليس لها اي حقوق تاريخية فيها.
ان استحضار روح القرار 1701 اليوم، هو نفسه لاستحضار مخطط ديفيد بن غوريون الذي كتاب في مذكراته عام 1947 “اتخذنا قرارا بتعيين ماكليف قائدا للواء الكرمل، ومهمته احتلال جنوب لبنان بواسطة قصف صور وصيدا وبيروت من الجو، فلبنان هو الحلقة الاضعف، ومن السهل تقويضه، ويجب اقامة دولة مسيحية فيه، يكون نهر اللبطاني حده الجنوبي”.
هذا الهدف لم يغب عن بال المسؤولين الصهيانة طوال العقود الماضية، ولهذا دائما شدد تل ابيب على ان تكون منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح، بل طالبت في مرات عديدة بطرد اصحاب الارض الشرعيين الى ما بعد تلك المنطقة، وبالتالي اذا اخذنا بالاعتبار اللغم الذي وضع بالقرار 1701، وهو عدم الاعتراف بحق لبنان ممارسة حقوقه المشروعة بمقاومة اي عدوان، بل اكثر من ذلك، عدم الاعتراف بالحدود اللبنانية المرسمة في العام 1923، وجعل المنطقة “بين الخط الأزرق والليطاني خالية من أي مسلحين أو ممتلكات أو أسلحة غير تلك التي تنشرها في المنطقة الحكومة اللبنانية وقوة الطوارئ الدولية المسموح بها”.
واذا اخذنا ان الحكومة اللبنانية ليست لديها القدرة على تأمين العديد الكافي من الجيش، وفقا لاتفاق الهدنة الموقع في 23 اذار/ مارس عام 1949، الذي حدد فيه العديد والعتاد، فيما سمح لاسرائيل بحرية الحركة، ولم يفرض عليه الشروط القاسية، فإن ذلك يعني ان تصبح تلك المنطقة منزوعة السلاح،وهو مقدمة لتكريس الهيمنة الاسرائيلية عليها.
واذا عدنا الى مخطط، بعد ازمة الفلاشا، باقامة مستعمرة لهم في تلال كفرشوبا، يعني ذلك ان الاستطيان في جنوب لبنان لم يترك بعد التطورات التي شهدها الصراع مع اسرائيل وخصوصا بعد تحرير المناطق المحتلة، وعدم الاعتراف الاسرائيلي بلبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقرى السبع المحتلة، تمام على غرار الاحتيال على “اتفاق اوسلو” الذي منذ 30 عاما الذي لم ينفذ، بل اصبحت المناطق المنصوص عنها فيه كالغربال بسبب المستعمرات الاسرائيلية، لا سيما في الضفة الغربية.
كان من الخطأ الفادح موافقة الحكومة اللبنانية على القرار 1701، لانه يقوض الاساس الذي قام عليه القرار 425، القاضي بانسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية من دون قيد او شرط، لكن الشيطنة السياسية والديبلوماسية التي سكنت تفاصيل الاتصالات حينها دفعت الى اضعاف موقف لبنان الرسمي، وهذا ما يجري اليوم بالنسبة الى قطاع غزة والضفة الغربية، اذا سارت الامور وفق الاجندة الاسرائيلية- الاميركية.
كاتب وصحافي لبناني