اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة النمل (ح 137)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب رفع الشبهات عن الانبياء عليهم السلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: داوود وسليمان عليهما السلام: قال تعالى “قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ” (النمل:38). هل كان سليمان فعلا ً لا يستطيع أن يأتي بعرش بلقيس ملكة سبأ ,وإذا قلنا لا يقدر. أليس في هذا دليل كافي على جواز إمامة المفضول على الفاضل؟ وإلا فما وجه الحكمة من طلبه عليه السلام مع قدرته على إنجاز نفس العمل؟ الجواب: بسمه تعالى: الوجه في ذلك تعريف الآخرين في مختلف الاجيال بان هذا المعنى ممكن وله عدة أساليب في الإنجاز وان أصحابه وهم الأقل منه يستطيعون ذلك فكيف به؟ مضافا ً الى إمكان القول: ان التفضيل بالنبوة إنما يعتبر في علم آخر غير هذا العلم أو قل : أنه يعتبر في العلم العقلي لا في العلم العملي وهي زيادة الكرامات والمعجزات. فان مجرد زيادة ذلك لا يؤهله للنبوة. فمن الممكن أن يكون سليمان عليه السلام أكثر في العلم العقلي وأولئك أكثر في العلم العملي. ولا ينافي ذلك منصب النبوة والرسالة.

جاء في خطبة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: في الحقيقة البلاء الدنيوي اذا لاحظناه منسوبا الى قضاء الله وقدره كالفقر أو التعرض للشمس او انقطاع الماء او انقطاع الكهرباء وان كان صعبا ويحتاج الى صبر وجلد ومعاناة الا انه يحدث نتائج طيبة في الدنيا والآخرة معا. أما في الآخرة فعلو الدرجات وكلما كانت الدنيا أصعب وبلاؤها أكثر كانت الآخرة أسهل وكلما كانت الدنيا ادنى كانت الآخرة أعلى، ولنا أسوة بالحسين ليه السلام الذي قيل له: (لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة)، اي إلا بالمصاعب الدنيوية الشديدة وهو ما وقع في حادثة الطف. وأما فوائدها في الدنيا فهي قوة التحمل فان طاعة الله لو لوحظت عموما احتاجت الى تحمل عالي جدا وصبر حقيقي وليست طاعة الله في الصوم والصلاة فقط، ومن هنا فمن الراجح جدا أن لا نكون، وقليلين التحمل بل نكون صابرين وصامدين تجاه طاعة الله سبحانه وتعالى والمهم اننا لا نكون متخاذلين وغير متعودين على المصاعب وإنما موكولين الى الرفاه والراحة ونحو ذلك من الأمور والبرد والظل. فأمثال هؤلاء في الحقيقة، غير ممحصين وغير صابرين وفي الامكان ان يتركوا طاعة الله في اية لحظة حينما تراد منهم اية صعوبة، لاحظوا لأنه سوف يواجه ضغطا نفسيا عاليا في صعوبة العمل وصعوبة أن يترك دنياه لآخرته ويغض النظر عن العاجل لأجل الآجل. وأما واحد مثل اي واحد الذي ليس له دنيا لو صح التعبير، اعتاد على مصاعبها وآلامها وحرها وبردها و شمسها وظلها وصيفها وشتائها وانقطاع مائها وانقطاع كهربائها فسوف يكون مستعدا لطاعة الله سبحانه مهما كان الأمر ومهما غلى الثمن لأنه صبر عند المحنة الدنيوية فلماذا لا يصبر عند المحنة الأخروية فهو متدرب على الصبر وناجح في التجربة. ومن هنا فهذه المصاعب، ان نسبناها إلى المخلوق والمسبِب كان مسؤولا بطبيعة الحال، وأما إذا نسبناها إلى الله سبحانه وتعالى فهو لا يريد بنا الا الخير، إلا انه يريد بنا طاعته والتكامل نحو كماله ونوره ويريد لنا الجنة بطبيعة الحال. وإذا التفتنا إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا الا وسعها من البلاء الدنيوي، فيجب ان نفتخر ان الله سبحانه وتعالى رأى فينا جدارة التحمل لهذا البلاء الكبير لكي يدربنا للمهام التي قد تراد منا في هذه الدنيا مع العلم بتوقع الظهور اجمالا صباحا ومساءا، فاذا ظهر الإمام سلام الله عليه فسوف نكون بخدمته أياً كان طلبه و سؤاله. على العموم أنا أعتقد ان الاستعمار يريد بهذا الطريق وبهذه الضغوطات والبلاءات ان يذل إرادتنا وأن ينقص همتنا وان يبعدنا عن ديننا، لا، حسب الطبع الانساني وليس لأجل شيء خاص بنا او بسيد محمد الصدر أن الإنسان إذا صبر يتدرب على الصبر ويكون صبره اكثر وصبره أشد وإرادته للهدف الحقيقي أعظم، فينقلب عما أرادوا الى ما يريد الله سبحانه وتعالى وليس الى ما يريده سيد محمد الصدر. الآن لأجل تذكر انقطاع الكهرباء الآية الكريمة : “أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ” (النمل 62). الآن يعود الكهرباء طبيعيا في كل العراق بأعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد، أعيدوها ثانية بأعلى أصواتكم جزاكم الله خيرا، أعيدوها ثالثة و ثوابكم على الله ورسوله وفاطمة الزهراء. الشيء الذي كنا نقوله كمادة مستمرة في كثير من هذه الخطب هو مناقشة الماديين وإثبات تدبير الله سبحانه وتعالى في كونه، وكان العنوان الاخير التعرض الى تلك الأمور التي عجز العلم الاوربي الحديث أو العلم الطبيعي عن تفسيره. من جملتها: جريان الدم وضربات القلب، اما سألت نفسك او سألك احد، أنه لماذا يجري الدم ولماذا يضرب القلب او يتحرك او ينبض؟ لماذا؟ نسأل الماديين الطبيعيين، ربما يجيبون على اوضح احتمال أن الدم يجري لأجل ضربات القلب، ان القلب يضخ الدم في الجسم، فلماذا يضرب القلب وبأي سبب يتحرك، اهنا بالعكس، أن الدم يجري فيحرك القلب، هذا صار سببا لهذا وهذا سبب لهذا، وهذا هو الدور بعينه باصطلاح المنطق ان أ يتوقف ب، وب يتوقف على أ، فلا يوجد لا أ ولا ب، تصير المسألة مستحيلة، فلا أن جريان الدم بسبب ضربات القلب ولا ضربات القلب بسبب جريان الدم، لاحظوا؟. نسألهم ان اليد تكون ممتدة هكذا او الرجل او الجسم يجري فيها الدم اعتيادي على العين والرأس شكرا لفضل الله، لو كان القلب هو السبب كمضخة أو كمحرك، لاختلف أثره بطبيعة الحال، مع العلم انه يقينا انه لا يختلف أثره بطبيعة الحال. الشيء الآخر في الدم ايضا: ان الدم يتوزع في كل أعضاء الجسم الداخلية والخارجية من شحم وعظم ولحم وجلد، مجاري شعرية في غاية الدقة بحيث لا ترى الا بالمجاهر المكبرة، الدم سائل كالماء او ثخين؟، فيه كريات حمر وفيه كريات بيض، هذا السائل به اشكال مختلفة من المكونات هل يستطيع ان يدخل في المجاري الشعرية الضيقة جدا، من قمة الرأس الى أنزل القدم، سبحان الله.

جاء في بحث حول الرجعة لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: من إثبات روايات الرجعة :الحاجة إلى إيصال المجتمع الإسلامي إلى أفراده يعني المحاسبة في الدنيا قبل يوم القيامة. وهذا ما دل عليه القران الكريم بعدة أساليب منها انجاز هذه المحاسبة في مستقبل الدهر، بالنسبة إلى أيامنا المعاصرة. وذلك بظهور دابة الأرض، المفسرة بالروايات عن المعصومين عليهم السلام برجوع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى الدنيا للقيام بهذه المهمة. وذلك قوله تعالى “وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ” (النمل 82).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here