لم يتمكن سامر التخلص من الإيجارات التي أثقلت عليه الحياة، ولا يستطيع في الوقت ذاته شراء دار سكني في بغداد، بسبب غلاء العقارات بشكلٍ مهول.
ويقول الموظف سامر نبيل، خلال حديثه لـ(المدى)، إن “الإيجارات اتعبتني كثيراً، لا استطيع العيش براحة أو بسلام، بسبب كثرة التنقل من منطقة إلى أخرى”.
ويضيف، أن “الاستقرار في بغداد وبعض المحافظات أمر صعب وشبه مستحيل، فلا يمكنك شراء شقة أو بيت في ظل الأسعار المبالغ بها، وغياب الدور الحكومي في مراقبتها ووضع الحلول لهذه الظاهرة المرعبة”.
ويتابع نبيل، أن “الكثير من أصحاب الدخل المحدود توجهوا إلى شراء قطع أراضي في المناطق العشوائية من أجل بنائها، فضلاً عن أشخاص غادروا العراق إلى الخارج لرخص العقارات هناك”.
يقول الباحث الاقتصادي، عمر أحمد حسين، خلال حديث لـ(المدى)، إن “السبب الرئيس في ارتفاع أسعار العقارات في العراق، هو توجه الأشخاص ذوي الكسب غير المشروع على العقار من أجل تبييض أموالهم وتخليص العقار من المحاسبة الضريبية”.
ويضيف، أن “انعدام الرقابة الحكومية للسيطرة على قطاع العقارات، تسبب بارتفاعها الجنوني، فضلاً عن قلة القوانين الضريبية التي تحاسب المتاجرين والمضاربين بأسعار العقارات”.
ويتابع حسين، أن “الارتفاع المهول في اسعار العقارات سوف يؤدي إلى انهيار السوق في النهاية، كما حصل في بلدان مشابهة”.
المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، يقول في حديث لـ(المدى)، إنه “وفق نظرية العرض والطلب الاقتصادية فأن الاسعار تزداد إذا قل المعروض، وتنخفض إذا زاد المعروض وقل الطلب، وفي ظل قلة المعروضات من الوحدات السكنية زادت عملية الطلب على الوحدات فارتفعت أسعارها وهذا ما تشهده بغداد والمحافظات الأخرى”.
ويضيف، أن “هناك فجوة واضحة في قطاع السكن بسبب قلة المشاريع الاسكانية خلال السنوات الأخيرة، ومشاريع القطاع الخاص لم تغطي الحاجة بالكامل”، مشيراً إلى أن “بغداد تحتاج حوالي 750 ألف إلى 800 ألف وحدة سكنية”.
ويستطرد، أن “العمل يجري الآن لتنفيذ عدة مجمعات سكنية في مختلف محافظات العراق، وستكون بمبدأ الاستثمار ولكن هناك 20% من حصة الحكومة لتوزيعها على ذوي الدخل المحدود والفقراء لمعالجة ظاهرة السكن العشوائي”.
ويكمل الهنداوي، إن “هناك توجها لفتح آفاق استثمارية جديدة في قطاع السكن عبر استقطاب الشركات التي تنفذ مشاريع سكنية كبيرة في البلاد بعدما يتم تحديد المناطق المناسبة”.
ويتابع، أن “وزارة التخطيط تعمل من خلال ستراتيجية لمكافحة الفقر لسنوات المقبلة”، لافتاً إلى أن “هناك مساحة لتوفير السكن للأسر الفقيرة في المحافظات كافة”.
يشار إلى أن “سوق العقارات في العراق يشهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الثلاث الماضية، حتى وصلت الأسعار إلى مستويات غير اعتيادية خصوصاً في بغداد، التي تعد الأغلى بين المحافظات العراقية، تليها كربلاء والبصرة والأنبار، ثم النجف”.
ويرى مختصون أن “أسباب ارتفاع أسعار العقارات ترجع إلى الأمان الذي تتمتع به المدن التي تُبنى فيها، ووجود أصحاب رؤوس الأموال، وتسهيل إجراءات عملية الاستثمار، في المقابل تنخفض أسعار العقارات عندما تتردى الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية”.
وبحسب البنك المركزي فأن عملية بيع أي عقار تتجاوز قيمته 500 مليون دينار عراقي (378 ألف دولار)، ستكون مشروطة بوضع الأموال في المصارف وإعطاء إشعار لدائرة التسجيل العقاري قبل البدء بمعاملة نقل الملكية، مبيناً أن هذه الخطوة ستشمل جميع عمليات البيع والشراء في العقارات خلال الأشهر المقبلة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط